خصائص الشعر العربي في العصر الحديث
تعريف الشّعر
اتُّفِق على تعريف الشّعر بأنّه كلام موزونٌ مُقفّىً، وهو شكلٌ من أشكال الأدب العربيِّ الذي ظهر منذ زمنٍ طويلٍ، ويُعدّ الشّعر الوسيلةَ الأكثر انتشاراً واستخداماً عند العرب في التّعبير عن مشاعرهم، ورغباتهم، وفخرهم بأنسابهم، وقبائلهم، وانتصاراتهم، وحروبهم، وكرمهم، وصفاتهم الشخصيّة، مثل: القوّة، والغيرة، ويتّصف الشّعر بأنّه كلامٌ جميلٌ يحمل في طيّاته أجمل المعاني والتّشبيهات، ويعبّر بصدقٍ عمّا يدور في وجدان الشّاعر، وقد سمّاه العرب شِعراً ؛ لأنّهم شعروا به عندما أصبح موزوناً.
الشّعر العربيّ الحديث عبر الزّمن
ظهرت بوادر النّهضة الشّعريّة عند العرب منذ الحملة الفرنسيّة عام 1798م إلى بدايات الثورة العُرابيّة عام 1880م، ثمّ بدأ عصر البعث والإحياء مع بدايات الثّورة العربيّة الكُبرى عام 1916م، تلاهُ دخول النّهضة الشّعرية عصرَ التّجديد والتّطور منذ بداية الثورة المصريّة عام 1919م إلى ثورة عام 1952م، ويُعدّ البارودي هو رائد الشّعر العربيّ الحديث؛ حيث بدأت معه حركات التّطوير والتّغيير الحقيقيّ في الشّعر العربيّ الحديث، واتّخذ في أسلوبه من الشّعراء القُدماء أُنموذجاً لا قالباً، لذا يُلاحظ أنّ شعره يحتوي على روح المتنبّي والبحتريّ، لكن بشكلٍ حديثٍ وعصريٍّ؛ ممّا أعطى شعرَه المزيد من التألّق وروح الحداثة.
أتى من بعد الباروديّ أميرُ الشّعراء أحمد شوقي، إلّا أنّه التزم بروح الشّعر العربيّ القديم، فلم يُقدِّم إضافةً ملموسةً في واقع الشّعر العربيّ الحديث، ومن بعد أحمد شوقي أتى خليل مطران الذي أضاف الكثير من الإبداعيّة وروح الحداثة إلى الشّعر العربيّ الحديث، ومن بعده أخذ الشّعر الحديث بالتّطور، وظهر الشّعر الحرّ والتّفعيلة، والشّعر المُرسَل، وسُمِّي هذا الشّعر بالحديث؛ لأنّه بدأ في عصر النّهضة العربيّة، وتخلّى وابعتد قليلاً عن مفاهيم الشّعر القديمة والأصليّة.
المدارس الشّعرية الحديثة
نشأت المذاهب والمدارس الشّعريّة مع انتشار الشّعر العربيّ وتطوّره؛ لتنظيم التطوّر الحاصل على الشّعر العربيّ ، وجعل هذا التّغيير إيجابيّاً وفعّالاً في الشّعر، ومن المدارس الشّعريّة التي ظهرت في العصر الحديث:
- مدرسة الإحياء: وضع محمود الباروديّ حجر الأساس لهذه المدرسة عندما رأى ضرورة تجديد الحركة الشّعريّة، وساعده فيما بعد أحمد شوقي في بعث روحٍ جديدةٍ في الشّعر ، وضخّ الدّماء فيه، والمحافظة عليه إلى الآن.
- مدرسة التّجديد: مؤسّسها محمود العقّاد، الذي ثار على مدرسة الإحياء بسبب عدم تبسيطها الشّعرَ حسب رأيه، ورأى العقّاد أنّ الشّعر يجب أن ينعكس على جوانب الحياة الحسيّة، وأن يكون ناتجاً عن المُعطيات الحسيّة وليس على حواسّ الإنسان.
- مدرسة أبولو: أسّسها أحمد زكي أبو شادي عام 1932م في مصر، وتتميّز هذه المدرسة بالرّومانسيّة الشّعرية، أمّا شعرها فيتميّز بكثرة التشاؤم.
- مدرسة الشّعر الحرّ : يُسمّى أيضاً بشعر التّفعيلة، وهذه المدرسة من أهمّ المدارس الشّعريّة الحديثة؛ لأنّ الشّعر الحرّ انتشر واشتُهِر كثيراً في العالم العربيّ، وقد لاقت هذه المدرسة الكثير من الانتقادات الأدبيّة؛ نظراً لأنّ الشّعر الحرّ تخلّى عن مفهوم الوزن الذي يُميِّز الشّعر وينظمه، وقد اعتبره البعض خسارةً كبيرةً للشّعر العربيّ، بينما لاقت استحسان الفئة التي تريد التّغيير وتطمح إليه، وتريد أن يغطّي الشّعر مجالاتٍ أكبر وأكثر، ويتحقّق هذا عندما يتخلّى الشّعر عن الوزن والقافية، فهذا يعطي الشاعر حرّيّةً أكبر في اختيار الألفاظ، والمفردات، والمعاني في القصيدة؛ ليغطّي جوانب أكثر عن موضوع قصيدته.
