خصائص المقال النقدي
ما هي خصائص المقال النقدي؟
المقال النقدي؛ هو المقال الذي يقوم على عرض وتحليل وتفسير وتقويم ما يتم إنتاجه، سواء كان هذا الإنتاج أدبيًا أو علميًا أو فنيًا؛ وذلك من أجل بناء منظومة وعي لدى القارئ بمدى أهمية هذا الإنتاج والعمل على إثرائه معرفيًا لانتقاء الإنتاج المناسب بالنسبة له في المجال الذي يُريده، ويكون ذلك من خلال المعايير التي يضعها النقاد.
المقال النقدي يُعد من أشمل أنواع المقالات؛ لأنّه يتناول موضوعات مختلفة ويقوم بدراستها وتفكيكها ونقدها فهو لا يقتصر على العلوم الإنسانية والاجتماعية فقط بل يشمل العلوم الطبيعية والتطبيقية والتكنولوجيا والأعمال، لكنّه في الغالب يرتبط بالمجال الثقافي والأدبي والمسرحي والسينمائي، وتتلخص أهم خصائص المقال النقدي فيما يأتي:
تكونه من المقدمة والجسم والخاتمة
المقال النقدي بناء متماسك يُقدّم الكاتب من خلاله حججه ودلائله، ويتكون المقال النقدي من ثلاثة عناصر على النحو الآتي:
- مقدمة المقال النقدي
يعرض الكاتب من خلالها القضية أو المشكلة التي يتناولها المقال، فمن خلالها يُمهّد الكاتب لموضوع المقال ويُدخله في تفاصيله، ويجب أن يحرص الكاتب على أن تكون المقدمة مشوقةً وجاذبةً للقارئ لإكمال المقال والتعرف على أهم ما يُميز هذا الموضوع، ويُبين بها التجديد والتطوير الذي أضافه هذا العمل إلى مجاله.
- جسم المقال النقدي
هو المحور والأساس الذي يعرض القضية المراد نقاشها بموضوعية وحيادية تامة ويُجيب عن التساؤلات، ويُبين الكاتب هُنا الإطار التاريخي للفكرة ويُثريها بالمعلومات ثم يبدأ الكاتب بتحليل وتفكيك الفكرة الرئيسة فيشرحها من وجهات النظر المختلفة ويُجري مقارنات بينها.
- خاتمة المقال النقدي
هي آخر جزء في المقال النقدي ولا تقل أهميةً عن المقدمة فهُنا يستطيع الكاتب المفاضلة بين وجهات النظر التي استعرضها، وإثراء المقال بوجهة نظره المدعّمة بالحجج التي استعرضها في النص.
الإيجاز والاختصار
يجب أن يكون المقال النقدي موجزًا، ولا يُقصد بالإيجاز ترك الكاتب الفكرة دون توضيح وبيان للحجج والأسس التي تقوم عليها، إنّما يُقصد بذلك التخلص من كل ما هو زائد عن الحاجة من حشو أو تكرار، فكل ما هو زائد يُؤدي إلى ضعف النص وتماسكه ويُولد الملل في نفس القارئ.
الوضوح
يُعرف المقال النقدي بالوضوح والمباشرة سواء من حيث الشكل أو اللغة أو المضمون، أمّا من ناحية الشكل فيجب أن يكون المقال منسقًا وفق قواعد تنسيق المقال فيسهل على القارئ قراءته والاستفادة مما جاء فيه، وأمّا من ناحية اللغة فعلى الكاتب اختيار اللغة البسيطة المفهومة من شرائح القرّاء المستهدفة فلا يُعقل استخدام لغة أهل الاختصاص والفئة المستهدفة هم العامة.
من ناحية مضمون المقال، فيجب على الكاتب الحرص على عرض الفكرة الرئيسة بطريقة واضحة يُدركها القارئ، وأن يحرص على مراعاة تسلسل الأفكار والدلائل من حيث الأهمية، فإن غفل الكاتب عن كل هذا أصبح المقال غامضًا ولا يُحقق الفائدة المرجوة من كتابته.
الصدق والحيادية
يُقصد بالحيادية طرح القضية بكل ما جاء فيها من الآراء دون التحيز إلى وجهة نظر معينة، كما يجب ألا يكون المقال مؤدلجًا، وذلك يعني عدم التمسك بأيديولوجيا معينة عند طرح فكرة المقال.
أمّا إن كان المقال النقدي يتناول أيديولوجيا معينة كموضوع للنقاش فيجب على الكاتب عرض وجهة النظر المعارضة لها لضمان الحيادية، ويجب على الكاتب أن يحرص على عدم اجتزاء الأفكار بطرق عشوائية.
تقديم الأدلة العلمية والبراهين المقنعة
يجب على الكاتب أن يتحلى بالإنصاف لمختلف وجهات النظر في مقاله النقدي سواء كانت وجهات نظر مؤيدة أم معارضة وبذلك يُحقق التوازن، ويجب على الكاتب عند استعراض الأدلة والبراهين الحرص على أن تكون مصادرها موثوقةً معروفةً.
غالبًا ما تكون المصادر من خلال آراء المختصين في مجال الفكرة التي يُناقشها في مقاله النقدي، وأمّا إن كان الموضوع عن قضية معاصرة يُمكن اللجوء إلى شهادة شهود العيان مع ضرورة التوثيق.
الاستناد على انطباعات الكاتب الذاتية
يُمكن لكاتب المقال النقدي تقديم انطبعاه وتضمينه في نهاية المقال، فالمقال النقدي لا يقتصر على تطبيق مجموعة من القواعد الميكانيكية الصارمة بل يحتاج إلى إبراز ذاتية الكاتب في المقال، فهو تمازج بين علمٍ وفن، فهو علم من حيث نظرته إلى العالم وفن من حيث إضفاء ذاتية الناقد إلى المقال.