أسباب الإسهال عند الرضع
أسباب الإسهال عند الرضع
يُمكن أن يُعاني الرّضع من الإسهال (بالإنجليزيّة: Diarrhea) نتيجة العديد من الأسباب العامّة، بالإضافة إلى بعض الأسباب المُتعلّقة بالرضاعة الطبيعية، والرضاعة الصناعيّة، يُمكن بيان أبرزها على النحو الآتي:
الأسباب المُتعلقة بالرضاعة الطبيعيّة
يُلاحظ بأنّ الأطفال الرضّع الذين يحصلون على غذائهم عن طريق الرضاعة الطبيعية يميلون للتبرز بعد كل عمليّة إرضاع، وتستمر هذه الحالة حتّى عمر شهرين في الغالب، وقد يبلغ عدد مرات حركة الأمعاء لديهم أكثر من 6 مرّات يوميًا، ويكون البراز في حالات الرضاعة الطبيعية ذا قِوامٍ ناعم، أو سائل، ولونه أصفر فاتح، وغالبًا ما يحتوي على قطع صغيرة تشبه البذور، ويُعد ذلك أمرًا طبيعيًا، ولا يدعو للقلق، وفيما يتعلّق بأسباب الإسهال لديهم، فهُناك العديد من الأسباب الشائعة التي يُمكن أن تؤدي لإصابة الرضع الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية بالإسهال، والتي تتضمن ما يأتي:
- النظام الغذائي: يجدُر تقييم النظام الغذائي للمرأة لمعرفة الأطعمة التي يُمكن أن تُسبّب الإسهال لدى الرضيع، إذ يمكن لبعض الأطعمة التي تتناولها الأم المرضعة أن تسبب الحساسية لدى الرضيع الذي يرضع من الثدي، وينعكس ذلك على مُعاناة الرضيع من الإسهال، ومن هذه الأطعمة : الشوكولاتة، والأطعمة الحارة، وحليب الأبقار، والأطعمة والمشروبات التي تحتوي على الكافيين، والمُسبّبة لكثرة الغازات.
- المُلَيِّنات: (بالإنجليزيّة: Laxatives)، والتي قد تلجأ بعض السيدات المُرضعات إلى استخدامها خلال فترة الرضاعة، ومن الجدير ذكره أنّ مُليّنات البراز (بالإنجليزيّة: Stool softeners)، أو بعض أنواع مُكملات الألياف الخفيفة (بالإنجليزيّة: Mild fiber supplements)، أو المُليّنات المُشَكِّلة للكُتلة (بالإنجليزيّة: Bulk-forming laxatives) تُعتبر آمنة الاستخدام أثناء الرضاعة، إلّا انّ استخدام المُلينات المُنشطة (بالإنجليزية: Stimulant laxatives) قد يؤدي إلى عبورها إلى حليب الثدي، بحيث تصِل للرضيع أثناء الرضاعة، ممّا يؤدي إلى إصابته بالإسهال، وعليه ينبغي على الأم المُرضعة استشارة الطبيب قبل تناول أيّ نوع من المُلينات.
- الفِطام: (بالإنجليزيّة: Weaning)، يمكن أن يؤدي إدخال الأطعمة الجديدة إلى النظام الغذائي للرضع خلال مرحلة الفطام إلى حدوث مشاكل في المعدة، وذلك نتيجة إصابة الرضيع بالحساسية (بالإنجليزيّة: Allergies) أو حساسيّة الطعام (بالإنجليزيّة: Food sensitivities)، ويُعد حليب الأبقار من أكثر الأطعمة شيوعاً والتي يُمكن أن تُسبّب الحساسيّة والتهيّج للرضيع، ممّا يؤدي إلى إصابته بالإسهال، وفي هذا السياق ينبغي على الأم معرفة أنّ معظم تركيبات حليب الرضع الصناعيّ المصنّعة من حليب البقر، ومن الجدير ذكره أنّ الرضع الذين يتم فُطامهم عن حليب الأم في بعض مناطق العالم التي تفتقر إلى الخدمات الصحيّة والتغذيّة اللازمة يكونون أكثر عُرضةً للإصابة بالأمراض والعدوى نتيجة عدم تلقيهم التغذية عن طريق حليب الثدي، وهذا قد يجعلُهم عرضةً للإسهال كأحد الأعراض المصاحبة للذلك.
