خصائص شعر عنترة بن شداد
ما هي خصائص شعر عنترة بن شداد؟
عنترة بن عمرو بن شدّاد هو من شعراء قبيلة عبس، وأشهر فرسان العرب، وأحسنهم شعرًا قبل الإسلام، كان أبوه من أشراف بني عبس، أمّا أمه فكانت حبشية يُقال لها "زبيبة" ورث عنها سواده، ولم يعترف به أبوه إلا بعد حرب داحس والغبراء، اشتهر بين العرب بنبل الصفات، وحسن الأخلاق، كذلك عُرف بالجود والكرم، والشجاعة والحلم، ولقب بالفلحاء؛ لتشقق في شفتيه، واختلفت الروايات في ذكر سبب وفاته إلا أن العرب زعمت أن قبيلة طيئ كانت السبب في لقاء حتفه، وفيما يلي أهم خصائص شعر عنترة:
الخصائص الفنية
- تصوير المظاهر الفردية التي يتمتع بها من خلال اعتزازه بنفسه والتغني بفروسيته، كذلك ويظهر في أشعاره اعتزازه بقبيلته إلا أن هذا الاعتزاز لا يظهر كثيرًا في أشعاره بالمقارنة باعتزازه بذاته.
- الواقعية في شعره بمعنى أنّ ما يتغنى به الشاعر في أشعاره إنما هي أحداث جرت في واقعه أفرد لها صورًا وتراكيب رائعة، فهو بذلك يتسم بصدق النقل في أشعاره لما يدور حوله، كذلك ولم يكتفِ بسرد الأحداث التي تدور حوله بل تعدى إلى أكثر من ذلك فسرد الأحاسيس الداخلية والآلام النفسية التي تعتريه.
الخصائص التصويرية
- بث الحركة في الصورة أي إعطاء الصورة الثابتة في الأبيات الشعرية نوعًا من الحركة خصوصًا في شعر الغزل، وهذا يتم من خلال الألفاظ التي يختارونها أحسن اختيار، والحقيقة أن الملكة اللغوية التي عند العرب هي التي مكنتهم من تحريك الصور الثابتة بطلاقة وسهولة.
- العناية بعناصر الصورة وهذه ميزة يتميز بها عنترة عن غيره، فهو بما يملكه من قدرات يستطيع أن يصور مجريات الحياة من خلال الملاحظة المباشرة لها.
- العناية بالتشبيه فقد أورد عنترة في أشعاره الكثير من التشبيهات، وعدّد في أنواعها فتارة يكون التشبيه تمثيلًا، وتارة مفصلًا، وتارة مؤكدًا، كذلك واعتنى بالاستعارة، والكناية، والصور الخيالية.
الخصائص اللغوية
- سهولة المفردات حيث كانت مفرادته سلسلة قليلة التعقيد أو الغرابة.
- الصياغة في شعر عنترة احتوت على جميع أدوات الصياغة المتمثلة بالألفاظ والأساليب والخيال والموسيقى، وبالحديث عن أسلوب الشاعر فهو يشابه أسلوب شعراء عصره فكانوا يبدأون شعرهم بالوقوف على الأطلال ثم ينتقلون إلى وصف الطريق الذي يقطعونه ثم يصفون الناقة ثم يصلون إلى أغراضهم سواء أكانت مدحًا أم هجاءً أم غزلًا.
- ألفاظ عنترة في شعره كانت تأخذ سمة الموقف الذي قيلت فيه، بمعنى إن ذُكرت في الحرب كانت ألفاظًا قوية صلبة، وإن كانت في الغزل كانت لينة.
الأغراض الشعرية في شعر عنترة بن شداد
الناظر في شعر عنترة يرى تعدد الأغراض التي تناولها في قصائده إلا أن أساس هذه الأغراض هو الفروسية، حتى التصقت هذه الصفة به، فإذا ما ذُكرت الفروسية ذُكر عنترة فأصبح مثلًا لها، وهذه بعض الأغراض السائدة في شعره:
الوصف
وهو على ثلاثة أقسام:
- وصف الأطلال والديار: وهذا يظهر جليًا في معلقته الشهيرة، فنجد أن الشاعر يسأل الديار ويطلب منها أن تتكلم وتخبره بأحوال محبوبته، ثم يتذكر ارتحالها وانتقالها، فلم يبق له إلا الذكرى، والملاحظ في معلقته عند ذكره للديار والأطلال يميل إلى التطويل والتكرير فهو لا يكاد يذكر الرحيل حتى يعود إلى ذكر الديار.يقول في مطلع معلقته:
هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ
- أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ
أَعْيَاكَ رَسْمُ الدَّارِ لَمْ يَتَكَلَّـمِ
- حَتَّى تَكَلَّمَ كَالأَصَـمِّ الأَعْجَـمِ
يا دارَ عبلة بالجواءِ تكلَّم
- وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي
فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّه
- فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ
- وصف الناقة: فقد تمكن عنترة من وصف ناقته وصفًا في غاية الروعة حيث يقول مخاطبًا لها: هل لك أيتها الناقة أن تبلغيني دار الحبيبة، ودعا على ناقته بأن تُحرم اللبن لتكون أقوى على تحمل الأسفار، ثم ذكر صفاتها وهي رافعة ذنبها في سيرها مرحة نشطة بعدما سارت الليل كله متبخترة، وشبه سرعتها بسرعة الظليم وهو ذكر النعام.
