خطوات البحث العلمي بالترتيب
خطوات البحث العلمي
تُعرف عمليّة البحث العلميّ بأنّها عمليّة مبرمجة ومنظمة، تتضمن منهجاً مرتباً ومحدداً بتوقيتٍ واضح المعالم، ويعتمدها الباحث لمعرفة الحلول التي ينبغي اتباعها؛ فالبحث العلميّ عملية تستند إلى مجموعةٍ من الخطوات المتسلسلة والمنسقة، والتي تحكمها مجموعةٌ من القواعد والأصول ينبغي على الباحث الالتزام بها، وقد اختلفَ الباحثون والعلماء في تحديد عدد هذه الخطوات ؛ حيث افترضَ بعضهم أنّ عمليّة البحث العلمي تتطلب عشر خطوات، ومنهم من حددها بست خطوات، ولكنّها بالمجمل تعتمد على تحديد مشكلة البحث، ومن ثمّ جمع البيانات المتعلقة بها، وصياغتها بطريقة واضحة لاستنباط مسببات المشكلة، ثمّ الانتقال إلى اقتراح الحلول المناسبة لها.
تحديد المشكلة البحثية
تنقسم المشكلات البحثيّة إلى نوعين رئيسيين وهما: المشكلة العمليّة والتي تكون واقعةً ضمن منظمةٍ ما أو مجتمعٍ معين، والمشكلة البحثيّة تكون متعلقة بمشكلة محددة يقوم الباحث باختيار دراستها، ويختار الباحث مشكلته البحثيّة بناءً على اهتمامه الشخصيّ بمشكلةٍ معيّنة يرغب بإيجاد حلولٍ لها، أو بناءً على المسؤوليّات الاجتماعيّة والأخلاقيّة التي تحكمه؛ كاختياره لمشكلةٍ يعاني منها المجتمع، أو بهدف تطوير منهج ما يساهم في مجال البحوث التطبيقيّة.
يمكن أن تكون عمليّة اختيار المشكلة أصعب من إيجاد الحلول؛ فهيَ واحدةٌ من أهمّ مراحل البحث العلميّ لكونها تحدِّد للباحث جميع إجراءات البحث وخطواته، بدءاً من نوعيّة الدراسة التي سيقوم بها، وطبيعة المنهج الذي سيتبعه، والمفاهيم التي يجب تحديدها وصولاً إلى خطة البحث اللازمة وأدواتها، ويجب على الباحث عند اختياره للمشكلة أن يبتعد عن اختيار عناوين عامّة وغير محددة، والالتزام باختيار المشكلة بشكلٍ محدد، ودقيق، وأقلّ اتساعاً.
الخطة الأولية للبحث
تتألّف الخطّة الأوليّة للبحث من عناصر تُعرف بكونها الخطوط العريضة التي يضعها الباحث لترشده عندَ تنفيذ دراسته، وتوجهه في مسيرته البحثيّة، ويلتزم الباحث عندَ إعداده لخطة بحثه أن تكون مناسبةً للأهداف التي يريد تحقيقها، وأن تكون معالجةً بشكلٍ دقيق لمشاكل البحث، مع الحرص على ترابط أصولها ومباحثها، والتأكد من تسلسلها بشكلٍ منطقيّ، كما يجب أن تكون مراعية لطبيعة البحث من الناحية الأكاديميّة.
ينبغي أن تحتوي الخطة الأولية أيضاً على خلاصةٍ للدراسات السابقة المنشورة وذات الصلة مع الدراسة التي يجريها الباحث، مرفقةً بنقدٍ موجز لها وتوضيح مدى تقاطعها مع دراسته الحاليّة، مع الإشارة إلى الفائدة التي قدمتها هذه الدراسات للباحث، وتوضيح الفرق بينها وبينَ دراسته وتمييزها عن سابقاتها، وينبغي على الباحث اتباع منهجيّةٍ علميّة محدَّدة في بحثه العلميّ؛ كالمنهج التجريبيّ، أو المنهج الاستنباطيّ، أو المنهج الوثائقيّ، وغير ذلك.
جمع الحقائق ومعالجتها
يقدِّم الباحث موضوع بحثه العلميّ وخطته للجهة المختصة، وبعدَ حصوله على الموافقة يبدأ بعمليّة جمع المادّة العلميّة بالرجوع إلى عدّة مصادر أهمّها الكتب، ثمّ المقالات العلميّة الموثقة من الأحدث إلى الأقدم، وعلى الباحث الالتزام بخطّة منهجيّة أثناء جمعه للمادة المطلوبة، وقراءتها قراءةً متأنية، مع ضرورة توثيق المعلومات التي يجمعها باسم المؤلف، وعنوان الكتاب أو المقال، وتاريخ النشر، ورقم الصفحة، وغير ذلك، وبعدَ حصوله على المادة اللازمة لبحثه يبدأ بمرحلة تحرير المادة العلميّة ومعالجتها. ّ
تصنّف المادة العلميّة إلى نوعين رئيسيين من البيانات وهيَ على النحو الآتي:
- البيانات الأوليّة: وهيَ البيانات التي يجمعها الباحث بنفسه لأغراض بحثه، إذ يقوم بجمعها بعدَة طرقٍ تشمل الاستبيان بطرح عدد من الأسئلة كتابيّاً على مجموعة من الأشخاص، والمقابلة الشفهيّة، والملاحظة المباشرة، والتحليل الموضوعيّ لمضمون المادّة المقدمة من قبل وسائل الاتصال الجماهيريّ.
