زيادة الإيمان ونقصانه
زيادة الإيمان ونقصانه
ذهب جُمهور المُحدّثين من السلف والعديد من العلماء والمُتكلّمين إلى أن الإيمان يزيدُ بالطاعة، وينقُص بالمعاصي، واستدلّوا بالعديد من الأدلة، كقول الله -تعالى-: (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا)، وقوله -تعالى-: (وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا)، وغيرها من الأدلة، وإيمان أبي بكر -رضي الله عنه- مثلاً أرسخ وأقوى من إيمان آحاد الناس، ويزداد الإيمان بالبُعد عن الشك، وينقص بتطرُّق الشك إليه، فإيمان الصّدّيقين أرسخُ من غيرهم؛ لأن الشك لا يتطرّق إلى إيمانهم، وتبقى قُلوبهم مُنشرحة وثابتة، حتى وإن تغيّرت الظُروف والأحوال، أمّا سواهم من المؤلّفةِ قُلوبهم فليسوا بدرجتهم.
أسباب زيادة الإيمان ونقصانه
أسباب زيادة الإيمان
توجد العديد من الأسباب التي تؤدّي إلى زيادة الإيمان، ومنها ما يأتي:
- العلم النافع: أي العلم المُتعلّق بكتاب الله -تعالى-، وسُنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وتعلّم مسائل الحلال والحرام، وغير ذلك من العُلوم التي تُقرّب العبد من ربّه -عز وجل-.
- قراءة القُرآن وتدبُّره: لِما فيه من الهُدى والنور الذي يُنير لصاحبه طريق الإيمان، لقول الله -تعالى-: (وَهـذا كِتابٌ أَنزَلناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعوهُ وَاتَّقوا لَعَلَّكُم تُرحَمونَ)، فالقُرآن من أعظم مُقوّيات الإيمان وزيادته؛ لِما فيه من الأخبار، والأحكام، والاتّعاظ، والاعتبار.
- معرفة الله -تعالى-، ومعرفة أسمائه وصفاته : والانشغال بفهمها ومعرفتها؛ فهي أشرف العُلوم وأفضلها، وتدعو إلى محبة الله -تعالى-، والزيادة من خشيته، وإخلاص العمل له، وفي معرفة ذلك أيضاً تحقيقٌ لمعنى العُبودية التي خُلق الإنسان من أجلها، فيقوم بما يأمُره الله -تعالى- به، ويبتعد عما ينهاه عنه، بالإضافة إلى أنها أول أركان الإيمان وأصلها.
- قراءة سيرة السلف الصالح: وهُم أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وتابعيهم بإحسان، وهم خير الناس والقُرون، فالصحابة رأوا النبي -عليه الصلاة والسلام-، وشاهدوا أفعاله، فمن تأمّل حالهم، وقرأ عنهُم، فإنه يُحبُّهم، ويقتدي بهم؛ لِما كانوا يتّصفون به من التنافس في الخير، والإقبال على الطاعة، والخوف من الرياء والنفاق.
أسباب نُقصان الإيمان
توجد العديد من الأسباب التي تُؤدّي إلى نُقصان الإيمان ، فيحرص المُسلم على الابتعاد عنها، ومنها ما يأتي:
- الجهل بِأُمور الشرع والدين، والميل إلى الدُنيا والانبهار بزينتها وزُخرفها.
- النسيان، والغفلة، والإعراض، وفعل المعاصي والذُنوب.
- البُعد عن الأسباب التي تُؤدّي إلى زيادة الإيمان، وإهمالها.
- صديق السوء، ومجالس اللهو، واتّباع الشيطان وخُطواته.
علاقة العمل بالإيمان
يُعرّف الإيمان بأنه تصديق القلب وإذعانه بما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام- من عند الله -تعالى-؛ كالنبوّة، واليوم الآخر، والبعث، والحساب، والتشريعات؛ من الصلاة، والزكاة، والحج، وغير ذلك، ولأنّ الإيمان أمرٌ باطنٌ جعله الإسلام منوطاً بالنُطق بالشهادتين، فتجري عليه أحكام المؤمن في الدُنيا من الصلاة عليه عند موته، والإرث، والزواج، وغيرها من الأحكام. ويُعدّ العمل من كمال الإيمان وشرطٌ له عند أهل السُنة، فمن آمن وعمل فقد بلغ الكمال في الإيمان، ومن آمن وترك العمل لم يبلُغ الكمال؛ بشرطِ أن لا يكون تركُه للعمل من باب العِناد أو الشك أو الاستحلال، وإلا فإنه يكون خارِجاً عن الإيمان بسبب ذلك، لِذا فلا يُمكن اعتبار العاصي أو الفاسق كامل الإيمان، ولكن يدخُل في قول الله -تعالى- في الحديث القُدسيّ: (أخرجوا من كانَ في قلبِه وزنُ دينارٍ منَ الإيمانِ، ثمَّ من كانَ في قلبِه وزنُ نصفِ دينارٍ، ثمَّ من كانَ في قلبِه مثقالُ حبَّةٍ من خردلٍ)، وعليه فيكون من أهل الجنة ؛ لأن الإيمان تصديق القلب، ونُطق اللِسان، ولا يلزم من انتفاء الأعمال انتفاء الإيمان، فالمصدِّق التارك للعمل عند أهل السُنة يرون بقاءه في الإيمان؛ لبقاء أصل الإيمان عنده وهو التصديق بالقلب.