حكم نية الصيام في السفر
حكم نية الصيام في السفر
شرع الله -تعالى- للمسافر الإفطار في رمضان؛ لما في السفر من مشقة جسدية على الصائم، ولكن إذا أراد المسافر ألّا يأخذ بالرخصة ويصوم الأيام التي يسافر فيها، فهو جائز ومشروع، لكن يجب عليه عقد نيّة الصيام ؛ لأنّ النية ركن من أركان الصيام، ولا يصح الصيام إلّا به سواء كان مقيماً أو مسافراً، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى).
أما وقت نية الصيام فيجب أن تكون قبل مطلع فجر ذلك اليوم، فلو سافر شخص مثلاً وكان متردّداً بين الإفطار أو صيام ذلك، ثم طلع عليه النهار دون أن يعقد نية الصيام، فلا يصح صومه؛ لحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَنْ لمْ يُبَيِّتْ الصيامَ قبْلَ طُلوعِ الفجْرِ، فلَا صِيامَ لهُ)،وتكون النية بالعزم على صيام ذلك اليوم بالقلب، ولا يشترط التلفّظ بها باللّسان؛ لأنّ النية محلها القلب.
حكم الصيام في السفر
يعد السفر أحد الأعذار المبيحة للإفطار في شهر رمضان، قال الله -تعالى-: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، ولكن من أراد الصيام وهو مسافر فحكمه كما يأتي عند الفقهاء الأربعة:
- رأي جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة
مَن لا يشق عليه الصيام وهو مسافر فالصوم أفضل له؛ ودليلهم قول الله -تعالى-: (وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)،وكذلك ما جاء عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه صام يوماً وهو مسافر في يوم شديد الحر.
- رأي الحنابلة
وهو ما اعتمده المتأخرون منهم كابن تيمية، وابن باز أنّ الإفطار أفضل للصائم، حتى وإن كان مستطيعاً للصوم؛ أخذاً برخصة الصيام، ولأنّ الله -تعالى- يحب أن تُؤخذ رخصه كما تؤتى عزائمه، ودليلهم قول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا ورَجُلًا قدْ ظُلِّلَ عليه، فَقالَ: ما هذا؟، فَقالوا: صَائِمٌ، فَقالَ: ليسَ مِنَ البِرِّ الصَّوْمُ في السَّفَرِ).
شروط السفر المبيح للإفطار
يشترط لمن يباح له السفر في رمضان شروطاً عدّة، وهي:
- أن تكون مسافة سفره لا تقل عن المسافة المُبيحة لقصر الصلاة ، أي لا تقل المسافة عن بضع وثمانين كيلو متراً.
- أن يُشرع بالسفر قبل طلوع فجر يوم الصيام، وأن يتجاوز البلد الذي يقيم فيه، بعد ذلك يشرع له الإفطار بسبب السفر، أمّا مَن طلع عليه الفجر وهو في دياره، ثم عزم على السفر في يومه ذلك، فإنّه يتم صوم يومه هذا؛ لأنّه ابتدأه وهو مقيم ولا عذر له بالإفطار حينها.
- ألّا يكون ممّن يديم السفر طيلة العام، كمن يعمل في نقل البضائع والركاب من بلد إلى آخر، فالصوم أفضل إن لم يلحق به ضرر أو مشقة، وهو شرط عند الشافعية فقط.
- أن يكون السفر مباحاً، فلا يصح إفطار مَن سافر من أجل ارتكاب معصية.