- البيانات الثانويّة: وهيَ مجموعة البيانات التي جمعها باحثون آخرون لأبحاثهم العلميّة والتي من الممكن أن تكون بياناتٍ إحصائية أو معلوماتٍ متعلقة بقضية البحث المراد كتابته.
وضع الفرضيات واختيارها
تبدأ مرحلة وضع الفرضيّات بعدَ تحليل البيانات والمعلومات التي جمعها الباحث بشكلٍ مبدئيّ، وتعدُّ الفرضية تخميناً لحلٍّ معقولٍ للمشكلة المطروحة ويضعها الباحث في بداية بحثه، وقد يثبت صحة الفرضية باتفاقها مع جميع الحقائق، وقد يُثبت خطؤها، ويبدأ الباحث بوضع فرضيّاتٍ جديدة، وتُساعد الفرضيّة على تحديد الاتجاهات التي يمكن للباحث البدء بها في البحث لفحص مدى صحة الفرضيّة، وذلك بالبحث عن دليلٍ من جميع المصادر الممكنة، واكتشاف حقائق جديدة أثناء عمليّة البحث، وتطبيق المبادئ المتفق عليها في المعرفة والمنطق، لذا حتى لو أثبتَ خطأ الفرضيّة الأوليّة؛ فإنّها تكون قد ساعدت على التقدّم في عمليّة البحث العلميّ، أمّا إذا كانت نتيجة الفرضيّة صحيحة فإنّها تعدّ النتيجة الأساسيّة لدراسة الباحث، وعليها يكمل الباحث إثبات صحّة الفرضيّة حتى يتوصّل إلى قبولٍ تامٍّ لها، ويتمكن من إقناع الآخرين بها.
تفسير المعلومات واستنباط النتائج
تعدّ مرحلة تفسير المعلومات واستنباط النتائج واحدةً من أهمّ مراحل البحث العلميّ؛ حيث يستعرض فيها الباحث جميع المعلومات التي جمعها خلال بحثه، ثمّ يفسرها ويحللها بشكلٍ تفصيليّ، ويشرح العلاقة بينَ متغيرات البحث، وبالتالي يتوصل إلى الإجابة عن جميع التساؤلات التي وضعها في بداية بحثه، ويتبع ذلك وضع مجموعةٍ من الاستنتاجات والتوصيات لحلّ المشكلة التي يدور حولها البحث، وذلك باستخدام مجموعةٍ من الأساليب والإجراءات البيانيّة والإحصائيّة الملائمة لطبيعة هذه البيانات، وتهدف هذه المرحلة إلى الوصول لفهمٍ أعمق للنتائج التي قدّمها الباحث.
كتابة تقرير البحث
يقدِّم الباحث بعدَ الانتهاء من دراساته تقريراً عن بحثه العلميّ؛ وذلكَ بهدف وضع الدراسة في متناول الجميع، وهيَ مرحلةٌ مهمّة في المنهج العلميّ يتَّبِع الباحث فيها أسلوباً يتناسب مع الهدف من بحثه، ويشتمل تقرير البحث على ثلاثة عناصر رئيسيّة وهيَ على النحو الآتي:
- الجزء التمهيديّ: يتألف هذا الجزء من صفحة العنوان، وصفحة الإجازة، وصفحة التمهيد والشكر، وصفحة المحتويات، وصفحة قائمة الجداول، وصفحة قائمة الأشكال، ويمكن أن يضاف إليها صفحة الملاحق.
- صلب التقرير: يعرض هذا الجزء الدراسة بكافّة تفاصيلها بشكلٍ متسلسل، ويتكون صلب التقرير من ثلاثة عناصر يمكن تلخيصها بالآتي:
- المقدمة: يعرض الباحث في المقدمة مشكلة البحث، وتحليل الدراسات المرتبطة بموضوع البحث، والافتراضات التي وضعت أثناء الدراسة، ويذكر فيها أهداف البحث، وأهميته، وحدوده، ومصطلحاته، وجوانب قصوره.
- أسلوب المعالجة: يعرض الباحث في هذا الجزء الإجراءات التي اتبعها في بحثه، ومصادر البيانات التي اعتمدَ عليها من ناحية نوعها، وتصميمها، وتحكيمها، وثباتها، وصدقها، وتوزيعها، وطريقة جمعها، ويضمّ هذا الجزء أيضاً تحليل ومناقشة وتفسير النتائج التي توصّل إليها الباحث؛ وذلك باستخدام الجداول، والأشكال البيانيّة، والخلاصة، والنتائج، ويُختم هذا الجزء بوضع عدد من التوصيات والمقترحات.
- الخلاصة: يعرض هذا الجزء مراحل إعداد البحث، والتي تشمل بالترتيب مرحلة اختيار المشكلة، ومرحلة إعداد خطة البحث، ومرحلة إعداد تقرير البحث.
- المراجع والملاحق: يذكر فيها الكاتب المراجع التي جمعت منها البيانات، والملاحق، وفهرس للتقرير.