ما حكم تحية المسجد
حكم تحية المسجد
تحيّة المسجد هي ركعتان من غير الفريضة، يؤدّيهما المسلم عند دخوله للمسجد، وقد تفاوت أقوال الفقهاء في حكمها بيان قائلٍ بالاستحباب وقائلٍ بالوجوب، وفيما يأتي تفصيل قولهم.
القول الأول: استحباب تحية المسجد
ذهب جمهور الفقهاء إلى استحباب صلاة تحية المسجد؛ فهي من النوافل التي يحصل بها الثواب والأجر، واستدلّ جمهور الفقهاء على ما ذهبوا إليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخَل أحدُكمُ المسجدَ فليركَعْ ركعتَينِ قبلَ أن يجلِسَ)، ووجه استدلالهم بهذا الحديث أنّ الأمر الوارد في الحديث يُحمل على النّدب والاستحباب، ولا يُحمل على الوجوب؛ لأنّ النصوص الأخرى حصرت الصلاة الواجبة بالفرائض؛ أي الصلوات الخمس فقط.
القول الثاني: وجوب تحية المسجد
ذهب داود بن علي الظاهري وغيره من الظاهرية إلى وجوب ركعتي تحية المسجد؛ مستدلين بحديث النبي سابق الذكر، ووجه استدلالهم بهذا الحديث؛ أنّ الأمر الوارد في الحديث يفيد الوجوب، وأنّ هذا الوجوب مقيّد ب دخول المسجد ، وليس الوجوب المطلق كما في الصلوات الخمس.
شروط تحية المسجد
بيّن الفقهاء جملةً من الشروط المتعلّقة بأداء تحيّة المسجد، وفيما يأتي ذكرٌ لأبرزها:
- المكث في المسجد: ويُقصد به أن يقصد الداخل إلى المسجد البقاء فيه، لا المرور فقط، فإذا دخل المسجد دون قصد البقاء فلا يصلي تحية المسجد، وهو شرطٌ عند المالكية فقط.
- الدخول المسجد على وضوءٍ: وهو شرطٌ عند الحنفية والمالكية والحنابلة، بينما ذهب فقهاء الشافعية إلى أنّه إذا دخل المسجد وهو مُحدِث وأمكنه التطهُّر في وقت يسير، فإنّه يتوضأ ويصلي تحية المسجد.
- ألّا يوافق دخوله للمسجد وقت إقامة صلاة الجماعة: فإذا دخل في وقت صلاة الجماعة فإنّ تحية المسجد لا تُطلب منه.
- ألّا يوافق دخوله المسجد قيام الإمام للخطبة: فإذا دخل والإمام على المنبر لخطبة الجمعة، أو خطبة العيدين ونحوهما؛ فإنّ تحية المسجد لا تُطلب منه، عند الحنفيّة والمالكية، أما الشافعية والحنابلة؛ فذهبوا إلى أنّه يصلي ركعتين خفيفتين قبل أن يجلس.
عدد ركعات تحية المسجد
للفقهاء في عدد ركعات صلاة تحية المسجد أقوالٌ، فيما يأتي بيانها:
- قول الحنفيّة: ذهب فقهاء الحنفية إلى أنّ صلاة تحية المسجد تؤدّى ركعتان، أو تؤدّى أربع ركعات وهو الأفضل، ولا يُزاد عليها بنية تحية المسجد.
- قول المالكيّة: ذهب فقهاء المالكية إلى أنّ صلاة تحية المسجد هي ركعتان فقط دون زيادةٍ.
- قول الشافعيّة والحنابلة: ذهب فقهاء الشافعية الحنابلة إلى أنّه يُسنّ للمصلّي عند دخول المسجد أن يُصلّي ركعتين بنيّة تحية المسجد، وله أن يزيد على الركعتين ما شاء من الركعات.
تحية المسجد الحرام والمسجد النبوي
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ تحية المسجد الحرام للقادم إلى مكة سواءً من أجل التجارة أو الحج أو غيرهما؛ هي الطواف بالبيت الحرام ، وأما أهل مكة الذين لا يدخلون الحرم إلاّ لأجل الصلاة، وغيرها؛ فإنّ تحية المسجد في حقّه كتحية سائر المساجد؛ أي صلاة ركعتين، أمّا تحية المسجد النبوي فقد اتّفق الفقهاء على أنّه من دخل المسجد النبوي؛ فيُستحبّ له أن يذهب إلى الروضة ويُصلّي ركعتين تحية المسجد بجانب المنبر.
صلاة النافلة
فرض الله سبحانه وتعالى على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة، وجعل صلاة النافلة لمن أراد أن يزيد في التقرب منه سبحانه، ولمن أراد أن يجبر النقص الحاصل في صلاة الفرض، كما أنّ المسلم إذا حرص على أداء النوافل والتقرّب إلى الله -سبحانه- وتعالى- بأدائها؛ فإنّه يفوز بمحبَّة الله -تعالى- ومعيّته؛ بدليل ما ورد في الحديث القدسي: (وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ).