خصائص النقود الورقية ومراحل تطورها
خصائص النقود الورقية
النقود الورقية هي أحد أنواع العملات التي تختلف عن بعضها البعض تبعًا لكل دولة تُصدرها، إذ إنّ لكل دولة عملة ورقية خاصة بها تُستخدم لشراء الخدمات والسلع داخل الدولة نفسها وتُصدر من قِبَل البنك المركزي أو الخزينة الخاصة بكل دولة بما يتماشى مع السياسة النقدية لتلك الدّولة، وفيما يأتي أهم مميزات النقود الورقية:
- سهولة التداول والحصول على السلع والخدمات.
- قابلية إعادة الإصدار بنسخ أكثر أمانًا وأكثر ملاءمةً للوضع العام.
- تصدر من قِبَل البنك المركزي بشكل منظّم ومحمي.
سهولة إنتاجها وقلة كلفته
تُنتج الدول النقود ولكل دولة قيم للنقود خاصة بها، إذ يوجد عدد من العوامل المؤثرة على قيمة النقود؛ وهي القوة الاقتصادية للدولة وإنتاجها للنفط، والعملات الأجنبية، ومقدار ما تمتلكه الدولة من الذهب، وهذا النوع من النقود محمي بواسطة قانون البنك المركزي، و تُعد تكلفة إنتاج النقود الورقية أقل من تكلفتها التبادلية لذلك انتشرت العديد من المشاكل؛ كالتزوير، بينما العملات المعدنية أقل عُرضة لمثل تلك المشاكل كونها مصنوعة من المعادن؛ كالذهب، والفضة، والحديد.
سهولة تداولها
النقود الورقية ذات قيمة أعلى وذات قيمة حقيقية إذ يُمكن استخدامها في العمليات التجارية، وتؤدي الكثير من الوظائف وتؤثر على اقتصاد البلاد، بينما العملة المعدنية ذات قيمة منخفضة إذ من الممكن أن تلبي بعض الاحتياجات الشرائية اليومية البسيطة ويتم تداولها في الأماكن العامة، كما أن تداول النقود الورقية يُغني عن حمل العملات المعدنية الثقيلة، بالإضافة إلى كونها الوسيلة الأكثر قبولًا والأسهل تداولًا من العملات المعدنية.
اختصاصها بدولة أو إقليم معين
تُنتج كل دولة نقودها الخاصة ضمن شروط محددة، فقبل الحرب العالمية الثانية كانت العملة السائدة هي الجنيه البريطاني، بينما كان يُستخدم اليور كعملة رسمية في 19 دولة من أصل 27 من دول الاتحاد الأوروبي.
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية أصبح الدولار الأميركي هو العملة الاحتياطية السائدة؛ حيث يتم تداوله من قِبل ما يقارب الـ350 شخصاً حول العالم، وتُستخدم العملة الورقية الأميركية في جميع مناطق الولايات المتحدة، وفي عدد من البلدان والمناطق خارج إقليمها؛ مثل الإكوادور، والسلفادور، وزيمبابوي، وجزر مارشال، وفي الإقليمان البريطانيان، وجزر تركس وكايكوس، وجزر فيرجن، كما وتستخدمها عدد من الدول؛ كجزر البهاما، وميانمار، وكمبوديا، وليبيريا، وغيرها إلى جانب العملة المحلية، كما أنّ العملات المعدنية وخاصة الذهب والفضة ذات قبول عام على المستوى الدولي وعلى مر العصور.
قابليتها للتجزئة لقيم أصغر
تُعبِّر الأموال الورقية عن قيمة البضائع والخدمات، ومن الممكن تسعير السلع والخدمات بقيمة عملة معينة، بينما لا يمكن قياس قيمة السلع والخدمات باستخدام العملات المعدنية، كما من الممكن تجزئة العملات المعدنية المصنوعة من الذهب والفضة إلى وحدات صغيرة.
مراحل تطور النقود الورقية
اعتُمدت النقود الورقية النائبة والتي تنوب عن نقود حقيقية في البنك محليًا؛ إذ تم إيداع الذهب والفضة مقابل صكوك، حيث أصدرت البنوك صكوك أو ما يسمى بأوراق البنكنوت محددة القيمة وضمن فئات متعددة لصالح المودع، وفي المرحلة التالية ظهرت مرحلة النقود الورقية الائتمانية؛ حيث تمادت بعض البنوك في إصدار البنكنوت لذلك لجأت الحكومات إلى تنظيم عملية إصدارها عبر بنك واحد تحت إشراف ورقابة الحكومة يسمى البنك المركزي.
في المرحلة الثالثة التي تلت الحرب العالمية الأولى، ارتفع الإنفاق الحكومي للدول المشاركة في الحرب، فبدأ الناس باسترجاع ممتلكاتهم من الذهب من البنوك، فأصدرت الحكومة ما يسمى بالنقود الإلزامية القانونية حيث تُعفي هذه النقود البنوك المركزية من صرف تعهداتها وتُلزم الأفراد بقبول هذا النوع من النقود، وفيما يأتي مراحل ظهور النقود الورقية:
أول عملة ورقية
يعود تاريخ النقود الورقية إلى القرن السابع الميلادي؛ فقد استُخدمت لأول مرة من قبل الصينيين، وكان الهدف الرئيسي من استخدامها تقليل الحاجة لحمل سلاسل العملات المعدنية الثقيلة التي كانت تُستخدم في المعاملات؛ إذ كان الفرد يقوم بتحويل السلاسل المعدنية مقابل حصوله على ورقة تُثبت مقدار الأموال التي أودعها، مع إمكانية استبدال تلك الورقة بالعملة في وقتٍ لاحق، ثُم انتشرت النقود الورقية في أجزاء أخرى من العالم في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر حيث قام الأفراد باستبدال الذهب والفضة بما يُشابه الأوراق النقدية.
