أسباب الثعلبة وعلاجها
أسباب الإصابة بالثعلبة
على الرغم من تعدد ما يتمّ طرحه من أمور من شأنها التسبّب بالثعلبة (بالإنجليزية: Alopecia areata)، المعروف أيضًا بالثعلبة البقعية أو بقعة الصلع إلّا أنّ السبب الحقيقي لا يزال مجهولًا، حيثُ يسود الاعتقاد بأنّ العامل الوراثي ، والبيئي، والنفسي؛ كنوبات التوتر والقلق الحادّة قد تلعب دورًا في تطوّر الثعلبة، وبشكلٍ أساسي تُشكّل الثعلبة مرضًا مناعيًّا يتمثل بمهاجمة جهاز المناعة لبُصيلات الشعر الصحيّة عن طريق الخطأ، إذ يتعامل معها على أنّها أجسام غريبة، ويترتب على ذلك التسبّب بجعل هذه البُصيلات أصغر حجمًا وأبطأ إنتاجًا، وبالتالي توقّف نمو الشعر، وفيما يلي بيان لأبرز العوامل التي من شأنها المُساهمة في تطوّر الثعلبة:
- العامل الجيني والوراثي: على الرغم من أنّ سبب هذا الخلل المناعي غير واضح إلّا أنّ العلماء يرجّحون أن يكون محمولًا على الجينات ، فمن المُحتمل إصابة الشخص بالثعلبة إذا كان أحد أفراد عائلته المقربين مصابين بهذا المرض، وتُشير المؤسسة الوطنية للثعلبة البقعية (بالإنجليزية: National Alopecia Areata Foundation) إلى أنّ الثعلبة قد تنتشر في العائلات، إلّا أنّها تحتاج إلى مساهمة جينات كلا الأبوين في نقلِها إلى أبنائهم، وهذا مُغاير للعديد من الأمراض الموروثة .
- العامل البيئي: قد يلعب دورًا مهمًّا في ظهور الثعلبة، وما يُثبت دوره احتمالية ظهور الثعلبة لدى أفراد التوائم المُتطابقة بما نسبته 50% فقط، وذلك وفقًا لما نشرته مجلة الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية (بالإنجليزية: Journal of the American Academy of Dermatology) في عددها لسنة 2009م، مما يؤكد عدم انفراد العامل الوراثي بإحداث الثعلبة ولما للعامل البيئي من ضرورة، وفي هذا السّياق يُشار إلى مُعاناة بعض الأشخاص من تساقط الشعر بعد مرورهم بحدثٍ مُعين؛ كالمرض، أو الحمل، أو الصّدمة ، ومع ذلك فإنّه لا يُمكن اعتبار الأحداث الصعبة ضمن قائمة الأسباب الرئيسية للثعلبة، بل هي عامل خطر يُحفز وجودها عوامل رئيسية أخرى موجودة بالفِعل لدى الأشخاص المُعرضين للإصابة بالثعلبة.
في النهاية لا بدّ من الإشارة إلى أنّ الإصابة بالثعلبة لا تعني الصّلع الدائم، فعلى الرغم من أنّه كلما زاد عدد بُصيلات الشعر التي يُهاجِمها الجهاز المناعي زاد تساقط الشعر؛ إلّا أنّ الجهاز المناعي نادرًا ما يُدمر هذه البصيلات بالكامل، ممّا يعني أنّ الشعر قد ينمو من جديد من تلقاء نفسه إذا ما قلّ معدل تساقط الشعر.
الأشخاص الأكثر عرضة للثعلبة
على الرغم من أنّ الثعلبة البقعية تُصيب الرجال والنّساء على حدٍّ سواء بغض النّظر عن أعراقهم، إلّا أنّه يُرجّح أن تكون الفئات التالية أكثر عُرضة للإصابة بالثعلبة:
- الأفراد الذين لديهم أقارب مصابون بالثعلبة.
- استخدام أنواع مُعينة من الأدوية، مثل دواء نيفولوماب (بالإنجليزية: Nivolumab) المُستخدم في علاج أنواع مُعينة من السّرطانات المُنتشرة؛ خاصّة سرطان الرئة وسرطان الخلايا الصبغية (بالإنجليزية: Melanoma)، حيثُ يبدأ تساقط الشعر الذي يُسبّبه دواء نيفولوماب بعد بضعة أشهر من البدء بالعلاج والذي يُمكن اعتباره دليلًا على فعالية الدواء، ولكن لا يشمل ظهور الثعلبة جميع الأشخاص الذين خضعوا لهذا العلاج، ممّا يُشير إلى ضرورة البحث بشكلٍ موسّع عمّا إذا كان النيفولوماب يُشكّل بالفِعل عامل خطر يُحفّز الإصابة بالثعلبة أم لا، وتجدر الإشارة إلى إمكانية علاج هذا النّوع من تساقط الشعر باستخدام أدوية الكورتيكوستيرويدات (بالإنجليزية: Corticosteroids) التي تُطبّق على موضِع الصلع في سبيل تعزيز نمو الشعر من جديد، دون الحاجة لإيقاف علاج السرطان .
