خمس صحابيات وصفاتهم
خمس صحابيات وصفاتهن
أسماء بنت أبي بكر
أسماء -رضي الله عنها- هي من الصحابيات اللواتي كبرن في السّن وهنّ على الإسلام، وكانت خاتمة المهاجرين والمهاجرات، وهي أخت أُمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وفيما يأتي ذكر بعض المعلومات عنها:
- اسمها: هي أسماء بنت أبي بكر بن عبد الله بن أبي قحافة -رضي الله عنهم-، تُكنّى بأُمّ عبد الله القرشية التيمية، وتُلّقب بذات النطاقين.
- أولادها: الخليفة عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-.
- مرضها وصفاتها: كانت تُصاب بصداعٍ شديدٍ وتقول: بذنبي وما يغفره الله أكثر، وكانت تعتق كلّ مملوكٍ لها عندما تُصاب بهذا الصداع، وكانت تُعرف بكرمها وسخائها، وقد كبرت في السّن حتّى كانت تجلس عندها امرأة تدلها على حركات الصلاة من القيام والقعود.
- ولادتها ووفاتها: وُلدت قبل مبعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بسبعَ عشرةَ سنة، وكان عمر والدها أبي بكر -رضي الله عنه- عندما وُلدت أسماء إحدى وعشرون سنة، وماتت عن عمر يناهز المئة عام، سنة ثلاثٍ وسبعين بعد مقتل ابنها عبد الله بن الزبير بليالٍ، وأمّا أُمّها فهي قُتيْلة بنت عبد العزّى بن عبد أسعد من بني مالك بن حسل.
- لقبها: لُقبّت بذات النطاقين ؛ فقد لقّبها به الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأنَّها أخذت له الزّاد والطعام عند هجرته إلى المدينة، وصَعُبَ عليها حمل السّفرة فشقّت خمارها وشدّت بنصفه السّفرة، وتخمّرت بالنصف الآخر.
أم عمارة
أم عمارة هي إحدى الصحابيّتان اللتان بايعتا الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بيعة العقبة ، وهي امرأةٌ محاربةٌ مجتهدة جادّة، ذات صوم ونُسُك، وفيما يأتي توضيح بعض المعلومات عنها:
- اسمها: نسيبة بنت كعب بن عمرو، المعروفة بأم عمارة.
- زواجها: تزوّجت من زيد بن عاصم.
- أولادها: لها ولدان هما: عبد الله بن زيد، وحبيب بن زيد.
- جهادها: شاركت في عدد من المواقف البطولية منها ما يأتي:
- مبايعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في بيعة العقبة.
- المشاركة في الحروب مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومنها غزوة أُحد.
- المشاركة في حروب الردة التي حدثت في خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وعودتها من الحرب التي قُتل فيها مسيلمة بعدّة طعنات وضربات.
- المشاركة في سقي المجاهدين، وتضميد جراح المقاتلين في غزوة أُحد، وشاركت فيها مع جميع أفراد عائلتها؛ زوجها وأولادها وأختها، وكانوا ممن ثبتوا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ودافعوا عنه، وقد ساعدها ابنها عبد الله في قتل عدو الله مسلمة، ولم تأبه بالدم الذي كان ينزف من يديها، والنبال التي تتطاير من فوقها، ومن ثمَّ ضمدت جراح ولدها وشجّعته على قتال العدو بالرغم من تعبه ونزفه، وأخذت تبحث عن ترس لتتلقى به السهام والنبال وتدافع عن رسول الإسلام، في وقتٍ كان بعض المقاتلين يفرّون فيه بينما هي كانت تجمع بين سقي العطشى، وتضميد الجرحى، وقد دلّها الرسول على قاتل ابنها فضربته على ساقه وطرحته أرضاً، وأكمل عليه طلحة بسيفه، وطمأنها رسول الله وهدَّأ من روعها.
