دعاء التشهد
التشهّد في الصلاة
الجلوس للتشهّد الأول واجبٌ، وهذا ما عليه مذهب الحنابلة والحنفية وداود والإمام مالك في روايةٍ عنه، وجمهور أهل الحديث وابن عثيمين وابن باز، وما يدلّ على وجوبه أنّ من تركه في الصلاة بسبب السهو فعليه سجود السهو لجبره، كما قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للصحابة-رضي الله عنهم-: (فَلْيَكُنْ مِن أوَّلِ قَوْلِ أحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ)؛ وفي الحديث دلالةٌ على أنّ التشهّد واجبٌ؛ فالأمر يفيد الوجوب، والتشهّد يكون بقول: (التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسولُهُ)، أو قول: (التحيَّاتُ للَّهِ الزَّاكياتُ للَّهِ الطَّيِّباتُ الصَّلواتُ للهِ السَّلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ اللَّهِ وبركاتُه السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللَّهِ الصالحين، أشهدُ أن لا إله إلا اللَّهُ وحده لا شريك له وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه)، ويعدّ التشهّد بعد الوضوء سنةً من السنن الواردة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فيكون بالتشهّد قد أعلن شهادة التوحيد بعد وضوءٍ كاملٍ متقنٍ تامٍ. ويجدر بالمسلم عدم التهاون بذلك؛ لما فيه من أجرٍ وثوابٍ عظيمٍ.
الدعاء بعد التشهد الأخير
يستحبّ الدعاء قبل التسليم وبعد التشهّد مطلقاً، وللمصلي أن يدعو بما شاء من الأدعية، سواءً كان الدعاء مأثوراً عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أم لا، ولكنّ الأفضل الدعاء بالمأثور من الأدعية، ويُذكر من الأدعية المشروعة بعد التشهّد الأخير من الصلاة:
- (اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ).
- (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِن عَذَابِ القَبْرِ، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ المَحْيَا، وفِتْنَةِ المَمَاتِ، اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ المَأْثَمِ والمَغْرَمِ).
- (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الجُبْنِ، وأَعُوذُ بكَ أنْ أُرَدَّ إلى أرْذَلِ العُمُرِ، وأَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وأَعُوذُ بكَ مِن عَذَابِ القَبْرِ).
الصلاة الإبراهيمية بعد التشهّد
اختلف العلماء في حكم الصلاة على النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في الصلاة ، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوالٍ؛ القول الأول إنّها ركنٌ والصلاة لا تصحّ دونها، وهذا المشهور عند أهل العلم، والقول الثاني: إنّها ليست ركناً بل واجبةً وتُجبر في حال نسيانها بسجود السهو، والقول الثالث: إنّها ليست ركناً ولا واجبةً بل سنةً كما رُوي عن الإمام أحمد، وفي حال تعمّد المصلي تركها فتعدّ صلاته صحيحةً؛ لأنّ الأدلة التي استدلوا بها على الوجوب وأنّها لا تعدّ ركناً ليست ظاهراً والأصل براءة الذمة، وهذا القول الأرجح؛ فلا يمكن إفساد عبادةٍ أو إبطالها بدليلٍ يحتمل الإرشاد ويحتمل الوجوب، وعلى هذا الرأي فإنّ الصلاة تصحّ دون قراءة الصلاة الإبراهيمية، يُذكر من الصيغ الواردة في الصلاة الإبراهيمية:
- (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).
- (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).
حكم الاستعاذة بعد التشهّد الأخير
يستحبّ للمصلي أن يستعيذ بالله بعد التشهّد من أربعة أمورٍ؛ وهي: عذاب القبر ، وعذاب جهنم، وفتنة الدجال وشرّه، ومن فتنة المحيا والممات، وذهب إلى هذا القول المذاهب الفقهية الأربعة، وذكر ابن باز أنّ الاستعاذة بعد التشهّد الأخير من السنن المؤكّدة في آخر الصلاة وقبل التسليم؛ إذ كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يفعل ذلك ويأمر به.
أوقات الصلاة على النبي
هناك العديد من المواطن للصلاة على النبي محمدٍ عليه الصلاة والسلام، يُذكر منها:
- عند الأذان وعند الإقامة.
- ليلة الجمعة ويومها.
- في المساء وفي الصباح.
- في التشهّد الأول والأخير.
- عند اجتماع الناس وفي المجالس.
- عند ذكر اسم النبي صلّى الله عليه وسلّم.
- عند الدعاء.
- عند الصفا والمروة.
- عند دخول المسجد وعند الخروج منه.
- بعد التكبيرة الثانية في صلاة الجنازة.
- عند زيارة قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم.
- عند القنوت .
- عند مغادرة المجلس.
فضل الصلاة على النبي
للصلاة على النبي محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- عدّة فضائل، يُذكر منها:
- وصولها إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (ما من أحدٍ يسلِّمُ عليَّ إلَّا ردَّ اللَّهُ عليَّ روحي حتَّى أردَّ عليهِ السلامَ).
- تعد من علامات الجود ومن باب توقير النبي عليه الصلاة والسلام، حيث رُوي عن الحسين بن علي -رضي الله عنهما- أنّه قال: (إنَّ البخيلَ مَن ذُكِرْتُ عندَه فلَمْ يُصَلِّ علَيَّ).
- سببٌ في محو الخطايا ورفعة الدرجات وشرفها، حيث قال الرسول عليه السلام: (من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى اللَّهُ عليهِ عشرَ صلواتٍ ، وحُطَّت عنهُ عَشرُ خطيئاتٍ ، ورُفِعَت لَهُ عشرُ درجاتٍ).
- سببٌ في استجابة الدعاء، فمن السنة أن يبدأ المسلم دعاءه بحمد الله، ومن ثمّ الصلاة على رسول الله.
- التخلّص من الهموم ومغفر للذنوب.
مواضع الدعاء في الصلاة
يمكن للمصلي أن يدعو الله في صلاته بمواضع عدّةٍ، يُذكر منها:
- بعد تكبيرة الإحرام وقبل البدء بقراءة الفاتحة.
- في صلاة الوتر بقراءة دعاء القنوت فيها.
- بعد الرفع من الركوع، ويكون ذلك عن وقوع الكوارث العامة، ويسمّى بقنوت النوازل، وهذا عامٌ في جميع الصلوات المفروضة.
- عند الركوع.
- في السجود ، وهو أفضل مواضع الدعاء، حيث روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).
- بين السجدتين.
- قبل السلام وبعد التشهّد الأخير.