حكم الغيبة والنميمة في الإسلام
حكم الغيبة والنميمة في الإسلام
حكم الغيبة في الإسلام
الغِيبة هي: ذكر عيوب الآخرين حال غيابهم، وقد دلّت النصوص الشرعية الصريحة في الكتاب والسنّة و الإجماع على حرمة الغيبة إلّا ما استثناه الشّرع، والغيبة كما أخبر النبيّ -عليه الصلاة والسلام- حينما سُئل عنها فقال: (أَتَدْرُونَ ما الغِيبَةُ؟ قالوا: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: ذِكْرُكَ أخاكَ بما يَكْرَهُ قيلَ أفَرَأَيْتَ إنْ كانَ في أخِي ما أقُولُ؟ قالَ: إنْ كانَ فيه ما تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فيه فقَدْ بَهَتَّهُ).
وقد عدّها أهل العلم من كبائر الذنوب ، وقد أشارت آياتٌ كثيرةٌ إلى سوء حال المغتاب وسوء عاقبته، قال -تعالى-: (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)، وأشار النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إلى سوء عاقبتها في الآخرة، فقال: (لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ، ويقعون في أعراضِهم).
حكم النميمة في الإسلام
النميمة هي: إشاعة الفتنة بين الناس بنقل الكلام بينهم بغرض الإفساد، سواءً أكان نقل الكلام حقيقي صادقٌ أم كاذبٌ، فإن أدّى نقل الكلام إلى فساد ذات البين ووقوع الخصومة كان نميمةً، والنميمة محرّمةٌ بلا خلاف، فالنصوص الشرعية دلّت دلالةً صريحةً على تحريمها، فقال -تعالى-: (فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ*وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ*وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ*هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)،
وممّا ورد من السنّة في سوء عاقبة النّمام: ما أخرجه البخاري عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (أنَّهُ مَرَّ بقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَقَالَ: إنَّهُما لَيُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ، أمَّا أحَدُهُما فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وأَمَّا الآخَرُ فَكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ، ثُمَّ أخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا بنِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ في كُلِّ قَبْرٍ واحِدَةً، فَقالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ هذا؟ فَقَالَ: لَعَلَّهُ أنْ يُخَفَّفَ عنْهما ما لَمْ يَيْبَسَا).
وقال النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في ذمّ النميمة: (ألا أخبرُكم بأفضلِ من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى، قال: إصلاحُ ذاتِ البينِ، وفسادُ ذاتِ البينِ الحالِقةُ).
الحالات التي تجوز فيها الغيبة
أولاً: إذا كانت الغيبة من باب الاستفتاء
يجوز للمستفتي أن يصف في سؤاله حاله وإن كان في ذلك غيبةً لغيره، كأن يقول المستفتي للمفتي: "ظلمني فلان" ونحوه، استدلالاً بما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (قالَتْ هِنْدُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ أبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أنْ آخُذَ مِن مَالِهِ ما يَكْفِينِي وبَنِيَّ؟ قالَ: خُذِي بالمَعروفِ).
ثانياً: إذا كان الغيبة من باب التحذير من المُغتاب
يجوز تحذير الناس من شرّ إنسانٍ ما بوصف حاله، لِما في ذلك من وقاية الناس من شرّه وشرّ التعامل معه، لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لفاطمة بنت قيس -رضي الله عنها-: (أَمَّا أَبُو جَهْمٍ، فلا يَضَعُ عَصَاهُ عن عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لا مَالَ له، انْكِحِي أُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قالَ: انْكِحِي أُسَامَةَ، فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللَّهُ فيه خَيْرًا، وَاغْتَبَطْتُ بهِ).
ثالثاً: إذا كانت الغيبة من باب التظلّم
تجوز الغيبة حال وقوع الظلم، فإن غلب الظن لدى المظلوم قدرة شخصٍ ما على نصرته فيجوز له أن يشتكي له مَن ظلمه، كالشكوى لقاضٍ ونحوه.