- وقد لاحظ رسول الله ضربة في عاتقها، فأمر ابنها أن يضمّد جراحها، ودعا لها ولأهل بيتها بالبركة والرحمة، ثم طلبت منه أن يدعو لهم بأن يكونوا رفقائه في الجنّة ففعل، فقالت: "ما أبالي ما أصابني من الدنيا بعد ذلك"، وعندما انتهت غزوة أُحد وعاد الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة واستراح؛ أخذ يُخبر النّاس بما فعلته أم عمارة في أُحد، وأنَّه لم يلتفت يميناً ولا يساراً إلَّا ويجدها تقاتل دفاعاً عنه، وأخذ الحديث عن بطولاتها ينتشر بين الرجال والنساء، وقد دخلت عليها أم سعد الأنصارية فوجدتها قد طابت، ووقفت تصلّي شكراً لربها وتقرأ آيات النّصر التي أنزلها الله -تعالى- منها قوله: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّـهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّـهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ* إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّـهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).
- وسألت أم سعد أم عمارة عن الجرح الأجوف الذي في عاتقها، فأخبرتها أنّها قد أصيبت به أثناء دفاعها هي ومصعب بن عمير -رضي الله عنه- عن رسول الله من ابن قمئة الذي كان ينوي ويُصرّ على قتل الرسول -صلى الله عليه وسلم-، لكنّهما تصدا له، فضربها هذه الضربة فضربته بدلاً منها ضربات عديدة، ولكنه كان يلبس درعاً يحميه.
سمية بنت الخياط
سمية -رضي الله عنها- هي من الصحابيات اللواتي سبقن للإسلام وعُذّبن وقُتلن من أجله، وفيما يأتي ذكر بعض المعلومات عنها:
- اسمها: هي سمية بنت الخياط، أم عمّار بن ياسر.
- إسلامها وتعذيبها: كانت من أوائل الذين أسلموا وأظهروا إسلامهم بمكة، وقيل إنّها كانت سابع سبعة في الإسلام، وقد عُذّبت وأُلبست درعاً من حديدٍ ثمّ صُهر في الشمس، ثمّ جاء أبو جهل وطعنها بحربة فقتلها، وكانت أوّل شهيدة في الإسلام ، وذلك قبل الهجرة، وكانت تُعذّب هي وولدها وزوجها، وكان يمرُّ عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويُصبّرهم ويقول: (صبرًا آل ياسرٍ، فإنَّ موعدَكم الجنةُ)، وكان بنو مخزوم يختارون وقت حمّ الظهيرة ليخرجوهم ويعذّبوهم في رمضاء مكة، ومع ذلك أبت سمية إلا الإسلام.
- استشهادها: كانت سمية -رضي الله عنها- أول شهيدةٍ في الإسلام، وتُوفّيت قبل أم المؤمنين الكبرى خديجة -رضي الله عنها-؛ لأنَّ سمية تُوفّيت في السنة السادسة من النبوّة، بينما تُوفّيت خديجة -رضي الله عنها- في السنة العاشرة من النبوّة في عام الحزن .
حمنة بنت جحش
حَمنة بنت جحش -رضي الله عنها- هي من الصحابيات الشامخات، وتُعدّ مثالاً عظيماً للنساء المسلمات، وهي ابنة عمّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأخت زوجته زينب، وأُمّها أُميمة بنت عبد المطلب، وفيما يأتي توضيح بعض المعلومات عنها:
- زواجها: تزوّجت من الصحابي مُصعب بن عمير -رضي الله عنه-، وتُوفّي عنها يوم أُحد ، ثمّ تزوّجت من أحد المُبشّرين بالجنّة وهو طلحة بن عُبيد الله.
- أولادها: محمد وعمران ووالدهم هو طلحة، وقد عُرِف ابنها محمد بالسجّاد.
- جهادها: كانت حمنة من المبايعات للرسول -صلى الله عليه وسلم-، وقد ضربت أروع الأمثلة في التضحية والجهاد؛ فقد شاركت في غزوة أُحد وكانت تُداوي الجرحى، وتسقي العطشى، وكانت مجاهدةً صابرةً محتسبةً عندما فقدت زوجها مُصعب في هذه المعركة، وقد ذكرها ابن سعد في كتابه الطبقات عندما ذكر أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- أطعمها ثلاثين وسقاً من ثمار خيبر.
