حكم الصلاة في المساجد التي بها أضرحة
حُكم الصلاة في المساجد التي تُوجَد فيها أضرحة
الحُكم في حال كان الضريح بمكان مُنعزل عن مكان الصلاة
قد يكون القبر أو ما يُسمّى بالضريح في مكان معزولٍ عن المسجد، فيكون بين القبر وبين مكان الصلاة حاجز ومانع، كقبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الموجود في حُجرته النبويّة الشريفة، وهو مُلحَقٌ بالمسجد، بالإضافة إلى أمثلةٍ عديدةٍ أخرى، كأضرحة الصحابة، وضريح الأمام الشافعيّ -رحمه الله-، وغيرها، والصلاة في هذه المساجد ومثيلاتها صحيحة، ولم يقل أحد من أئمة المذاهب الأربعة بخلاف ذلك، بل ذهب كثير من أهل العلم إلى عدم الكراهة، إذ إنّ صحة الصلاة حكمٌ مستقل عن كون المسجد بُني بجوار قبر، وليس من شروط صحة الصلاة ألّا تكون بجوار قبر.
أمّا اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، فقد رأت عدم جواز الصلاة، ولم تُفرّق في حال القبر ؛ إن كان داخل المسجد، أو خارجه، واعتمدت في ذلك على ما ثبت في صحيح البخاريّ من قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في رَدّه على أمّ سلمة عندما وصفت له كنيسةً، وما بها من قبورٍ كانت قد رأتها في الحبشة، إذ قال: (أُولَئِكَ قَوْمٌ إذَا مَاتَ فِيهِمُ العَبْدُ الصَّالِحُ، أوِ الرَّجُلُ الصَّالِحُ، بَنَوْا علَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وصَوَّرُوا فيه تِلكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ)،
الحُكم في حال كان الضريح داخل مكان الصلاة
المُبيحون للصلاة في المساجد التي بها أضرحة
الصلاة بجوار القبر صحيحة بلا كراهة، ولكنّها تُكره بالرّغم من جوازها في حال كان القبر أمام المصلي من غير ساتر بينه وبين القبر، سواءً كان الميت صالحاً أو غيره، وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من الحنفيّة والمالكيّة والشافعيّة، وقد استدّلوا على جواز الصلاة في المساجد التي بها أضرحة بعدّة أدلة، ومنها قوله الله -تعالى-: (...فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا).
المانعون للصلاة في المساجد التي بها أضرحة
رأى الإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- حُرمة الصلاة وبُطلانها إن كان القبر داخل المسجد، أمّا إن كان خارج المسجد، ومفصولاً عنه، وكانت الصلاة في المسجد لا في الضريح، أو في الجزء الذي يُوجَد فيه، فلا خلاف على جواز الصلاة بلا حُرمةٍ أو كراهةٍ؛ ذلك أنّ الصلاة إن ارتبطت بتعظيم الضريح وصاحبه، فإنّها تكون باطلةً مهما اختلف موضع القبر، أمّا إن لم يكن الهدف التعظيم، فتكون الصلاة صحيحةً مع الكراهة إن كان الضريح أمام المُصلّى، كما يرى ابن عثيمين من العلماء المُعاصرين عدم صحّة الصلاة إن كان المسجد قد بُنِي على قبرٍ؛ حيث يكون بناء القبر سابقاً لبناء المسجد، والصلاة فيه تُشير إلى تعظيم صاحب القبر، وعليه فلا تصحّ الصلاة، كما يأثم من يُؤدّيها، أمّا إن كان القبر قد بُني بعد المسجد، وكان في جهة القبلة، فلا تجوز الصلاة؛ إذ لا بُدّ للمُصلّي من أن يبتعد عن القبر، فلا يجعله أمامه، وإن كان موقع القبر في غير جهة القبلة، فالصلاة جائزةٌ.
تعريف الأضرحة والمساجد
تعريف الأضرحة
تُعرَّف الأضرحة في اللغة والاصطلاح الشرعيّ كما يأتي:
- الأضرحة في اللغة: هي جمعٌ لكلمة ضريح؛ وهو القبر، أو الشقّ في وسط القبر.
- الأضرحة في الاصطلاح الشرعيّ: تُعرَّف الأضرحة بأنّها: القبور التي يُدفَن فيها أناسٌ يمتلكون قيمةً مُعيّنةً في العلم، أو الدِّين، أو غيرها، وتتميّز الأضرحة بشكلها المختلف عن القبور في البناء؛ إذ إنّها تمتلك قُبّةً في الأعلى.
تعريف المسجد
يُعرَّف المسجد بأنّه: كلّ مكانٍ يُسجَد فيه للصلاة، كما يُطلَق لفظ مسجدٍ على المكان الذي يتمّ التقرُّب فيه إلى الله -تعالى- بالعبادة ، وتجدر الإشارة إلى أنّ الناس قبل الإسلام كانوا يختارون أماكن للعبادة تتميّز بالخصوصيّة والاحترام لديهم، في حين أنّ الله -تعالى- جعل الأرض كلَّها في الإسلام مسجداً، وتُرابها طهوراً؛ قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (...وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا...).