حكم السحر في الإسلام
حكم السحر
أدلة على تحريم السحر
اتّفق جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة على أنّ السحر سواء كان حقيقياً أم وهماً فإنّه من الكفر ، وذلك لقول الله -تعالى-: (وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ) ، ولما روى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (من اقتبس شعبةً من النجومِ فقد اقتبس شعبةً من السحرِ).
وما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ)،وتعدّدت أحكام السحر عند الشافعيّة ما بين الكفر، والمعصية التي تقع ضمن دائرة الكبائر ، فمن يقوم بالسحر الحقيقي من خلال الشياطين، والتقرّب إليهم فهو من الكفر.
حكم السحر الوهمي
أمّا من يقوم بالسحر الوهمي من خلال استخدام بعض العقاقير والمواد الكيماوية، ممّا يؤدي إلى الكذب على الآخرين والإضرار بهم فهو من السبع الموبقات ، وطريقاً موصلاً بصاحبه إلى الكفر،وقد ذكر الجمهور من علماء أهل السنة أنّ تعلّم السحر وتعليمه من الأمور التي حرّمها الله.
قال ابن قدامة: فإنّ تعلّم السحر وتعليمه حرام، لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم، وقال النووي: وأمّا تعلمه وتعليمه فحرام، فإن تضمّن ما يقتضي الكفر فهو كفر وإلّا فلا،ويشمل ذلك الحكم إن تعلّمه المسلم لتعليمه لغيره، أم أراد أن يتعلّمه فقط لنفسه لا أن يعمل به ولا أن يعلمه لغيره، فهو حرام في جميع الأحوال.
حقيقة السحر
يُعرّف السحر بأنّه رُقى وعقد وكلام غير مفهوم قد يُتكلّم به، أو يفعل فيه، ممّا يؤثر في القلوب والأجساد والعقول، فيؤدّي إلى المرض، والقتل، والتفريق بين المرء وزوجه، ومن السحر ما يكون وهماً، وذلك كالسحر الذي قام به سحرة فرعون في تحدّي موسى، لكنّه رغم أنّه من الوهم إلّا أنّه يقع في القلب ويخيفه، قال -تعالى-: (يُخَيَّلُ إِلَيهِ مِن سِحرِهِم أَنَّها تَسعى) .
ومنه ما يكون حقيقياً، كالذي قام به اليهودي لبيد بن أعصم اتّجاه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فقد روت عائشة أمّ المؤمنين -رضيَ الله عنها- فقالت: (سُحِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى كانَ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّه يَفْعَلُ الشَّيْءَ وما يَفْعَلُهُ، حتَّى كانَ ذَاتَ يَومٍ دَعَا ودَعَا، ثُمَّ قالَ: أشَعَرْتِ أنَّ اللَّهَ أفْتَانِي فِيما فيه شِفَائِي، أتَانِي رَجُلَانِ: فَقَعَدَ أحَدُهُما عِنْدَ رَأْسِي والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ)،
تكملة الحديث: فَقالَ أحَدُهُما لِلْآخَرِ ما وجَعُ الرَّجُلِ؟ قالَ: مَطْبُوبٌ، قالَ: ومَن طَبَّهُ؟ قالَ لَبِيدُ بنُ الأعْصَمِ، قالَ: فِيما ذَا، قالَ: في مُشُطٍ ومُشَاطَةٍ وجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قالَ فأيْنَ هُوَ؟ قالَ: في بئْرِ ذَرْوَانَ فَخَرَجَ إلَيْهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: نَخْلُهَا كَأنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ فَقُلتُ اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقالَ: لَا، أمَّا أنَا فقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وخَشِيتُ أنْ يُثِيرَ ذلكَ علَى النَّاسِ شَرًّا ثُمَّ دُفِنَتِ البِئْرُ).