- كنيتها: هي حمنة بنت جحش بن رياب، وقيل: حبيبة، وهي ابنة عمّة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
- رواياتها: روت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وروى عنها ابنها عمران بن طلحة، وقد جاء ذكرها في حديث المستحاضة ، حيث قالت: (كنتُ أستحاضُ حيضةً كثيرةً شديدةً، فأتيتُ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- أستفتيهِ وأخبرُه. فوجدتُه في بيتِ أُختي زينبَ بنتِ جَحْشٍ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، إنِّي أُستحاضُ حيضةً كبيرةً شديدةً فما تأمرُني فيها قد منعتني الصِّيامَ والصَّلاةَ، قالَ: أنعتُ لَك الكُرسُفَ فإنَّهُ يذهبُ الدَّمَ، قالت: هوَ أكثرُ من ذلِك، قالَ: فتلجَّمي، قالت: هوَ أكثرُ من ذلِك، قالَ: فاتَّخذي ثوبًا، قلت: هوَ أكثرُ من ذلِك، إنَّما أثجُّ ثجًّا، فقالَ النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ-: سآمرُك بأمرينِ أيَّهما صنعتِ أجزأ عنكِ، فإن قويتِ عليهما فأنتِ أعلمُ)، لكنَّ بعض العلماء شكّ هل المستحاضة حمنة أم حبيبة، أم أُمّ حبيبة، وأكّدَ أهل السير أنَّها حمنة، وذهب أهل الحديث إلى أنّهما اثنتان كانتا تستحاضان، ومن الأقوال في ذلك:
- قول أبي نعيم: إنَّ أُمّ حبيبة هي كنية حمنة وليست امرأة أخرى، ولم يُذكر في الكنى ما يدل على أنّها هي ولا غيرها.
- قول ابن منده: إنَّ حمنة هي نفسها حبيبة.
- قول أبي عمر: إنَّهما اثنتان مختلفتان وليست واحدة، وهما: حمنة بنت جحش، وأختها أم حبيبة بنت جحش، وقال: أم حبيبة، وقيل: أم حبيب دون هاء، كانت عند عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- وكانت تستحاض هي أيضاً، وأيَّد هذا القول ابن ماكولا عندما ذكر ابني جحش: عبد الله وعبيد، وأخواتهما الثلاثة زينب، وحمنة، وأم حبيبة، وأنّهما كانتا تستحاضان، وفي هذا دليل صريح على أنَّهما كانتا اثنتين.
أم سليم بنت ملحان
أُم سليم -رضي الله عنها- هي من الصحابيات اللواتي جاهدن في سبيل الإسلام؛ فقد شاركت في معركتي أُحد وحُنين ، وفيما يأتي ذكر بعض المعلومات عنها:
- اسمها: اخْتُلِفَ في اسمها فقيل: الرُّمَيصاء، والغُمَيصاء، وسهلة، ومليكة، ورميلة، لذلك ذُكرت بلقبها لأنَّه أصح ما ذُكر فيها، وهو أم سُلَيْم بنت ملْحان، وملْحان: هو مالك بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجّار.
- زواجها: تزوّجت من مالك بن النضر أبو أنس بن مالك ، فولدت له أنساً، ثمّ قُتل عنها زوجها وكان مشركاً، ثمَّ أسلمت وتقدّم لخطبتها أبو طلحة، لكنها رفضت لأنَّه مشركٌ، ودعته إلى الإسلام فأسلم، وكان مهرها إسلامه، وأنجبت له عبد الله وأبا عمير.
- روايتها: روى عنها الحديث عددٌ من الصحابة والصحابيات منهم: أُم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، وخولة بنت حكيم، وأُم سلمة، وابنها أنس، وأبو أمامة بن سهل.
- صفاتها: عُرفت أُم سليم بعددٍ من الصفات الحسنة، منها ما يأتي:
- الحكمة والعقل: لِما رُوي عنها في المسند: (أنَّ أبا طَلْحةَ مات له ابنٌ، فقالت أُمُّ سُلَيمٍ: لا تُخبِروا أبا طَلْحةَ حتى أَكونَ أنا الذي أُخبِرُه. فسَجَّتْ عليه، فلمَّا جاء أبو طَلْحةَ وضَعَتْ بيْن يَدَيهِ طعامًا، فأكَلَ، ثمَّ تَطَيَّبَتْ له، فأَصابَ منها، فعَلِقَتْ بغُلامٍ، فقالت: يا أبا طَلْحةَ، إنَّ آلَ فُلانٍ استَعارُوا مِن آلِ فُلانٍ عاريَّةً، فبَعَثوا إليهم: ابعَثُوا إلينا بعاريَّتِنا، فأبَوْا أنْ يَرُدُّوها، فقال أبو طَلْحةَ: ليس لهم ذلك؛ إنَّ العاريَّةَ مُؤَدَّاةٌ إلى أهْلِها، قالت: فإنَّ ابنَك كان عاريَّةً مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وإنَّ الله عزَّ وجلَّ قد قَبَضَه. فاستَرجَعَ، قال أنسٌ: فأُخبِرَ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- بذلك، فقال: بارَكَ اللهُ لهما في لَيلَتِهما).