خصائص الشِّعر العربيّ في العصر الحديث
اتّسم الشِّعر العربيّ في العصر الحديث بالعديد من الخصائص التي ميّزته عن شِعر العصور الماضية؛ نظراً لاختلاف مبادئه، وظهور مفاهيم ومصطلحات جديدة على السّاحة العربيّة السياسيّة، والاجتماعيّة، والدينيّة، والثقافيّة، ومن هذه الخصائص:
- استخدام اللُّغة العربيّة الفُصحى البسيطة ذات المعاني الواضحة، والتي يَسهُل على الغالبيّة العُظمى فهمُها، مع إدخال بعض الكلمات الصَّعبة ضِمن مُفردات القصيدة.
- التَّنويع في استخدام الأساليب البلاغيّة في القصيدة الواحدة؛ لكنَّها في ذات الوقت تُوظَّف لخدمة النَّص الشِّعريّ ، مع مراعاة اختيار الأساليب البسيطة المفهومة.
- اختفاء شِعر الفخر بالذَّات والعشيرة الذي تميّز به الشَّاعر القديم.
- زيادة الخيال، والتّصوُّرات، والأساليب.
- كثرة استخدام الأسلوب السَّاخر في طرح الفِكرة.
- استخدام اللَّهجة العاميّة المَحكيّة في بلد الشَّاعر ضِمن مُفردات القصيدة الفُصحى، أو نَظم قصيدةٍ كاملةٍ بالعاميّة.
- عدم الالتزام بالقافية، والخروج عن الشَّكل المُعتاد عليه في بناء القصيدة.
- اللُّجوء إلى الرَّمز في صياغة القصيدة، والتأمُّلات في الحياة، والكون، وخلق الإنسان، والغاية من وجوده.
- ظهور اتّجاهاتٍ جديدةٍ في القصيدة العربيّة، مثل: الاتّجاه السِّياسيّ، والقوميّ، والاتجاه الإنسانيّ، والإسلاميّ، والوطنيّ، والاجتماعيّ، واختفاء اتّجاهاتٍ أخرى، ومنها: المديح، والهِجاء، والفخر بالذَّات والعشيرة.
- الإكثار من استخدام القِصص الأسطوريّة والخرافيّة التي رُويت عبر التَّاريخ من سالف الأزمان.
- ظهور العديد من المدارس الأدبيّة والشِّعريّة التي تميّزت كلّ واحدةٍ منها بخصائص مختلفةٍ عن الأخرى، وأصبح لكلٍّ منها شعراؤها، ومُؤيِّدوها، ومناصروها، مثل شعراء: مدرسة الدِّيوان ، وجماعة أبوللو، والمهجر، وغيرهم.
- الوحدة المتماسِكة للقصيدة؛ أي صياغة القصيدة صياغةَ وحدةٍ عضويّةٍ واحدةٍ متسلسلةٍ؛ بحيث لو أُسقِط بيتٌ واحدٌ منها لاختلّ المعنى كلّه، كما لا يمكن تقديم بيتٍ أو تأخير آخر.
- ظهور الحسّ والشّعور الوطنيّ، والانتماء والولاء للوطن والأمّة.
- تناول الواقع العربيّ، بسيّئاته وإيجابيّاته بكلّ وضوحٍ.
- التّأثير الكبير على الثّورات الشعبيّة العربيّة ، وأكبر مثالٍ على ذلك هو الدّور الذي لعبه الشّعر الحديث في ثورة مصر عام 1919م.
- وحدة موضوع القصيدة.
أبرز شعراء العصر الحديث
يزخر التّاريخ الأدبيّ للشعر العربيّ الحديث بالكثير من الشّعراء؛ وذلك لاختلاف مواضيعه واهتماماته، وانتشاره انتشاراً كبيراً، ممّا ساهم في ظهور عددٍ كبيرٍ من الشّعراء، ومن شعراء العصر الحديث على سبيل الذِّكر لا الحصر:
- أحمد شوقي.
- أبو القاسم الشابيّ.
- حافظ إبراهيم.
- مصطفى صادق الرّافعي .
- غسّان كنفاني.
- خالد إبراهيم عويس.
- طه حسين .
- نبيه القاسم.
- نازك الملائكة.
- إبراهيم طوقان .
- زكريّا تامر.
- ميخائيل نعيمة.
- إحسان عبّاس.
- عبّاس العقّاد .
- إميل حبيبي.