خطبة عن الصلاة على النبي
مقدمة الخطبة
الحمد لله على آلائه وصلاته وسلامه على أشرف الخلق الذي بُعث نورًا للمتبصرين وهداية للمهتدين، الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، الحمد لله الذي جعل الصلاة على الرسّول -صلى الله عليه وسلم- واتباع هديه من طاعته وامتثال أوامره، يقول -تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).
وأصلي وأسلّم على المبعوث رحمةً للعالمين، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وأنّ محمدًا رسول الله، الحمد لله الذي جعلنا من أفضل الأمم لاتباعنا هدي الحبيب -عليه السلام-، الحمد لله الذي خصّنا بالعبادات الموصلة إلى الفوز الكبير ودخول الجنّة، الحمد لله الذي جعل الذكر من العبادات التي يعود أثرها على الفرد والمجتمع؛ كالصلاة على النبي.
الوصية بتقوى الله تعالى
عباد الله، أوصيكم ونفسي بتقوى الله -تعالى-، فالزموا الطاعات وكفّوا عن السيئات، عباد الله، اعلموا أنَّ التوبة لها فضائلٌ عظيمة؛ فأولها دخول الجنة التي أعدّت للمتقين، يقول -تعالى- في محكم تنزيله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَـكِنَّ عَذَابَ اللَّـهِ شَدِيدٌ).
عباد الله، عليكم بالتقوى فإنّها السبب الرئيس لقبول الأعمال في الدنيا والفوز العظيم في الآخرة، وسارعوا إلى طلب المغفرة من الله، فهي خير زاد في يوم المعاد.
الخطبة الأولى
عباد الله، إنّ من أعظم الأذكار التي تُعدّ من العبادات المُنجية هي الصلاة على الرسول الكريم، حيث تُعدّ يا أحبّتي من ذكر الله -تعالى-، ومن المعلوم أنّ لذكر الله فضائل عظيمة، فمن ذكر الله ذكره.
ففي قوله -تعالى-: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)، وأذكّركم بأنّ الصلاة على النّبي من الجود والكرم، فقد ورد في بعض الأحاديث النّبوية أنّ البخيل هو من سمع اسم الرّسول ولم يصلي عليه، عباد الله، اعلموا أنّ الصلاة على النّبي سبب رئيس لمغفرة الذنوب والمعاصي، فلا بُدّ للمسلم أن يأخذ بأسباب الاستجابة.
فيبدأ بالحمد دائمًا ثم الصلاة على الرسول -عليه السلام-، فقد ورد عن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- أنَّ الرّسول قد بُشِّر بالمغفرة وإزالة الهمّ إذا لازم ذكر الصلاة عليه، يا معشر المسلمين، إنّ الصلاة على الرسول -عليه السلام- دلالة على الإيمان بالله -تعالى-، لحديث النبي: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ).
والمحبّة تكون بذكره واتباع أوامره واجتناب نواهيه، ومن الجدير بالذّكر يا كرام أنّ الصلاة عليه تُنمّي هذا الحب وتزيد من الأجر والثّواب المترتب على العبد في حياته الدنيا وآخرته، وإنّ من أفضل الأوقات يا أحبتي للصلاة على رسول الله هو يوم الجمعة، فزيادة الصلاة على النبي في هذا اليوم المبارك يعني زيادة للأجر.
أعلمكم أحبّتي أنّ الصلاة على النّبي سبب لسعادة الإنسان، وسبب لصلاة النبي عليه أيضًا، وهي مصدر لزيادة الحسنات في الميزان يوم القيامة،عباد الله، الصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- سبب لقرب النبي، وهي بمثابة ردِّ جميل، كما أنَّها سبب في نيل شفاعته يوم القيامة.
وأعلمكم أحبّتي أنّ يوم الجمعة فرصة عظيمة للإكثار من الصلاة على الرسول، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيهِ أُخْرِجَ مِنْها، ولا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا في يَومِ الجُمُعَةِ).
لذلك يا أحبتي أدعوكم ونفسي إلى الإكثار من الصلاة على النبي الكريم، فهي من الأعمال الصالحة والمباركة، لذلك يقول الإمام السندي -رحمه الله-: "إن العمل الصالح يزيد فضلًا بواسطة فضل الوقت"، وأحيطكم علمًا أنّ فضل الصلاة على الرّسول -عليه السلام- لا يقتصر فقط على يوم الجمعة، وإنّما في جميع الأيام.
ولكن بسبب فضل يوم الجمعة مع فضل الصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- يكون الأجر مضاعفٌ إن شاء الله،عباد الله يمكنكم الصلاة على النّبي بأيّ صيغة تحفظونها، ومن الصيغ الواردة في السنة النبوية الشريفة للصلاة على رسول الله:
(اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسولِكَ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ. قالَ أبو صَالِحٍ عَنِ اللَّيْثِ: علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا ابنُ أبِي حَازِمٍ والدَّرَاوَرْدِيُّ، عن يَزِيدَ، وقالَ: كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وآلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وآلِ إبْرَاهِيمَ).
وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
اللهم إنَّا نحمدك ونستعينك ونستغفرك، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشداً، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وأنّ محمدًا رسول الله، عباد الله أوصيكم بالذكر الكثير وأعلمكم أنّ الصلاة على الرّسول -صلى الله عليه وسلم- من أعظم الذكر عند الله -تعالى-.
أذكّركم أحبتي بأنَّ الصلاة على الرسول الكريم سبب لنيل شفاعته يوم القيامة، كما أنّها سبب رئيس في مغفرة الذنوب والمعاصي، فالتزموا بها في كافة الأوقات، ولا سيّما في يوم الجمعة.
الدعاء
- اللهم اجعل ذكرك عامرًا على ألسنتنا، واجعل ذكر نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- جلّ أفئدتنا.
- اللهم أعنّا على الصلاة والذكر، وأعنّا على التقرب بما أمرت ونبيّك محمد -عليه السلام-.
- اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا واجعل الصلاة على النبي مسرى حياتنا.
- اللهم إنّا نصلي على الرّسول -صلى الله عليه وسلم- فلا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
- اللهم صلّ على حبيبك محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، قدوة الأولين والآخرين.
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون، وأقم الصلاة.