حكم جمع الصلاة في السفر القصير
حكم جمع الصلاة في السفر القصير
اتفق جمهور الفقهاء على جواز الجمع بين الصلاتين في السفر خلافًا للحنفية الذين قالوا بمنعه، ومن أدلة الجمهور على جوازه ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أخَّرَ الظُّهْرَ إلى وقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُ بيْنَهُمَا، وإذَا زَاغَتْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ).
وقالوا إنّ الجمع إما أن يكون جمع تقديم أو تأخير، فيجوز للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر تقديمًا في وقت الأولى أي الظهر، أو تأخيرًا في وقت الثانية، وكذلك الحال في صلاتي المغرب والعشاء، ويدل على ذلك إطلاق الجمع وعدم تقييده بتقديم أو تأخير، في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجْمَعُ بيْنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ إذَا جَدَّ به السَّيْرُ).
وقد نصّ جمهور العلماء على أن الأفضل ترك المسافر للجمع بين الصلاتين، للخروج من الخلاف، وقال البعض أن الجمع أفضل من تركه، لأنه رخصة من الله -عز وجل-، وقد ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّ اللَّهَ يُحبُّ أن تُؤتَى رُخصُهُ كما يحبُّ أن تُترَكَ معصيتُهُ).
شروط الجمع في السفر
يجوز للمسافر الجمع بين الصلاتين وفقًا لشروط محددة فصلها العلماء، نذكر منها الآتي:
- أن تكون مسافة السفر مسافة قصر، وتقدّر ب80 كيلومتر تقريبًا عند جمهور العلماء.
- أن يكون السفر مباحًا ليس حرامًا، فلو سافر لفعل معصية لا يجوز له الترخص برخصة الجمع.
- الترتيب بين الصلاتين المجموعتين، فيصلي الظهر أولًا ثم العصر، وكذلك يصلي المغرب ثم العشاء.
- ألّا يبدأ الترخص بهذه الرخصة قبل مغادرة مدينته.
- أن ينوي الإقامة أربعة أيام فما دونها، فإن نوى الإقامة أكثر من ذلك لم يترخص برخص السفر من الفطر في رمضان والقصر والجمع.
- أن يوالي بين الصلاتين جمع تقديم، فلا يفصل بين الصلاتين بوقت طويل.
ما هو السفر القصير
ذكر الفقهاء أن السفر القصير هو السفر الذي دون مسافة القصر وهي 80 كيلومتر، وتعددت آراء الجمع بين الصلاتين في السفر القصير بين مجيز ومانع، أما من لم يجزه، فقال أن الجمع يكون لدفع المشقة، والمشقة غير متحققة في السفر القصير.
كما قالوا إنّ الصلاة عبادة، فلا يجوز إخراجها عن وقتها في السفر القصير كالفطر في رمضان، ولأن جميع أدلة الجواز فعلًا للنبي وليست قولًا، فلا تثبت إلا لحادثة بعينها، ولم يُنقل عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه جمع إلا في سفر طويل.
وأما من قال بجواز الجمع بين الصلاتين في السفر القصير، فدليلهم أن أهل مكة يجمعون بين الظهر والعصر في عرفة، وبين المغرب والعشاء في مزدلفة، وسفرهم قصير ولم ينكر عليهم أحد، فلا فرق إذن بين السفر الطويل والقصير.