خطبة عن القضاء والقدر
المقدمة
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ فلا هاديَ له، ونشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد يُحيي ويُميّت وهو على كُلِّ شيءٍ قديرٌ، وأنّ مُحمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ عليه وعلى آله وصحابته وسلم.
الوصية بتقوى الله تعالى
عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله ، كما قال -عزّ من قائلٍ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)، وأحثّكم وإيّاي على لزوم أمره والاستقامة على طاعته، واجتناب نهيه والبعد عن محارمه.
الخطبة الأولى
عباد الله، إنّ القضاء والقدر من أمر الله تعالى، وعلى كلّ إنسان أن يؤمن بالقضاء والقدر خيره وشرّه، ومن كان يؤمن بالله ورسوله، ويوقن بحكمة الله تعالى وعدله؛ يدرك أنّ كلّ ما يكتبه الله تعالى للإنسان هو خيرٌ له، لهذا عليه أن يرضى بما قدّره الله رضًا تامًّا، ويسلّم أمره لله تسليمًا كاملًا.
إنّ المؤمن الحقّ يفرح بقضاء الله إن كان خيرًا ويستبشر به، ويصبر على القضاء والقدر الذي لا يسرّه، ويطلب أجر الصبر من الله تعالى، فالسرّاء بالنسبة للمؤمن قدرٌ مكتوبٌ كما الضراء تمامًا، ولا يجوز له أن يجزع أو أن يتزعزع إيمانه لمجرّد حصول شيءٍ لا يسرّه؛ لأنّ الأمر كله لله تعالى وبيده، وقد جاء في الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة الكثير من الحثّ والأمر ب الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشرّه.
إخوتي في الله، لا يوجد مفرٌّ أبدًا من القضاء والقدر؛ لأنهما أمران حتميان ومقضيان مهما كانت الظروف والأحوال، ولا يمكن أبدًا أن يردّ قضاء الله وقدره أي شيءٍ إلا الدعاء؛ لذا على المؤمن أن يدعو الله دائمًا بأن يكون القضاء والقدر خيرًا له ولأهله.
إنّ من الطبيعي جدًا أن تمرّ على الإنسان أقدارٌ لا يرغبها ولا يحبها، وفي هذه الحالة عليه أن يستسلم لمشيئة الله تعالى ويرضى ويصبر، فالمصائب والأمراض وكل ما لا يحبه الإنسان أقدارٌ يأخذ عليها الأجر والثواب إن صبر عليها، واحتسب أمره لله تعالى؛ لأنّ القضاء والقدر فيهما اختبارٌ لصبر الإنسان ومدى إيمانه ويقينه بالله تعالى، ومدى استسلامه لحكمه.
للقضاء والقدر مراتبٌ عدَّةٌ، وأولى هذه المراتب العلم، وهي أنّ الله تعالى يعلم القضاء والقدر، وثانيها الكتابة، ويعني أنّ الله تعالى يسجل كل الحركات والسكنات، والمرتبة الثالثة هي الإرادة والمشيئة، وهي ألّا شيء يحدث دون إرادة الله تعالى ومشيئته، والمرتبة الرابعة هي القدرة والخلق، أي أنّ الله خلق الكون وقدر عليه، وهو الذي يقدر على وقوع القضاء وردّه.
الخطبة الثانية
إخوتي في الله، لا بدّ أن يعي كلّ إنسانٍ أنّ الإيمان بالقضاء والقدر له أهميَّة عظيمةٌ، وينعكس مدى هذا الإيمان على طريقة تعامل الإنسان مع أقداره وردود فعله حولها، وطريقة تقبله لما يحدث معه من أحداثٍ كثيرةٍ، وعلى كلّ إنسانٍ أن يعي جيدًا أنّ الإيمان بالقضاء والقدر هو بابٌ للنجاة و نيل رضا الله تعالى، فمن يصبر على البلاء له أجرٌ عظيمٌ؛ لأنه صبر واحتسب على قسوة القضاء والقدر أما من يسخط فلن يجد إلا السخط، فالقضاء والقدر أمرٌ نافذ لا رجوع فيه، وحال المؤمن يكون متقلبًا ما بين الرضا والصبر والفرح، وكله خيرٌ له، ومن آمن بالقضاء والقدر، واستبشر خيرًا أعطاه الله تعالى الخير الكثير.
الدعاء
- اللهم آتنا في الدُنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار.
- اللهم اغفر ذُنوبنا، واستر عُيوبنا، وتقبل عباداتنا، وأجرنا من خزي الدُنيا ومن عذاب الآخرة.
- اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
- اللهم أعطنا ولا تحرمنا، وزدنا ولا تنقصنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا.
عباد الله، إنّ الله يأمر بالعدل و الإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون، وأقم الصلاة.