حكم شرب الماء مع الأذان في رمضان
حُكم شُرب الماء مع الأذان في رمضان
يتعلّق حُكم تناول الطعام، أو شرب الماء أثناء الأذان بحالتَين، هما:
- الحالة الأولى: وجوب الامتناع عن الطعام والشراب عند سماع الأذان ؛ وذلك إذ كان مُؤذِّن أذان الفجر من أهل الثقة؛ فلا يُؤذّن إلّا بعد تيقُّنه من طلوع الفجر، كما يجب الإمساك بمُجرَّد سماع الأذان في حال لم يتأكّد من صحّة وقت الأذان من عَدمه؛ لأنّ الأصل أن يُؤذّن المُؤذِّن مع وقت طلوع الفجر الصادق، والإمساك مع الأذان أحوط حتى مع عدم التأكُّد.
- الحالة الثانية: وجوب الامتناع عن الطعام والشراب عند التيقُّن من طلوع الفجر وليس عند الأذان، وذلك عندما يتعمّد المُؤذِّن الأذان قبل وقت طلوع الفجر الصادق؛ إذ لا يجب في هذه الحالة الإمساك عن الطعام والشراب بمُجرَّد سماع الأذان، وإنّما عند التيقُّن من طلوع الفجر، كأن يكون في مكان يظهر فيه طلوع الفجر، كالبَرّية، فإذا لم يظهر الفجر، فإنّ الإمساك عن الطعام والشراب لا يلزمه إذا سمع الأذان.
وتجدر الإشارة إلى أنّه يتوجّب على المسلم الصائم أن يُمسك عن الطعام والشراب إذا تيقّن طلوعَ الفجر؛ فإذا طلع الفجر وفي فم المسلم طعام وجبَ عليه لفظُه باتّفاق جمهور العلماء من المذاهب الفقهية الأربعة؛ واستدلّوا بقول الرسول- صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ بلَالًا يُؤَذِّنُ بلَيْلٍ، فَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يُؤَذِّنَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ)، أمّا إن ابتلع الصائم الطعام الذي في فمه مع عِلمه بطلوع الفجر الصادق، فإنّه يكون بذلك مُفطِراً، ويبطل صومه؛ لأنّه على الرغم من عِلمه بدخول وقت الصيام، إلّا أنّه اختارَ بَلع طعامه وإكماله، وقال بعض أهل العلم، مثل: الألباني، وابن عثيمين إنّه يمكن لِمَن في فمه طعام أن يبتلعه في حال سمع الأذان، ويُمسك بعد ذلك، ولا يستأنفه إذا تيقّن من طلوع الفجر؛ واستدلّوا بحديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي قال فيه:(إذا سَمِع أحدُكم النِّداءَ والإناءُ على يدِه، فلا يَضَعْه حتى يَقضيَ حاجتَه منه)، وقد فسّر الفقهاء وعامة أهل العلم الحديث بأنّ الرسول كان يقصد بذلك الأذان الأوّل، وكان بلال على زمنه يُؤذّن قبل طلوع الفجر، بينما كان ابن أم مكتوم يُؤذّن للفجر الصادق؛ وهو الفجر الثاني.
حُكم مَن تسحَّر وقت الفجر مُعتقداً أنّه لَيل
أجمع العلماء على أنّ السّحور سُنّة مُستحَبّة وليس واجباً، وقد ورد في فضل السحور قول الرسول - صلّى الله عليه وسلّم- : (السَّحورُ أُكْلةُ بَرَكةٍ، فلا تَدَعوه، ولو أنْ يَجرَعَ أَحَدُكم جُرْعةً من ماءٍ؛ فإنَّ اللهَ وملائكتَه يُصلُّونَ على المُتَسَحِّرينَ)، وجميع الأدلّة التي وردت في فضله محمولة على الاستحباب، أمّا مَن تسحَّر وقت الفجر مُعتقِداً أنّه لَيل، فهناك قولان في حُكم قضاء هذا اليوم الذي أخطأ فيه، وفيما يأتي بيان ذلك:
- القول الأول: قول جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنفية، والحنابلة بأنّ عليه قضاء هذا اليوم الذي أفطرَه؛ واستدلّوا على ذلك بقول الله -تعالى-: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)؛ إذ يلزم القضاء على مَن أكل بعد الفجر؛ لأنّ طلوع الفجر قد تحقَّق.
- القول الثاني: قول طائفة من السَّلف، مثل: عروة، ومجاهد، وابن تيمية، وابن عثيمين؛ وهو أنّه لا قضاء على من تسحَّر في وقت الفجر مُعتقِداً أنّه لَيل؛ واستدلّوا بقوله -تعالى-: (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا)؛ فمَن كان جاهلاً بدخول وقت الفجر، فقد وقع في خطأ جهله، والخطأ مَعفُوٌّ عنه.
متى يدخل وقت الفجر
يبدأ وقت الفجر الذي تصحّ فيه الصلاة لحظة طلوع الفجر الصادق؛ ويكون ذلك في وقت الفجر الثاني، أمّا آخر وقته فيكون حين طلوع الشمس، وذلك باتّفاق الفقهاء؛ وبذلك يكون وقت الإمساك الصحيح عند طلوع الفجر الثاني؛ لقوله -تعالى-: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)، والفجر فجران؛ فجرٌ أوّلٌ يُسمّى الفجرَ الكاذب؛ إذ يستطيل ضوءه في الأُفُق كالعمود المُنير ثمّ تأتي بعده ظُلمة، وفجرٌ ثانٍ يُسمّى الفجرَ الصادق؛ وهو الذي يعترض في السماء نوره عَرضاً، ويزداد نوراً ويتمدّد، ويُشرق شمالاً وجنوباً، وبذلك يجب في الفجر الثاني امتناع الصائم عن الطعام والشراب، ويحلّ فيه أداء صلاة الفجر بدخول وقتها، أمّا الفجر الأوّل فيحلّ فيه الأكل والشرب للصائم، وتحرم فيه صلاة الفجر .