خصائص شعر امرؤ القيس
خصائص شعر امرؤ القيس
يمتاز شعر امرؤ القيس بخصائص عديدة منها:
جزالة الألفاظ وسهولة المعاني
كان للبيئة البدوية التي نشأ فيها امرؤ القيس أثر في الألفاظ فجاءت جزلة، ورقيقة، ومعانيها قريبة لا تعقيد فيها، فعندما كان يتحدّث عن الحب فإنه يصف المرأة وجمالها ومحاسنها، وبالتحدُّث عن الفَرَس يأتي على ذكر ساقه ومتنه وشعره، أما المطر فيصف كثرته وآثاره على البيوت، دون أن يتطرق إلى ما وراء هذه الأوصاف الحسيّة في الخيل والمطر، أو عن عواطفه الإنسانية في حُبّه وغزله.
الإجادة في التصوير
برع امرؤ القيس في التصوير، فهو يُصوّر الليل بظلامه وهمومه، ويبين كيف أنّه شديد الطول لدرجة يظن فيها أن نجومه مربوطة بحبل وثيق فهي لا تتحرّك من مكانها، وبعدها يُصوّر سُرعة الخيل تصويرًا بديعيًا، فهو لشدة حركته وسرعته يخيل لك كأنّه يروح ويجيء في الوقت نفسه، وكأنّه صخر تسقط من السيل الكائن في ذروة جبل عال.
يقول امرؤ القيس في معلقته :
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي
- بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثل
فيا لكَ مِن ليلٍ كأن نجومه
- بكلِّ مغارِ الفتلِ شدت بيذبل
مكرٍ مفرٍ مقبلٍ مدبِرٍ معًا
- كجلمود صخرٍ حَطَّه السَيل من علِ.
دقة الوصف
ركز وصف امرئ القيس على ما يُحبه العربي من مظاهر الجمال في المرأة وفي الفرس، وكان وصفه بيانًا مُفصّلًا لزينة المرأة وترفها، إضافةً إلى ذلك، فإنه أجاد وصف الطبيعة، فقد وصف وميض البرق وتألُّقه في سحاب مُتراكم، وشبّه هذا التألق واللمعان بحركة اليدين عند الإشارة بهما، ويصف كيف جلس هو وأصحابه يتأمّلونه والسحاب يسحّ سحًّا، حتّى تقتلع سيوله كلّ ما في طريقها من أشجار.
يقول امرؤ القيس:
أحار ترى برقًا أُريك وميضه
- كلمع اليدين في حبِيٍ مكللِ
يضيء سناه أَو مصابيح راهبٍ
- أَهان السليط في الذبال الُفتل
قعدت له وصحبَتي بين حامرٍ
- وبين إِكامِ بُعد ما مُتأملِ
وأَضحى يسح الماءُ عَن كُلِ فَيقةٍ
- يَكُبُّ عَلى الأَذقانِ دَوحَ الكنهبَلِ
تنوُّع الأغراض
كانت القصيدة تجمع عدّة أغراض شعرية ، فعادةً ما تبدأ بالغزل وذكر الأطلال، ثمّ يتّجه إلى وصف الناقة أو الفَرَس، وبعد ذلك ينتقل إلى الغرض الرئيسي من فخر أو مدح أو هجاء، وقد يختمها بشيء من الحكمة، وهذه الأغراض جديّة وليست مُبتذلة عند امرئ القيس.
صدق العاطفة
هو أن يكون النص الأدبي ناتجًا عن انفعال حقيقي غير زائف ولا مُصطنع، ويظهر ذلك عندما تحدّث الشاعر عن جمال الأيام مع عشيقته، خاصة يوم الغدير، فقد عبّر الشاعر عن فرحه بوصال النساء، ولا يوم من تلك الأيام مثل يوم دارة جلجل، ويوم عقر مطيّته، على سائر الأيام الصالحة التي فاز بها.
يتمثّل ذلك بقوله:
ألا رُب يَومٍ لَكَ منهن صالحٍ
- وَلا سِيما يوم بدارة جلجلِ
ويوم عَقرتُ للعذارى مطيتي
- فَيا عَجَبًا مِن كورها المتحملِ
فظل العَذارى يرتمين بِلحمها
- وَشحمٍ كَهُدّاب الدمقس المفتلِ
البراعة في الخيال
الخيال عند امرئ قيس هو خيال تأليفي، يجمع بين الأفكار والصور المُتناسبة، وقد استعمل امرؤ القيس التشبيه ليُساعده على إظهار الخيال، فقد شبّه عنق المرأة بعنق ظبية في حال رفعها عنقها، وشبّه شعرها بالنخلة التي أخرجت ثمرها، ثمّ قال: أنها تتناول الأشياء ببنان لين ناعم غير غليظ، كأنّ الأنامل تُشبه المساويك، وتُضيء بنور وجهها ظلام الليل، فكأنّها مصباح راهب مُنقطع عن الناس.
تتمثل براعة خياله بقوله:
- وَجيدٍ كجيد الرِئمِ ليس بفاحشٍ
إِذا هِيَ نَصته ولا بِمعطلِ
- وفَرعٍ يَزينُ المَتنَ أَسوَدَ فاحمٍ
أثيثٍ كَقنو النخلة المُتعثكلِ
- غَدائِرُهُ مُستشزِراتٌ إِلى العُلا
تَضِلُّ العِقاصَ في مُثَنّىً وَمُرسَلِ
- وتَعطو بِرَخصٍ غَيرِ شَثْنٍ كَأنهُ
أَساريعُ ظَبيٍ أَو مَساويكُ إِسحلِ
- تُضيء الظلامَ بِالعِشاءِ كأنها
منارةُ ممسى راهِبٍ مُتبتلِ
الآراء في شعر امرئ القيس
من الآراء التي قيلت في شعر امرئ القيس ما يأتي:
- قال سيدنا عمر: "امرؤ القيس سابقهم، خسف لهم عين الشعر، فافتقر عن معان عور أصح بصرًا."
- قال ابن سلام: "إنّ امرأ القيس سبق العرب إلى أشياء ابتدعها واستحسنها العرب، واتبعه فيها شعراء، منها: استيقاف صحبه، والبكاء على الديار، ورقة النسيب، وقُرْب المأخذ، وتشبيه بالظباء والبيض، والخيل بالعقبان، وهو أول من قيّد الأوابد وأجاد في التشبيه."
- حكى البغدادي: "في خزانته عن بعض العلماء بالشعر، أنّ امرأ القيس أحسن الشعراء ابتداعًا."
- قال الحُطيئة: "امرؤ القيس أشعر العرب."