حكم امتناع الورثة عن تقسيم الميراث؟
ما حكم امتناع الورثة عن تقسيم الميراث؟
يحرم أن يقوم أحد الورثة بمنع الورثة الآخرين من تقسيم الميراث وتوزيعه بين المورثين، لما في ذلك من الاعتداء على الحقوق وظلم الآخرين، وذلك ممّا حرّمه الإسلام وتوعّد للظالم بدخول النار، وتتحقّق الوِرثة وتكون من حقّ الوَرثة بمجرد وفاة المورّث، فإذا مات المورّث وتمّ أداء الحقوق الواجب أداؤها، فإن بقي بعد ذلك من التركة شيء فقد وجب تقسيمه بين الورثة وإعطاء كل منهم ما يستحقه.
مع ضرورة التنبيه على أنّ هذا الحكم حكماً عامّا، دون تخصيصه وإطلاقه على فرد معيّن بذاته، وإنّما أمره إلى الله يوم القيامة، فإن أراد عذّبه وإن أراد تركه، ويوم القيامة يؤخذ من حسناته إلى من ظلمهم، ويجب عليه أن يبادر إلى التوبة، والاستغفار ممّا فعل قبل موته.
الوقت الذي يشرع فيه تقسيم الميراث
اتّفق الفقهاء على أنّ الميراث يُقسّم بين مستحقيه بعد أداء الحقوق المتعلّقة بالميت، من تجهيزه، وتكفينه، ودفنه، ثمّ أداء الديون، ثمّ تنفيذ الوصايا.
الحقوق الواجب أداؤها قبل تقسيم الميراث
تنقسم الحقوق المتعلّقة بالورثة إلى قسمين؛ الأول ما يتعلّق بحق الغير حال الحياة، ولا يعدّ ذلك من التركة أبداً، ويجب تأديته قبل تجهيز الميت، فهذه الحقوق تتعلّق بذات الأموال التي تركها الميت، وذلك مثل تسليم المبيع إلى المشتري، وإعادة المرهون إلى الراهن، وتسمّى هذه الحقوق بالحقوق العينيّة.
والثاني غير المتعلّق بحقوق الغير، وهو المسمّى بالتركة، وينبغي القيام بما ترك الميت من الأموال بتجهيزه، ثمّ قضاء ديونه، ثمّ القيام بما أوصى قبل موته، ثمّ تقسيم ما تبقّى من الورثة على المستحقين.
وهذه الحقوق يتم تأديتها على الترتيب المذكور، وهي على وجه التفصيل كما يأتي:
- تجهيز الميت وتكفينه
ويبدأ بذلك على سبيل الوجوب، وقال فيه المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة أنّه يكون وفق حالة الميت الماديّة، إن كان موسراً أو معسراً بما يتناسب مع ذلك، وقال الحنفيّة ينبغي مراعاة التوسط في ذلك، بلا إفراط ولا تفريط، وقد تقدم هذا الحقّ على غيره كونه من حقوق الإنسان وبما يتوافق مع تحقيق كرامته الإنسانيّة التي أعطاه الله إياها، ويشمل ذلك نفقات تغسيل الميت وتكفينه ، وحمله، وحفر قبره ودفنه.
- قضاء الديون
ويأتي في الترتيب بعد تجهيز الميت، لما روى علي بن أبي طالب -رضيَ الله عنه- فقال: (أنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قَضى بالدَّينِ قبلَ الوصيَّة).
- تنفيذ الوصية
تحسب الوصية من ثلث المال بعد تجهيز الميت وأداء الديون، لا من أصل التركة بالكامل، ولا يجوز أن تتعدّى الوصية ما مقداره الثلث، أمّا ما زاد عن الثلث فلا يُؤدّى إلا بموافقة الورثة، أمّا إن قبل بعض الورثة دون البعض فإنّ الوصية تنفّذ بما مقداره عمّن وافق على الوصية، وإن كانت لأحد الورثة فلا تنفّذ إلّا بموافقة جميع الورثة، وسواءً أكانت أقل من الثلث أم أكثر منه.
- حقوق الورثة بما تبقّى بعد التجهيز والديون والوصايا
ويأخذ كل من أفراد الورثة ما يستحقه بحسب ما ورد في نصوص القرآن الكريم، والسنّة، و الإجماع .