أول سوق للعملات
بدأ استخدام النقود الورقية كوعود أو مطالبات بالذهب والفضة من الطرف المودع لديه كالأفراد أو الشركات، ولاحقًا من قبل البنوك والتجار، على شكل أوراق نقدية وإدخالات دفترية ذات قابلية للتحويل وسُمّيت لاحقًا بالودائع، وتولّت الحكومات بشكل تدريجي الإشراف على هذه العملية، ووضعت الضوابط، وحددت وزن وتركيب العملات المعدنية، واستبدلت وعود الدفع بالذهب والفضة بأوراق نقدية صادرة من قبل الحكومة السيادية.
ثمّ أصدرت البنوك صكوك متنوعة ذات قيم محددة ومختلفة، وذلك لتسهيل عملية التبادل التجاري وعدم الحاجة للرجوع إلى البنوك، ولاحقًا ظهرت أوراق البنوك أو ما يعرف بالنقود النائبة (أي أنها ليست نقود لكنها تنوب عن النقود)، وتتميز هذه النقود بأنها موثوقة ومقبولة لدى الأفراد مما شجّع البنوك على إصدار كميات أكبر منها.
العملات النقدية اليوم
أدى التعامل بالنقود الورقية في أوروبا إلى نمو وازدهار التجارة الدولية، فقد أُنشئ أول سوق للعملات عن طريق قيام البنوك والطبقات الحاكمة بشراء العملات المختلفة من الدول الأخرى، كما تأثرت قيمة العملات باستقرار النظام الملكي وبطبيعة الحكومات، التي بدورها أثّرت على التجارة في الأسواق الدولية حيث ظهرت حرب العملات في هذه الفترة، وفي الوقت الحالي ظهرت أنواع جديدة من العملات كالمدفوعات عبر الهاتف النقال والعملة الافتراضية، وعلى الرغم من هذه التطورات إلى أن المال النقدي هو المؤثرالحقيقي والدائم إلى حد اللحظة.
مستقبل النقود الورقية
هل ستختفي النقود الورقية من العالم؟! بسبب التطور في الحياة، وزيادة التواصل الاجتماعي، والتوسع بالمعاملات التجارية، أصبحت إمكانية اقتناء السلع أو الخدمات مُمكنة من أي مكان في العالم وهو ما يُعرف بالتجارة الإلكترونية، وقد خلقت التجارة الإلكترونية أساسًا للنقود الإلكترونية التي هي بديل عن النقود الورقية، حيث بدأت ببطاقات الائتمان، وبطاقات الصراف الآلي، وبطاقات مسبوقة الدفع، وظهرت فيما بعد أنظمة إلكترونية أخرى للدفع سهلة وآمنة، ولاحقًا تطورت النقود الإلكترونية لتصبح عملات إلكترونية فيما يُعرف بالنقود الرقمية التي تُنتج بواسطة البرمجة الإلكترونية.
تُعتبر العملات الافتراضية هي أحد نتائج التطور التقني الذي شمل الكثير من النواحي في العالم، إذ إنَّ التطور التقني مرغوب لما فيه من تسهيل على أمور الناس الحياتية، وتُعد الصناعات التكنولوجية بجميع أشكالها ذات خصائص سهلة وسريعة الاستخدام، لكن ليس هنالك ضوابط أو قانون يحمي العملات الافتراضية، كالقانون والضوابط التي تحمي النقود الورقية والإلكترونية.
ووفقًا لعميد كلية العلوم الاجتماعية بجامعة كاليفورنيا بيل مورير "إنّ إلغاء النقود الورقية والعملات المعدنية يؤدي إلى عدد من السلبيات؛ أهمها إقصاء طبقة الفقراء اقتصاديًا، وبالتالي تخفيض أسعار الفائدة في البنوك المركزية إلى ما دون الصفر، ولكن من ناحية أخرى إنّ إلغاء النقود الورقية سيمنح البنوك المركزية المزيد من الأدوات للتعامل مع الأزمات المالية والنقدية، وسيُسهّل من مدفوعات الإغاثة التي تجرى عبر القنوات الرقمية".
النقود الورقية هي أحد أشكال تطور النقود؛ وهي سهلة الإنتاج، وسهلة التداول، ولكل دولة عملة خاصة بها ولكنها قد تستخدم عملات الدول الأخرى السائدة كالدولار الأميركي واليور بشكل رئيسي إلى جانب العملات المحلية، وقد بدأ إنتاج العملات الورقية من قبل الصينين قبل الميلاد وتطوّرت بشكل تدريجي خلال العصور المختلفة وصولًا إلى التطور التقني حيث توجد النقود في الوقت الحالي على شكل نقود إلكترونية وعملات افتراضية.