حكم بر الوالدين بعد وفاتهما
حكم بر الوالدين بعد وفاتهما
أوجب الله تعالى على المسلمين برّ الوالدين بكلّ أشكاله، وبكلّ الأوقات، سواءً قبل وفاتهما أو بعده، كما جعل له العديد من الصور والأشكال، كالدعاء والصدقات، وقد وردت العديد من الآيات القرآنية، والأحاديث النبويّة التي تحثّ على ذلك، وفيما يلي ذكر بعضها:
بعض الآيات والأحاديث الدالة على برّ الوالدين
- قول الله تعالى: {وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا}، ففي الآية الكريمة توجيه مباشر للعبد بالدعاء للوالدين ، والدعاء يشملهم أحياءً وأمواتاً.
- ما رواه أبو أُسيد -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندما جاءه رجل من بني سلمة، فقال له: (يا رسولَ اللهِ، هل بقِيَ من برِّ أبوَيَّ شيءٌ أبرُّهما به بعدَ موتِهما؟ فقال عليهِ الصلاةُ والسلامُ: الصلاةُ عليهما، والاستغفارُ لهما، وإنفاذُ عهدِهما من بعدِهما، وإكرامُ صديقِهما، وصلةُ الرحمِ التي لا تُوصَلُ إلا بهما).
- ما روي عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في فضل دعاء الولد لأحد والديه المتوفين أو كليهما، فقال: (إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَعُ به، أو ولدٌ صالحٌ يدعو له).
- ما رواه الصحابي سعد بن عبادة -رضي الله عنه-، قال: (قلت: يا رسول الله، إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء)، وفي ذلك فضل الصدقة عن الوالدين بعد وفاتهما، وصدقة سقي الماء خير الصدقات كما أخبر بذلك -عليه الصلاة والسلام-.
- قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ أبَرَّ البِرِّ أنْ يصِلَ الرَّجلُ أهلَ وُدِّ أبيه بعدَ أنْ يولِّيَ)، وقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَنْ أحبَّ أن يَصِلَ أباهُ في قبرِهِ، فلْيَصِلْ إخوانَ أبيهِ منْ بعدِهِ). وفي ذلك استحباب أن يصل الولد أرحام والديه وأصدقاءهما وكل شخص يُحبانه، في حياتهما، وبعد مماتهما.
فضل بر الوالدين
أمر الله -عزّ وجلّ- ببرّ الوالدين، فقال في الكتاب العزيز: {وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا*وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا}، وقد قدّم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- برّ الوالدين على الجهاد في سبيل الله تعالى، فعندما جاءه رجل يطلب الجهاد معه -عليه الصلاة والسلام-، وقد علم رسول الله أنّه ترك من خلفه أبوين يبكيان؛ أمره أن يذهب فيبقى معهما ويقوم بخدمتهما، فبرُّ الوالدين من أحب الأعمال إلى الله تعالى، كما أنّه سبب في تفريجِ الهموم والكروب، وفتحِ باب الرزق والبركة للبارِّ بوالديه، وهو سببٌ لاستجابة الدعاء ، ورضا الله تعالى عن العبد، ودخول الجنّة، فالبارُّ بوالديه في الدنيا كأنه في سعيٍ دائمٍ في سبيل الله تعالى، وقد أوجب الله تعالى على الأبناء برّ الوالدين حتى وإن كانا مشركين.