الأسباب المُتعلقة بالرضاعة الصناعيّة
بالنسبة للرضع الذين يعتمدون في غذائهم على الحليب الصناعيّ فقد يتراوح عدد حركة الأمعاء لديهم خلال الأسبوع الأول من حياتهم بين مرةٍ إلى 8 مرّات يوميًّا، وينخفض عددها غالباً لتتراوح بين مرةٍ إلى 4 يوميًّا ويستمر ذلك حتى بلوغهم عُمر شهرين، ويكون لون البراز لدى الرضع الذين يعتمدون على الحليب الصناعي في غذائهم بين أصفر إلى بنيّ غامق، ذا قِوام شبيه بزبدة الفول السوداني، ويكون أكثر تماسُكاً عند مقارنته ببراز الرضع الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية، وفي الحقيقة هناك العديد من الأسباب التي يُمكن أن تؤدي إلى إصابة الرضع الذين يعتمدون على الرضاعة الصناعيّة بالإسهال، ويُمكن بيان أبرزها فيما يأتي:
- الحساسية: قد يُصاب الرضع حديثو الولادة بالإسهال كردة فعل تحسسيّة تجاه تناول بعض أنواع الحليب الصناعي، خاصةً منتجات حليب الأبقار، فمن الممكن أن يُسبب البروتين الموجود في حليب الأبقار الحساسيّة لدى الرضع، وقد يكون لدى بعض الرّضع حساسية تجاه تركيبة الحليب الصناعي المشتق من الصويا (بالإنجليزية: Soy-based formula).
- التلوث: (بالإنجليزيّة: Contamination)، يمكن أن يتعرض العديد من الأطفال الرُّضع لنوبات من الإسهال بسبب العديد من السلوكيّات الخاطئة التي قد تؤدي إلى تلوّث الحليب الصناعيّ؛ خاصةً إذا لم يتم تخزينه بطريقةٍ صحيحة، كما يُمكن أن يكون مسحوق الحليب أو الماء المُضاف للحليب ملوّثًا؛ ممّا يؤدي إلى إصابة الرضيع بالإسهال.
الأسباب الأخرى
هناك العديد من الأسباب العامّة التي قد تؤدي لإصابة الرضع بالإسهال بغض النّظر عن طبيعة النظام الغذائيّ، والتي نذكر منها ما يأتي:
- تسمم الطعام: ويتمثل بشرب الماء أو الحليب الصناعي، أو تناول الأطعمة الملوثة بالجراثيم؛ كالبكتيريا والفطريات، ومن الجدير ذكره أنّ الجهاز المناعي قد يتصدّى لكمياتٍ قليلة من الجراثيم، ولكن في حال وجودها بكمياتٍ أكبر أو من مصادر خارجية مُعينة فإنّ جسم الرضيع يُبدي ردود فعل وأعراض مُعينة في سبيل التخلّص من هذه الجراثيم؛ ومن بين هذه الأعراض الإسهال والتقيؤ.
- عدوى في الجهاز الهضميّ: يمكن أن تحدث العديد من مشاكل الجهاز الهضميّ من وقتٍ لآخر في مرحلة الرضاعة، وقد ترتبط هذه المشاكل بالإصابة بعدوى مَعديّة مِعويّة (بالإنجليزيّة: Gastrointestinal infection)، أو ما تُعرف أيضًا بمُصطلح إنفلونزا المعدة (بالإنجليزيّة: Stomach flu)، أو التهاب المعدة والأمعاء (بالإنجليزيّة: Gastroenteritis)، أو الإسهال المُعدي (بالإنجليزيّة: Infectious Diarrhea)، ومن الجدير ذكره أنّ حالات العدوى التي تصيب الجهاز الهضمي قد تكون ناجمة عن الفيروسات، أو البكتيريا، أو الطفيليات، أو الفطريات، وقد يتسبّب ذلك بالمُعاناة من عدّة أعراض؛ من بينها الإسهال الذي يستمر حتّى عشرة أيام، والتقيؤ الذي يستمر من يومين إلى ثلاثة أيام، والحمّى، والجفاف، وآلام البطن.
- فرط اللاكتوز: (بالإنجليزيّة: Lactose overload)، والمعروف أيضاً بعدم تحمّل اللاكتوز (بالإنجليزية: Lactose intolerance)، أو نقص اللاكتاز الوظيفيّ (بالإنجليزيّة: Functional Lactase Deficiency)، وفي هذه الحالة قد تتطور حركات الأمعاء المُتكررة بسبب عدم قدرة جسم الرضيع على هضم جميع كميات سكر اللاكتوز الموجودة في الحليب، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الحالة قد تحدث بشكلٍ شائع لدى الرضع خلال الأسابيع الأولى من حياتهم، ولكن في بعض الحالات يُمكن أن تستمر لعدة شهور.