هَلْ تُبْلِغَنِّي دَارَهَـا شَدَنِيَّـةٌ
- لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرَابِ مُصَـرَّمِ
خَطَّارَةٌ غِبَّ السُّـرَى مَـوَّارَةٌ
- تَطِسُ الإِكَامَ بِذَاتِ خُـفٍّ مِيْثَـمِ
وَكَأَنَّمَا أَقِصَ الإِكَامَ عَشِيَّـةً
- بِقَرِيبِ بَيْنَ المَنْسِمَيْـنِ مُصَلَّـمِ
- وصف الفرس: حيث جهزه خصيصًا للحرب وهو فرس أصيل صبور فقد وصفه عند حديثه عن فروسيته فجمع بين وصف الفرس، والاعتزاز بفروسيته.
هَلاَّ سَأَلْتِ الخَيْلَ يَا ابْنَةَ مَالِكٍ
- إِنْ كُنْتِ جَاهِلَـةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي
إِذْ لا أَزَالُ عَلَى رِحَالةِ سَابِحٍ
- نَهْـدٍ تَعَاوَرُهُ الكُمَاةُ مُكَلَّـمِ
طَوْرًا يُجَـرَّدُ لِلطِّعَانِ وَتَـارَةً
- يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْرِمِ
الغزل
من الطبيعي أن نرى في قصائد عنترة حديثًا مطولًا عن الغزل؛ ذلك لأن العصر الذي عاش فيه كان يكثر فيه الحديث عن المرأة، كذلك ولا يخفى علينا حبه وتعلقه بابنة عمه "عبلة"، والملاحظ في غزل عنترة أنه يهدف إلى وصف أيام المحبوبة، ويمتاز بغزله أنه عذري عفيف غير فاحش يهدف لإبراز الصفات الحسنة والتغني بالجمال :
رَمَتِ الفُؤَادَ مَليحَةٌ عَذراءُ
- بِسِهامِ لَحظٍ ما لَهُنَّ دَواءُ
مَرَّت أَوانَ العيدِ بَينَ نَواهِدٍ
- مِثلِ الشُموسِ لِحاظُهُنَّ ظُباءُ
فَاِغتالَني سَقَمي الَّذي في باطِني
- أَخفَيتُهُ فَأَذاعَهُ الإِخفاءُ
خَطَرَت فَقُلتُ قَضيبُ بانٍ حَرَّكَت
- أَعطافَهُ بَعدَ الجَنوبِ صَباءُ
الحماسة والشجاعة
اشتهرعنترة بالشجاعة، فهو في هذه الأبيات لا يستمع إلى تخويف صاحبته له مما قد يلقاه من المكاره بسبب تهافته على الحروب فيجيبها أن المنية مورد كل إنسان فليكن موتي في ميادين الحروب، ويدعوها أن تصون حياءها، فهو ميت على كل حال وخير له أن يموت مناضلًا عن قومه.
بكَرتْ تخوفني الحتوفَ كأنني أَصْبحْتُ عن غَرض الحَتوفِ بِمَعْزِل
- فأَجَبْتُهَا إنْ المَنيَّة مَنْهلٌ لا بدَّ أنْ أُسْقَى بكأْس المنْهل
- فاقني حياءك لا أبا لكِ واعلمي أني امرؤ سأموتُ إن لم أقتل
- إنَّ المنيَّة لو تُمثَّلُ مُثِّلتْ مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل
الفخر
من الأغراض الشعرية التي تناولها عنترة بكثرة في قصائده، فكثيرًا ما يتحدث عن نفسه ويفتخر بفروسيته وشجاعته ومن ذلك:
خلقتُ من الحديدِ أشدّ قلباً
- وقد بَليَ الحديدُ وما بليتُ
وفي الحرب العوان ولدتُ طفلاً
- ومن لبن المعامع قد سقيتُ
وإنّي قد شربت دم الأعادي
- بأقحاف الرؤوس وما رويت
نماذج من شعر عنترة بن شداد
- قصيدة: وللموت خير للفتى من حياته
وَلَلمَوتُ خَيرٌ لِلفَتى مِن حَياتِهِ
- إِذا لَم يَثِب لِلأَمرِ إِلّا بِقائِدِ
فَعالِج جَسيماتِ الأُمورِ وَلا تَكُن
- هَبيتَ الفُؤادِ هَمُّهُ لِلوَسائِدِ [مرجع]
- قصيدة: أطوي فيافي الفلا
أَطوي فَيافي الفَلا وَاللَيلُ مُعتَكِرُ
- وَأَقطَعُ البَيدَ وَالرَمضاءُ تَستَعِرُ
وَلا أَرى مُؤنِساً غَيرَ الحُسامِ وَإِن
- قَلَّ الأَعادي غَداةَ الرَوعِ أَو كَثِروا
فَحاذِري يا سِباعَ البَرِّ مِن رَجُلٍ
- إِذا اِنتَضى سَيفَهُ لا يَنفَعُ الحَذَرُ
- قصيدة: قف بالديار
قِف بِالدِيارِ وَصِح إِلى بَيداه
- فَعَسى الدِيارُ تُجيبُ مَن ناداها
دارٌ يَفوحُ المِسكُ مِن عَرَصاتِه
- وَالعودُ وَالنَدُّ الذَكِيُّ جَناها
دارٌ لِعَبلَةَ شَطَّ عَنكَ مَزارُه
- وَنَأَت لَعَمري ما أَراكَ تَراها
ما بالُ عَينِكَ لا تَمُلُّ مِنَ البُكا
- رَمَدٌ بِعَينِكَ أَم جَفاكَ كَراها