- الإقدام والشجاعة: لِما رواه عنها ابنها أنس -رضي الله عنه-: (أنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ اتَّخَذَتْ يَومَ حُنَيْنٍ خِنْجَرًا، فَكانَ معهَا، فَرَآهَا أَبُو طَلْحَةَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، هذِه أُمُّ سُلَيْمٍ معهَا خِنْجَرٌ، فَقالَ لَهَا رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: ما هذا الخِنْجَرُ؟ قالَتْ: اتَّخَذْتُهُ إنْ دَنَا مِنِّي أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ، بَقَرْتُ به بَطْنَهُ).
- اقتفاء أثر الرسول وحبّه: روى أنس أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- دخل على بيت أم سليم -رضي الله عنها- وشرب من قربة ماءٍ عندها، فقامت أُم سليم وقطعت فم القربة وأمسكته.
- الفقه والعلم: كما ورد في صحيح البخاري: (أنَّ أهْلَ المَدِينَةِ سَأَلُوا ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهمَا، عَنِ امْرَأَةٍ طَافَتْ ثُمَّ حَاضَتْ، قالَ لهمْ: تَنْفِرُ، قالوا: لا نَأْخُذُ بقَوْلِكَ ونَدَعُ قَوْلَ زَيْدٍ قالَ: إذَا قَدِمْتُمُ المَدِينَةَ فَسَلُوا، فَقَدِمُوا المَدِينَةَ، فَسَأَلُوا، فَكانَ فِيمَن سَأَلُوا أُمُّ سُلَيْمٍ، فَذَكَرَتْ حَدِيثَ صَفِيَّةَ)، وحديث صفية هو: (حَاضَتْ صَفِيَّةُ بنْتُ حُيَيٍّ، فَقالَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: عَقْرَى حَلْقَى، إنَّكِ لَحَابِسَتُنَا، أما كُنْتِ طُفْتِ يَومَ النَّحْرِ؟ قالَتْ: بَلَى، قالَ: فلا بَأْسَ انْفِرِي).
مكانة الصحابيات
كان للمرأة دورٌ مهمٌّ في المجتمع الإسلاميّ منذ بداية الإسلام ، فكانت تتعلَّم وتُعلِّم، وتُسافر لطلب العلم، ويقصدها الطلاب لأخذ العلم عنها، وتؤلّف الكُتب، وقد عملت كمفتيةٍ ومستشارةٍ في الأمور العامَّة، وكانت جميع المجالات مفتوحة أمامها لكن في ظلٍ شرعيّ يحفظ طهرها وعفافها، فقد كانت السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- هي أوَّل من آمن بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكانت حصناً منيعاً وملاذاً للدعوة الإسلامية حتّى وفاتها، وكانت سمية بنت الخياط أول شهيدةٍ في الإسلام، ورقية بنت محمد -صلى الله عليه وسلم- أول من هاجرت إلى الحبشة مع زوجها عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، وقد اشتُهرت الصحابيات بالعديد من المجالات، منها ما يأتي:
- الفقه والعلم: عُرفت المرأة المسلمة بعطائها العلميّ والفقهيّ وظهرت كمفتية ومحدّثة، ومن العالمات من كانت تُعطي دروساً في مجالس العلم في كبار المساجد التي يقصدها طلاب العلم من كافة الأقطار، وقد برزت أمهات المؤمنين وعددٌ من الصحابيات كمناراتٍ للعلم والأدب والثقافة وعلى رأسهن أُم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- التي كانت عالمةً بليغةً فصيحةً، فكانت عالمةً بالأنساب والشّعر، ورُوي عنها أنّها تملك نصف العلم، لذلك كان يقصدها الصحابة عندما يتعسّر عليهم بعض المسائل الفقهية، وقد روت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- العديد من الأحاديث النبوية وخاصّة ما يتعلق بحياته الشخصية، وكانت أم سلمة -رضي الله عنها- من فقهاء الصحابة، وروت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- الكثير من الأحاديث الشريفة، وقد حفلت كتب العلم بأسماء الصحابيات اللواتي عُرفن بالعلم والرواية، وقد خَصّصت كتب الطبقات أجزاءً كاملة لترجمة المرأة المسلمة.