- العرق اللاتيني والعرق الأسود وذلك وفقًا لدراسة كبيرة أُجريت في الولايات المتحدة على مجموعة ممرضات، إلّا أنّ هذا الأمر لا يعدّ مُنِصفًا ولا يُمكن تعميمه، ويتطلّب الأمر إجراء دراسات أوسع وأشمل لدول وفئات أخرى.
- الأشخاص دون سنّ الثلاثين، ويُشار إلى أنّ مرض الثعلبة يبدأ في مرحلة الطفولة وسن المراهقة في الكثير من الحالات.
- الأفراد اللذين يُعانون من أمراضٍ مُعينة؛ مثل: امراض الغدة الدرقية المناعية، والنوع الأول من السّكري، والربو (بالإنجليزية: Asthma)، وحمّى القش (بالإنجليزية: Hay fever)، والتهاب الجلد التأتبي (بالإنجليزية: Atopic dermatitis)، والبُهاق (بالإنجليزية: Vitiligo)، ومتلازمة داون (بالإنجليزية: Down's syndrome)، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أنّ نقص فيتامين ب12 أو فيتامين "د" قد يرتبط بالإصابة بمرض الثعلبة.
علاج الثعلبة
لا تحتاج جميع حالات الثعلبة إلى علاج، ففي الحالات الخفيفة من المُرجّح أن يعاود الشعر نموّه من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى علاج، وفي حالاتٍ مُعينة تُستخدم الأدوية المُحفّزة لنمو الشعر مع ضرورة التأكيد على أنّ هذه الأدوية لا تُعالج الثعلبة بحدّ ذاتها وإنما تُعالج تساقط الشعر، ويجدُر التنبيه إلى ضرورة استخدام الأدوية الآمنة والتي لا يترتب على استخدامها إلحاق تأثيراتٍ ضارة بالصحّة العامة للفرد، ويُمكن بيان أبرز علاجات الثعلبة على النّحو الآتي:
- العلاجات الموضعية: والتي تشمل الستيرويدات (بالإنجليزية: Steriods)، والتركيبة التي تحتوي على كلٍّ من بماتوبروست (بالإنجليزية: Bimatoprost) ولاتانوبروست (بالإنجليزية: Latanoprost)، ودواء مينودوكسيل (بالإنجليزية: Minoxidil) الذي يستخدم عادةً مع الكورتيكوستيرويدات الموضعية أو تلك المحضّرة على هيئة حقن داخل الآفة (بالإنجليزية: Intralesional Corticosteroids)، ويُشار إلى أنّ الحقن داخل الآفة يُعدّ أكثر فعالية في علاج تساقط الشعر نظرًا لأنه يصِل إلى أعماق فروة الرأس بما يُحاكي طبيعة الثعلبة التي تؤثر في أعماق الفروة ، ولعلاج الحالات الأكثر انتشارًا قد يتمّ استخدام خياراتٍ أخرى؛ ومنها: دواء الأنثرالين (بالإنجليزية: Anthralin) الموضعي أو كريم الديثرانول (بالإنجليزية: Dithranol)، أو أدوية العلاج المناعي الموضعية؛ مثل دايفينسيبرون (بالإنجليزية: Diphencyprone)، والدينيتروكلوروبنزين (بالإنجليزية: Dinitrochlorobenzene)، وحمض الأسكوريك ثنائي بيوتيل الإستر (بالإنجليزية: Squaric acid dibutylester).
- العلاجات الجهازية: لا يُنصح باستخدام العلاجات الجهازية في العادة بشكلٍ روتيني، وأمّا عن الأنواع التي قد تُوصف في هذه الحالات فهي تشمل الكورتيكوستيروات الفموية والأدوية المثبطة للمناعة ؛ مثل السايكلوسبورينات (بالإنجليزية: Cyclosporins)، والسفاسالازين (بالإنجليزية: Sulfasalazine)، والميثوتريكسات (بالإنجليزية: Methotroxate).
- علاجات أخرى: مثل مُثبِّطات إنزيمات كيناز الجانوز (بالإنجليزية: Janus kinase inhibitors) سواء الموضعية أم الفموية؛ كدواء توفاسيتينيب (بالإنجليزيّة: Tofacitinib)، وروكسوليتينيب (بالإنجليزية: Ruxolitinib)، ودواء باريسيتينيب (بالإنجليزيّة: Baricitinib)، وقد يُلجأ أيضًا لاستخدام العلاج بالأشعة فوق البنفسجية (بالإنجليزية: Ultraviolet radiation)، والذي يُستخدم في حالات الثعلبة التي تؤثر في مناطق واسعة من الجسم.
من الجدير ذكره أنّ الدعم النفسي والاجتماعي يُمثلان عنصرين مهمين لنجاح الخطّة العلاجية للثعلبة، كما هو الحال في العديد من الأمراض الأخرى.
ولمعرفة المزيد عن علاج الثعلبة يمكن قراءة المقال الآتي: ( ما هو علاج ثعلبة الشعر ).