- سوء امتصاص الكربوهيدرات: (بالإنجليزيّة: Carbohydrate malabsorption)، وتُعد من الحالات الشائعة التي قد تُصيب قد تُصيب أي رضيع بغض النظر عن عمره في حال تم تقديم المنتجات له بكميات كبيرة، أو إذا تمّ تقديمها لمن هم دون الشهر الرابع من العمر، حيثُ يفتقر الرضع في تلك المرحلة إلى وجود كمياتٍ كافيةٍ من الإنزيمات اللازمة لتحطيم جزيئات الكربوهيدرات الموجودة في سكريات الطعام وعصير الفاكهة، وذلك نتيجة عدم اكتمال نمو الجهاز الهضميّ لديهم، ممّا يؤدي إلى إصابتهم بأعراضٍ عدّة؛ من بينها الإسهال.
- التطعيم: (بالإنجليزيّة: Immunisations)، يُمكن أن يُصاب بعض الرضع بالإسهال بعد تلقي بعض أنواع اللُقاحات، وفي الغالب تكون حالات الإسهال خفيفة، وتختفي خلال أيّام قليلة.
- التسنين: لا يتسبّب التسنين بِحد ذاته في إصابة الأطفال الرضع بالإسهال، ولكن خلال فترة التسنين قد يميل الرضيع لوضع كل شيء يقابله في فمه؛ مثل: يديه وألعابه، وقد تكون هذه الأشياء ملوثة بالبكتيريا، ممّا يؤدي إلى إصابة الرضيع بالعدوى؛ والتي قد يحدث الإسهال كأحد أعراضها.
- السفر: قد يُعاني البالغون عادةً من الإسهال أثناء السفر فيما يُعرف بمُصطلح إسهال المُسافرين (بالإنجليزيّة: Traveler’s diarrhea)، وكذلك الأمر لدى الرضع، وعادةً ما يكون الرُّضع والأطفال الصغار هم أكثر عُرضةً للإصابة بهذه الحالة، ويُعزى ذلك إلى إصابة أمعائهم بالعدوى والتي غالباً ما تحدث نتيجة بكتيريا يُطلق عليها بكتيريا الإشريكية القولونية (بالإنجليزية: Escherichia coli)، والمعروفة اختصاراً (E. coli)، والتي قد تتواجد في مصادر المياه في الدول النامية.
- المُضادات الحيويّة: قد يُعاني العديد من الرضع من الإسهال كأحد الآثار الجانبية الناتجة عن استخدام المضادات الحيوية ، التي يصِفها الطبيب بشكلٍ عام للقضاء على العدوى الناجمة عن البكتيريا الضّارة، ولكنّها قد تؤثر أيضًا في البكتيريا المعويّة الجيدة وتقوم بقتلها أيضاً، وقد يترتب على ذلك مُعاناة الرضيع من صعوبةٍ في هضم الطعام، ويجدر بالذكر أنّ الإسهال في هذه الحالة قد يزول وتتحسّن حالة الرضيع بعد الانتهاء من إعطاء الرضيع كورس العلاج كاملًا.
- الحالات الطبيّة والاضطرابات الأيضيّة والوظيفية: حيثُ تُعد الحالات الطبية النادرة والاضطرابات الأيضيّة (بالإنجليزيّة: Metabolic disorder) أو الوظيفية (بالإنجليزيّة: Functional disorders)، من الأسباب الأقل شيوعًا للإسهال المزمن أو المُتكرر لدى الأطفال الرّضع، وقد يترتب على حدوثها المُعاناة من مشاكل النمو أو فقدان الوزن، وتؤثر هذه الاضطرابات غالباً في العديد من أجهزة الجسم الأخرى؛ بما في ذلك الجهاز الهضميّ، وتجدر الإشارة أنّ الحالات التي يكون فيها الرضيع بصحةٍ جيدةٍ ويكتسب وزنًا جيدًا، فلا يوجد سبب يدعو للقلق، في حين قد يقوم الطبيب بعمل فحوصات تشخيصيّة للرضيع في حال عدم اكتساب المزيد من الوزن وفقًا للزيادة المتوقّعة بناءً على عمره، وفيما يأتي بيان لأبرز الحالات الطبيّة والاضطرابات الأيضيّة والوظيفية التي يُمكن أن تسبّب الإسهال لدى الرضع:
- الداء البطني (بالإنجليزيّة: Celiac disease)، والذي يحدث غالباً نتيجة رد فعل مناعي لتناول بروتين الجلوتين (بالإنجليزيّة: Gluten) الموجود في القمح، والشعير، والجاودار.
