حكم التسبيح باليد اليسرى
حكم التسبيح باليد اليسرى
التسبيح باليد اليسرى جائز في قول كثير من أهل العلم، رغم أنّ التسبيح باليد اليمنى أفضل وأكمل، لكنّ الأمر واسع في استخدام اليد اليسرى أو اليمنى أو كلتا اليدين لأن المقصود هو ضبط العدد، وهذا توضيح لآراء العلماء في المسألة:
عدم مشروعية التسبيح باليد اليسرى
وهذا رأي الشيخ الألباني -رحمه الله- الذي يرى عدم جواز التسبيح باليد اليسرى، بل هو معصية ، ففي تعليقه على قول عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- (رأيتُ رسولَ اللهِ يعقدهنَّ بيدِه..)، -أي التسبيح- قال: أي اليمنى.
وقال إنها زيادة صحيحة في سنن أبي داود مفسّرة لرواية "بيده" معقبا بقوله إن: "من سبح باليسرى فقد عصى، ومن سبح باليدين معا كما يفعل كثيرون فقد (خَلَطوا عَمَلًا صالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّـهُ أَن يَتوبَ عَلَيهِم)، ومن خصه باليمنى فقد اهتدى، وأصاب سنة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-".
مشروعية التسبيح بكلتا اليدين
وإلى هذا الرأي ذهب الشيخ بكر أبو زيد، حيث إنّ التسبيح بكلتا اليدين إعمال لهما في العبادة، موضحا أن في توجيه النبي -صلى الله عليه وسلم- للنساء بأن يعقدنّ التسبيح بأناملهنّ: (عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ، وَاعْقِدْنَ بِالأَنَامِلِ فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولَاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ..)، ويشمل أصابع اليدين.
ولفظ "اليد" في الحديث هي للجنس؛ أي اليدان معا، مستشهداً بوضعهما على الصدر حال الصلاة أنه زينة للصلاة -كما قال بعض السلف-، ففي التسبيح بعد الصلاة باليدين معاً أيضاً زينة.
واعتبر أنّ لفظة "بيمينه" قد تفرّد بها شيخ أبو دواد معللاً ذلك بأنّ الحديث قد اتحد مخرجه، وجميع أقران محمد ابن قدامة شيخ أبي دواد لم يأتوا بهذه الزيادة، وفيهم من هو أوثق وأضبط منه، ولفظة "بيمينه" ليست من كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا من كلام الصحابي راوي الحديث.
مشروعية التسبيح بكلتا اليدين واليمين أفضل
وهذا ما جاء في فتاوى اللجنة الدائمة، فبيّنوا أنّه لا حرج في استخدام كلتا اليدين للتسبيح أخذاً بظاهر توجيه النبي -صلى الله عليه وسلم- للنساء السابق ذكره، وأن ألفاظ الحديث لا تعارض بينها، وأنّ بعضها جاء مجملاً وبعضها مفسراً كما في الرواية التي فيها "بيمينه"، ويشهد لها حال النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يحب التيمن في شأنه كله، ولهذا فلا حرج في استخدام كلتا اليدين معاً، فالأمر في ذلك واسع، واستخدام اليمين أفضل.
وهذا ما أكدته دائرة الإفتاء الأردنية أيضاً، فقالوا: "لا حرج من التسبيح بأيِّ كيفية شاء، فالتسبيح باليدين وسيلةٌ لضبط العدِّ، سواء كان بكلتا اليدين أو باليمنى فقط أو باليسرى فقط، لكن التسبيح باليمنى أفضل، ولا ينبغي الإنكار على أحد، فالأمر فيه واسع، واستحباب التسبيح باليمين هو إرشاد إلى ما هو أفضل، ولكن لا ينافي الجواز باليسرى"، ولعل في هذا الرأي التوسط والبعد عن التعصب في مسائل الخلاف.