- تعليم الرجال: أسهمت المرأة المسلمة في صناعة كبار العلماء، ومن أمثلة ذلك ما يأتي:
- الفقيهة المحدثة طاهرة بنت أحمد التنوخية كانت معلمة للمؤرّخ والمحدّث الشهير الخطيب البغدادي صاحب كتاب تاريخ بغداد.
- أمة الواحد بنت الحسين بن إسماعيل، كانت من أفقه الناس في المذهب الشافعي، وكانت على علمٍ بالفرائض والحساب والنحو، وكانت مفتية ويُنقل عنها الحديث.
- جليلة بنت علي الشجري، كانت تعلم الصبيان القرآن الكريم ، وكانت ممن رحلن في طلب الحديث في العراق والشّام، وسمع منها بعض كبار العلماء كالسمعاني.
- زينب بنت مكي الحراني التي قضت عمرها كلّه في طلب الحديث والرواية، وازدحم الطلاب عندها في دمشق، فسمعوا منها الحديث، وقرؤوا عليها كثيراً من الكتب.
- زينب بنت يحيى بن العز بن عبد السلام، فقد تفرَّدت برواية المعجم الصغير بالسّماع المتَّصل، وكانت مُحدّثة بارعة ذات سند في الحديث ، ورحل إليها كثير من الطلاب.
- العلم والحديث: ذكر الرحالة ابن بطوطة أنَّه في رحلته لدمشق سمع لعددٍ من المُحدِّثات مثل: زينب بنت أحمد، وعائشة الحرانية، وقد تفردت بعض المحدّثات ببعض الروايات، وكانت بعض العالمات تقدم الإجازة لعددٍ من كبار العلماء، وقد أورد عددٌ من العلماء اسم شيخاته كابن حجر، والذهبي، وابن حزم الأندلسي الذي كان للنّساء دورٌ كبيرٌ في تربيته وتثقيفه وصقل شخصيته، فهو لم يُخالط الرجال إلا بعد أن أصبح شاباً، وكانت من العالمات الجليلات فاطمة السمرقندي التي اشتهرت بالفتوى لدرجة أنَّها تُصحّح لزوجها الكاساني بعض الفتاوى، وتُخرج الفتاوى وعليها توقيعها، وكان يستشيرها ملك الدولة نور الدين محمود في بعض أُمور الدولة الداخلية، وبعض المسائل الفقهية.
- ترجمة النساء: ذكر السّخاويّ ترجمة لأكثر من ألف امرأة عُرفن في القرن التاسع بالفقه والحديث، وكذلك ذكر السيوطي شيخاته ودورهنّ البارز في تكوينه العلميّ، وقد عُرفت في تلك الفترة العالمة العظيمة عائشة الباعونية الصوفيّة الشّاعرة التي كان لها عدد من المصنفات والدواوين والقصائد الصوفيّة.
- العطاء في المحن والأزمات: اشتهرت النّساء المسلمات بممارسة دورهنّ العلميّ بالرغم من تعرّض قلاع الإسلام للسقوط في الأندلس، وتعرّض المسلمين للتعذيب وفُرض عليهم التنصّر، ومن النساء اللاتي برزن هناك وكانتا مرجعيّةً للمسلمين في علوم الشريعة، وتخرّج على أيديهنّ عددٌ من الدّعاة هما: مسلمة أبده، ومسلمة آبلة.
- الأدب والشعر: لم تشتهر المرأة المسلمة بالعلم والفقة فقط؛ وإنّما كان لها دورٌ في الأدب والشّعر حتّى تفوّقت بعضهن على الرجال مثل: الخنساء تماضر بنت عمرو السلمية، التي تُعدُّ من الشاعرات المخضرمات، لأنَّها عاشت في الجاهلية والإسلام، فقد شهدت مجيء الدّعوة الإسلامية، وأسلمت في السّنة الثامنة من الهجرة، وصارت صحابية جليلة، وشاعرة، وقدوة حسنة في حرية الرأي وقوة الشخصية لنساء عصرها، وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يُعجب بشعرها، وقد أجمع علماء الشّعر على أنَّه لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أفضل في الشّعر منها.