- التهاب مزمن في الجهاز الهضمي أو ما يُعرف أيضاً بداء الأمعاء الالتهابيّ (بالإنجليزية: Inflammatory bowel disease)، ويتضمن: داء كرونز (بالإنجليزية: Crohn's disease)، أو التهاب القولون التقرحيّ (بالإنجليزيّة: Ulcerative Colitis).
- القولون العصبي أو متلازمة الأمعاء الهيوجة (بالإنجليزية: Irritable Bowel Syndrome)، واختصاراً (IBS).
- التليُّف الكيسي (بالإنجليزيّة: Cystic fibrosis)، وهو أحد الاضطرابات الوراثيّة التي تتمثّل بتراكم المُخاط السميك، مما يحول دون قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية من الطعام.
- نقص الزنك .
- الأورام العصبيّة الصمّاويّة (بالإنجليزيّة: Neuroendocrine tumors)، والتي تبدأ غالباً في الجهاز الهضمي.
- داء هيرشسبرونغ (بالإنجليزية: Hirschsprung's disease)، وهو عبارة عن حالة مرضية خلقية يُولد الرضيع مُصابًا بها، وتكون ناجمة عن فقدان الخلايا العصبية في عضلات قولون الرضيع بشكلٍ جزئي أو كليّ.
- اضطرابات الجهاز الهضمي الناتجة عن الحبيبوم الحمضي (بالإنجليزيّة: Eosinophilic gastrointestinal disorders)، وهو مجموعة من الأمراض المُعقدة، والتي تتميز بزيادة في مستوى خلايا الدم البيضاء المعروفة بالحَمِضات (بالإنجليزيّة: Eosinophils) لتتجاوز الحد الطبيعي، في أعضاء الجهاز الهضمي.
ملخص حول الإسهال عند الرضع
يُشير مصطلح الإسهال بشكلٍ عام إلى حدوث زيادة مُفاجئة في عدد مرّات التبرز، وتغيّرٍ في قِوام البُراز ليُصبح رخوًا وغير مُتماسك، ويُمكن تعريف الإسهال بِحسب مُنظمة الصحة العالميّة (بالإنجليزية: World Health Organization) على أنّه خروج بُراز مائي بمُعدّل ثلاث مرّات، أو أكثر خلال اليوم الواحد، مع الأخذ بالاعتبار أنّ البراز الرخو أو البراز الذي يُشبه العجين أو البُراز الصلب الذي يتكرّر إخراجه خلال اليوم من الرّضع لا يُعد إسهالاً، وتجدر الإشارة إلى أنّه يمكن أن يستمر الإسهال عند الرضع من يومين إلى أسابيع بناءً على شدة الحالة، وفي الحقيقة هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر في عدد مرّات التبرز وقِوامه الطبيعي، أهمهّا عُمر الرضيع وطريقة الرضاعة التي يتبعها؛ طبيعية أم صناعية، وتجدر الإشارة إلى أنّ إخراج الطفل الرضيع لبرازٍ ذي لونٍ أخضر لا يدعو للقلق طالما كان الرضيع يتغذّى وينمو بشكلٍ طبيعي، إذ يُعزى اللون الاخضر إلى خروج العصارة الصفراويّة (بالإنجليزيّة: Bile) مع البراز، أمّا في حال كان البراز لونه أبيض، ومُخاطي، وذا قِوامٍ سائل، وشبيه بالطين، أو إذ كان يحتوي على دم، أو كان لونه أسود، فهذه الحالات تستلزم مُراجعة الطبيب.
في الحقيقة هناك نوعان رئيسيّان من الإسهال؛ هما: الإسهال الحاد (بالإنجليزيّة: Acute Diarrhea)، والإسهال المُزمن (بالإنجليزيّة: Chronic Diarrhea)، وعادةً ما يحدث الإسهال الحاد بشكلٍ مُفاجئ، وقد يستمر لمدة أقل من أسبوعين، ويُعد من المشاكل الصحيّة شائعة الحدوث عند الأطفال الرضع، ومن الجدير ذكره أنّ الإسهال الحاد يحدث غالباً بدون سبب معروف ويزول من تلقاء نفسه دون الحاجة للعلاج، وبشكلٍ عامّ طالما أن الإسهال يزول من تلقاء ذاته فإن معرفة السبب ليس مهمًا، أما الإسهال المزمن يُمكن أن يستمر لمدّةٍ تزيد عن أسبوعين، وقد يكون مؤشرًّا على الإصابة بحالة صحيّة أخرى تستلزم إيجاد علاج للإسهال ، فبعلاج المُسبب الرئيسي تتمّ السيطرة على الإسهال المزمن.