حكم المعاملة بالمثل في الإسلام
حكم المعاملة بالمثل في الإسلام
إن المبدأ الذي يعمل به الإسلام في المعاملة بالمثل هو جواز المعاملة بالمثل ما لم تكن ضمن ما حرّم الله -تعالى- في الدين الإسلامي، فقد قال -تعالى- في كتابه العزيز: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)، وقوله -تعالى-: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ).
توّضح هذه الآيات الكريمة كما قال أهل التفسير فيها أنّ من أصابته مظلمة من شخص قد ظلمه، فلا يأخذ حقه منه إلا إذا فعل به مثل ما فعل، ولهذا أمر الله -تبارك وتعالى- بقتل القاتل قصاصاً بالطريقة التي مات بها القتيل.
ولكن في حالة إذا كان المعتدي قد قام بالقتل بطريقة وأسلوب يُحرّمه الله -تعالى- فلا يجوز قتله بما حرّمه الله، وبهذا يتضح ويبين أنّ حكم المعاملة بالمثل هو الجواز، ما لم يكن بطريقة محرَّمة في الدين الإسلامي كالاغتصاب، واللواط، و السحر ، فإنّ هذه الطّرق محرمة لا تجوز شرعاً.
نماذج عن المعاملة بالمثل في حياتنا
يقال في يوم كان هناك شخص طيبٌ ويحبُ الناس ويحبُّ مساعدتهم، ولكنه في كثير من المواقف يجد أنه مُستَغن عنهم، فلا يلجأ أحد إليه إلا عندما يكون له حاجة أو مساعدة يقدمه له، يعني فقط لمصلحته.
فيجوز له أن يعاملهم بمثل ما عاملوه، ولكن يأتي في مقدمة الأمر والأولى من ذلك أن يصبر ويصفح ويسامح ويقوم بمجازاتهم بالإحسان ويعاملهم بأحسن معاملة، وذلك كما قال -تعالى-: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ).
وكما قال -تبارك وتعالى-: (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)، حيث إنّ الإحسان والمعاملة الحسنة للناس ومساعدتهم في كل أوقاتهم ونفعهم هو أمرٌ عظيمٌ وكبير، والإنسان المسلم بطبيعته وفطرته يحب المساعدة و فعل الخير ولا ينتظر مقابل ذلك شيئاً.
نماذج أخرى عندما يمر على الإنسان موقف يسخر منه الآخرين
في يوم من الأيام سخر شخصٌ من شخصٍ آخر فتأذى هذا الشخص؛ فإن السخرية بحد ذاتها هي فعل شنيع لا تجوز من المسلم، ولا يجوز أن يحتقر غيره، كما قال -تبارك وتعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ).
وتكملة الآية في قوله -تبارك وتعالى-: (وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، ولكن إذا كان في السخرية والاحتقار أذى للشخص الآخر وظلم له فإنه يجوز أن يعاملهم بمثل معاملتهم مع أنّ العفو أولى من ذلك.