حكم بناء دار الأيتام من مال الزكاة
الحكم الشرعي لبناء دار للأيتام من أموال الزكاة
لا يجوز دفع أموال الزكاة لبناء دار للأيتام؛ لأن اليتيم كونه يتيماً ليس مصرفًا من مصارف الزكاة المستحقة، وإنما تجوز الزكاة على الفقراء والمساكين سواء كانوا أيتامًا أم لا، فاليتيم قد يكون غنيًا لا تجوز عليه الزكاة.
والشرط في اليتيم الفقير حتى تجوز عليه الزكاة أن يمكّن من ماله المستحق في الزكاة، أي أن يصبح المال ملكًا لهم؛ فيجوز صرف الزكاة لليتيم إن تحقق وصف الفقر فيه على أن يعطى الزاكة بيده يتصرف فيها كيف شاء.
مصارف الزكاة
قال -تعالى-: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، بينت الآية مصارف الزكاة إلى ثمانية أقسام وهي:
- المصرف الأول
الفقراء، والفقير أشد حاجة من المسكين وهو الذي هو الذي لا يجد كفايته بالكلية، أو يجد بعضها ولا تصل إلى النصف.
- المصرف الثاني
المسكين الذي لديه بعض ما يكفيه، أو يجد أكثر الكفاية، كأن يملك سيارةً يعمل عليها ولكنها لا تكفي دخلًا عليه.
- المصرف الثالث
العاملون على الزكاة وهم الذين يجمعونها ويحفظونها لتوزع على الفقراء، وعندما يعيّن أحدٌ ما لجمع مال الزكاة وحفظها فإنه يعطى منها على سبيل الإجارة فهو كالأجير الذي يعطى من المال للقيام بواجبه حتى وإن كان غنيًا.
- المصرف الرابع
المؤلفة قلوبهم، وهم أقوام على الكفر ولكن يُرجى إسلامهم، أو أنهم على الإسلام وتُخشى عليهم الفتنة لأن قلوبهم لم تطمئن بالإيمان، فيعطون ما يثبت قلوبهم أو يجعلهم يدخلون الإسلام.
- المصرف الخامس
المكاتبون وهم العبيد الذين كاتبهم أسيادهم لتحرير رقابهم، فيعطون ما يفكون به رقابهم من أسيادهم ليكونوا أحراراً.
- المصرف السادس
و الغارم هو الشخص الذي يدفع المال للصلح بين المسلمين -ولو كان غنيًا- إلا أنه تكفل بالمال لكف الخصومة بين المسلمين والصلح بينهم، ويطلق لفظ الغارم أيضًا على المدين، ولكن ينبغي التحقق من سبب الدين؛ فلا يعطى إلا من كان دينه على وجهٍ معتبرٍ شرعًا، كمن استدان للنفقة على نفسه وعلى عياله.
- المصرف السابع
في سبيل الله، وهم الغزاة المتطوعة أو المجاهدون -في سبيل الله- ممن لا ديوان لهم، أما إن كان لهم عطاء فلا يُعطون من الزكاة.
- المصرف الثامن
ابن السبيل وهم المسافر على أن يكون منقطعاً، فيعطى لكي يرجع إلى بلده، ولا يعطى لإنشاء السفر، فيعطى المسافر المنقطع من مال الزكاة ليرجع إلى أهله وولده؛ كمن كان في سفر ثم ضاعت نقوده، أو أتى بنقود ثم استنفدها في الطريق ولم يحسب حسابه، أو يأتي وهو فقيرٌ أصلًا، ولكنه أتى لأمرٍ ضروري ثم انقطع عن العودة لفقره.
كيف نبني دارًا للأيتام
حث الله -تعالى- على الصدقات وهي الأموال التي تُنفق من المال غير التي يتم احتسابها للزكاة، وتنفق الصدقات في كل وجوه الخير دون مصارف محددة ودون مقدار محدد من المال ويضاعف الله -تعالى- الحسنات للمتصدقين أضعافًا كثيرة.
وبها تبنى المجتمعات وتتساند الأمم، وقد يتساند بعض الأغنياء لبناء دارٍ للأيتام، أو بناء مسجد، أو شراء كتب ومصاحف وغيرها، وكل هذه الأبواب من أبواب الخير غير المشمولة في مصارف الزكاة المحددة.
ويجوز تأدية مال الزكاة لدار أيتام بحيث يتم الإنفاق من مال الزكاة على الأيتام الفقراء الموجودين فيها، ولكن الأولى والأفضل أن يتولى المزكي توزيع زكاة ماله بنفسه؛ حتى يتأكد من أنه قد وضعها في موضعها الذي أمره الله به، مع بذل الوسع في تحديد المستحقين.
ولكافل اليتيم منزلة عظيمة عند الله -تعالى- فهو في الجنة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وقالَ بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوُسْطَى).