حكم الوضوء مع وجود مانع
حكم الوضوء مع وجود مانع
لا يصحُّ الوضوء مع وجود مانعٍ يمنع وصول الماء لأعضاء الوضوء؛ لأنَّ إزالة ما يمنع وصول الماء إلى الأعضاء مثل وجود الشَّمع أو شيءٍ جامد مثل الطِّين، والعجين، والشَّحم يُعدُّ شرطاً من شروط الوضوء عند الحنفيَّة والمالكيَّة والشَّافعيَّة والحنابلة، ولأنَّ الله -تعالى- أمر المؤمنين بغسل أعضاء الوضوء وهي مكشوفةٌ، فإذا كانت مغطَّاةً أو عليها شيءٌ يمنع وصول الماء للعضو؛ لم يتحقَّق الامتثال لأمر الله -تعالى- ولم يصحَّ الوضوء؛ فيكون الوضوء ناقصاً ويجب إعادته بعد إزالة المانع.
فإذا وُجد على الرأس أو الوجه أو اليدين أو القدمين شيءٌ يمنع وصول الماء للجلد؛ بطل الوضوء، مثل وجود شيءٍ على العين يمنع وصول الماء لهذا الجزء من الوجه؛ فلا يصحُّ الوضوء مع وجود ذلك ويجب إزالته، وكذلك وجود طلاء الأظافر (المناكير) يمنع وصول الماء للأظافر؛ فيجب إزالته قبل الوضوء حتى يصحَّ الوضوء، وشروط صحَّة الوضوء كثيرةٌ متعدِّدةٌ ومنها ما يأتي:
- إزالة ما يمنع وصول الماء للبشرة: والبشرة تعني ظاهر الجلد، فكلُّ جامدٍ عالقٍ على البشرة يجب إزالته قبل البدء بالوضوء لكي يكون الوضوء صحيحاً، فلو علق شيء جامد مثل الأوساخ تحت الإظفر التي تمنع وصول الماء إلى هذه المنطقة؛ فيجب تنظيفه وإزالتها، أو قام المكلَّف بدهن بشرته بدهنٍ جامدٍ يمنع وصول الماء؛ فيجب عليه إزالة هذه العوالق عن بشرته قبل البدء بالوضوء.
- عدم وجود شيءٍ على الجلد يُغيِّر خاصيَّة الماء: مثل وجود كميَّة كبيرة من الحِبر على البشرة، فعند وضع الماء ع العضو يتغيَّر الماء ويصبح حِبراً ولا يُطلق عليه اسم الماء، أمَّا إن كان قليلاً لا يؤثِّر في خصائص الماء فلا بأس، بالإضافة إلى غيرها من الأشياء التي تغيّر من خاصية الماء فيصبح شيئاً آخر غير الماء؛ مثل الزَّعفران، فلا يصحُّ الوضوء مع وجود هذه الأشياء على البشرة ويجب إزالتها أوَّلاً ومن ثمَّ الوضوء حتى يكون صحيحاً.
حكم الوضوء مع وجود مانع اضطراريٍّ طبيٍّ
إنَّ القدرة على استعمال الماء شرطٌ من شروط وجوب الوضوء، وهذا مذهبُ الحنفيَّة والمالكيَّة، وقال الحنفيَّة: إنَّ الوضوء لا يجب على غير القادر على استعمال الماء، ولا يجب أيضاً على من قُطعت يداه من المرفقين وقدماه من الكعبين، فإذا كان المكلَّف قد أصيب بجرحٍ في عضوٍ من أعضاء الوضوء، ووضع على الجرح جبيرةً أو خرقةً؛ فيجب على المكلَّف غسل جميع أعضاء الوضوء السَّليمة ثمَّ مسح العضو الجريح الذي عليه الجبيرة؛ حتى يصحَّ الوضوء، أمَّا إذا كان الجرح مكشوفاً ولا يستطيع استخدام الماء على هذا الجرح للعذر الطبيِّ؛ فيجب عليه غسل جميع أعضاء الوضوء السَّليمة ثمَّ القيام بالتيمُّم عن الجزء الجريح؛ حتى يتمكَّن من أداء الصَّلاة.
