خطبة عن زكاة الفطر
مقدمة الخطبة
الحمدلله الواحد الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، الحمد لله الذي جعل من الشرائع منهج حياة للبشرية، وجعل من الدِّين سبيلاً للوصول إلى الغاية والحقيقة، وأصلي وأسلِّم على من بُعث لهذه الأمة بشيرًا ونذيرًا، وأشهد أنه قد بلَّغ عن ربِّه جميع ما أوحي إليه، فهدى هذه الأمة بسنته والسّير على نهجه، اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الوصية بالتقوى الله
أيها الموحدون، أوصيكم وأوصي نفسي بما أوصى الله به الأولين والآخرين: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّـهَ) ، وأحذركم وأحذر نفسي من معصية الله تعالى ومخالفة أمره ونهيه، لقوله تعالى: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) .
الخطبة الأولى
عباد الله ، إن من أفضل العبادات التي أوجبها الله تعالى علينا في هذا الشهر المبارك هي زكاة الفطر، تلكُم الزكاة التي تطهر نفس الإنسان من كل عيب ونقص قد أحدثه في أثناء صيامه، فمن طبيعة الإنسان أن يخطئ وأن يذنب.
لذا هذه الزكاة هي تطهير للذنوب في شهر رمضان، ففي الحديث: (فرضَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ زَكاةَ الفطرِ طُهرةً للصَّائمِ منَ اللَّغوِ والرَّفثِ وطعمةً للمساكينِ من أدَّاها قبلَ الصَّلاةِ فَهيَ زَكاةٌ مقبولةٌ ومن أدَّاها بعدَ الصَّلاةِ فَهيَ صدقةٌ منَ الصَّدقاتِ) .
كما وأوجبها رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل كبير وصغير، ذكرًا كان أم أنثى، حُرًا كان أم عبدًا، ففي الحديث: (فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ علَى العَبْدِ والحُرِّ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وأَمَرَ بهَا أنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلى الصَّلَاةِ) ، إذًا فيجب أن تؤدى هذه الزكاة قبل الخروج لصلاة العيد؛ أي قبل أداء صلاة العيد ، أمَّا إذا أُدِّيت بعد ذلك فهي صدقةٌ من الصدقات العادية.
أما عن مقدار زكاة الفطر فمقدارها صاع من بر أو صاع من تمر أو صاع من شعير، والصَّاع يُقدر بزماننا بـ 3 كيلو تقريبًا، ويبدأ وقت إخراجها ما بين غروب شمس ليلة العيد إلى صلاة العيد، ففي الحديث، وذهب آخرون إلى القول بوقت إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين لفعل ابن عمر رضي الله عنه.
عباد الله ، والواجب إخراج زكاة الفطر على الفقراء والمساكين، فيوسع الإنسان على الفقراء والمساكين بإخراجه هذه الزكاة، وقوله -عليه الصلاة والسلام- (صاع من تمر أو صاع من شعير) ، ليس على التحديد صاعًا، وإنما يجوز إخراج صاعين أو أكثر.
وإنما قُصد من إخراجها كما قُلنا التوسعة على الفقير وأهله وإغناؤهم عن السؤال في ذلك اليوم، فالمسلم يشعر مع غيره من المسلمين ويتذكر إخوانه المساكين في كل وقت وحين، جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وأما تأخير زكاة الفطر إلى ما بعد صلاة العيد فإنه آثم بتأخره، ولا تسقُط عنه الزكاة، بل يُخرجها فورًا، لكن يلحقه إثم، أمَّا من كان ناسيًا فلا إثم عليه ويخرجها متى ما تذكّر، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على كل حال، والصلاة والسلام على سيد الهُدى ومعلِّم الرجال، ومن على نهجه سار ومن على نهجه شدَّ الرحال، أما بعد، قد يتساءل بعض الناس هل يجوز إخراج زكاة الفطر مالًا ؟
فيا إخوتي في الله، قيل إن إخراجها طعامًا أفضل من إخراجها مالًا، وذلك لصراحة الحديث في الأمر بإخراجها طعامًا، ولكن يرى بعض الفقهاء جواز إخراجها قيمة، خاصة إن كان ذلك موافقا لحاجة الناس أكثر، فلنطّهر أنفسنا، ولنقتدي بنبيّنا الكريم، ونؤدّيها حق أدائها، ولا نؤخّرها أكرمنا الله وإياكم.
الدُّعاء
- اللهم ارحم ضعفنا، اللهم اجبر كسرنا، اللهم إنَّ حالنا لا تخفى عليك وأنت أعلم بها منا.
- اللهم ارفع عنّا الغلاء والوباء وتلسيط الأعداء فإنه لا يرفعه أحد سواك.
- اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها، إنك أنت وليها ومولاها.
- اللهم اجعلنا من عتقاء شهرك الكريم برحمتك يا أرحم الراحمين.
- اللهم لا تُخرجنا من هذا الشهر إلا بذنب مغفور وعمل متقبل مبرور.
- اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار برحمتك يا عزيز يا غفار.
- اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنّه هو الغفور الرحيم.