ولا يجوز التيمُّم مع القدرة على استعمال الماء للوضوء، أمَّا عند عدم القدرة على استعمال الماء مطلقاً لعذرٍ طبيٍّ؛ كالمحروق جسده، فيجب على المكلَّف التَّيمُّم لأداء الصَّلاة بدلاً من الوضوء، ويُكتب له أجرُ وثوابُ الوضوء؛ لأنَّ التيمُّم يعتبر بدلاً عن الوضوء في هذه الحالة، ولأنَّ المانع الذي منعه من الوضوء هو عدم الاستطاعة، فلو كان مستطيعا لَتَوضّأ؛ فيُكتب له الأجر بنيَّتِهِ، والإسلام دينُ يسرٍ.
أحكام متعلِّقة بالوضوء مع وجود المانع
الوضوء مع وجود طلاء الأظافر
لا يصحُّ الوضوء مع وجود طلاء الأظافر -وهو مادةٌ ملوَّنةٌ توضع على الأظافر تشكِّل طبقةً رقيقةً فوقها، وتكونُ عازلةً؛ أي تمنع وصول الماء والهواء لهذه الاماكن-؛ لأنَّ طلاء الأظافر يمنع وصول الماء إلى البشرة وظاهر الجلد؛ ووصول الماء للبشرة وظاهر الجلد شرطٌ من شروط صحَّة الوضوء كما ذُكِرَ سابقاً، فمن توضّأت مع وجود طلاء الأظافر على عضوٍ من أعضاء الوضوء؛ فالوضوء في هذه الحالة ناقصٌ ولا تصحُّ الصَّلاة به، ويجب عليها إعادة الوضوء بعد إزالة طلاء الأظافر؛ لأنَّ الأصل هو عدم وجود حائلٍ يمنع وصول الماء لعضو الوضوء، أمَّا ما يكون على الجلد مثل الحناء والصبغات والحبر؛ فالوضوء صحيح مع وجودها على الجلد ما لم تؤدِّ لتغيُّر خصائص الماء؛ لأنَّ هذه المواد ليس لها جسم يمنع وصول الماء لظاهر الجلد.
ويجب على من أرادت وضع طلاء الأظافر أن تضعه على طهارةٍ، وأن تقوم بإزالته قبل الوضوء مرَّةً أخرى، ويُعدُّ طلاء الأظافر من الزِّينة التي يجوز للمرأة أن تضعه أمام زوجها ومحارمها، ولا يجوز لها وضعه أمام الأجانب، ولا يصحُّ أيضاً مع وجود طلاء الأظافر الغسل من الجنابة والحيض والنِّفاس.
الوضوء مع وجود مساحيق التجميل
مساحيق التجميل التي توضع على الوجه نوعان:
- النَّوع الأوَّل: لا يمنع وصول الماء للبشرة ولا يشكِّل طبقةً عازلةً للماء عليها؛ فهذا النَّوع من المساحيق لا يُكوِّن طبقةً عازلةً جامدة تمنع وصول الماء وإنَّما تذوب مع البشرة وتؤدِّي إلى صبغ البشرة فقط؛ مثل الحنَّاء وغيرها من الصبغات التي لا تمنع وصول الماء للبشرة، ويصحُّ الوضوء مع وجودها على البشرة؛ بشرط عدم وجود أثر عازلٍ لهذه المساحيق، وبشرط جريان الماء على العضو، فإن وُضعت على البشرة عَيْن هذه المساحيق فلا يصحّ الوضوء معها؛ لأنَّها موادٌ جامدةٌ تمنع وصول الماء للبشرة ويبقى الماء مع وجودها ثابتاً دون جريانٍ على البشرة، ويصحُّ وضع مساحيق التجميل بعد الوضوء، فهي لا تفسده.
- النَّوع الثَّاني: مساحيق التجميل التي تشكِّل طبقةً عازلةً على البشرة، فهذا هو النَّوع الجامد الذي يكوِّن طبقةً جامدةً على البشرة تمنع وصول الماء لظاهر البشرة؛ فلا يصحُّ الوضوء مع وجود هذه المساحيق الجامدة على البشرة، سواءً كانت هذه المساحيق قليلةً أو كثيرةً، ولا يصحُّ الغُسل مع وجودها أيضاً؛ لأنَّها تمنع وصول الماء للبشرة ويجب إزالة هذه المساحيق قبل الوضوء والغسل لكي يصحَّ الوضوء والغسل، ولا يجوز تأخير الصَّلاة بسبب هذه المساحيق التي تمَّ وضعها، ويعدُّ المكلَّف آثماً مستحقَّاً للعقاب إذا قام بتأخير الصَّلاة عن وقتها، ويجب عليه التَّوبة إلى الله -تعالى-.