حكم الإفطار في صيام التطوع والجماع
حكم الإفطار في صيام التطوع لعذر
من كان صائمًا صيام تطوع ؛ يجوز له أن يفطر فيه، ولا يتمّ صيامه، فالصائم المتطوع أمير نفسه؛ إن أتمّ صيامه كان ذلك أفضل له، وإن أفطر ولم يتم صيامه فلا شيء عليه، ولا يلزمه قضاء، لأنّه متطوع وصيامه نافلة، وقد أجمع الفقهاء على أنّ الصائم المتطوع إذا قطع صيامه لعذر فلا شيء عليه، ولا يلزمه قضاء.
حكم الإفطار في صيام التطوع بغير عذر
اختلف الفقهاء في حكم الإفطار في صيام التطوع بغير عذر، فمن أفطر عامدًا في صيام التطوع اختلف الفقهاء في حكمه على قولين، وما يأتي بيان ذلك:
القول الأول
ذهب الحنفية والمالكية، والنخعي وأبو ثور إلى القول بأن الكي يفطر في صيام التطوع من غير عذر يلزمه قضاء الصيام لليوم الذي أفطر به، واستدل أصحاب هذا القول بعدة أدلة وهي ما يأتي:
- قول الله تعالى: (وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)، ووجه الدلالة هو وجوب حفظ العمل المؤدي التقرب من الله تعالى، لأنّ التخرز عن إبطال الأعمال واجب، فلذلك يتوجب قضاء الصوم في حال صيام التطوع ليحفظ الإنسان عمله من الإبطال.
- حديث عائشة -رضي الله عنها- حسن ذكرت أنّها أفطرت هي وحفصة -رضي الله عنها- في صيام التطوع، فأمرهما رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بقضائه.
- قياس صيام التطوع على الحج والعمرة النفلين؛ إذ يتوجب قضائهما في حال فسادهما.
القول الثاني
ذهب الشافعية والحَنابِلة، وسفيان الثوري، وإسحاق وجمع من الصحابة منهم عمر وعلي، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس -رضي الله عنهم- إلى القول بأن الإفطار في صيام التطوع بغير عذر لا يوجب القضاء، مع أنّه يستحب إتمامه لمن ابتدأ به، واستدلوا بعدة أدلة على ذلك وهي ما يأتي:
- حديث عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- حيث قالت: (دَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ فَقالَ: هلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ فَقُلْنَا: لَا، قالَ: فإنِّي إذَنْ صَائِمٌ ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقالَ: أَرِينِيهِ، فَلقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فأكَلَ).
- حديث أم هانئ -رضي الله عنها- حيث روت: (كنتُ قاعدةً عندَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فأُتِيَ بشرابٍ فشرِبَ منهُ، ثمَّ ناولَني فشَرِبْتُ منهُ، فقلتُ: إنِّي أذنَبتُ، فاستغفِرْ لي، فقالَ: وما ذاك؟ قالَت: كنتُ صائمةً فأفطرتُ، فقالَ: أمِن قضاءٍ كنتِ تقضينَهُ؟ قالَت: لا، قالَ: فلا يضرُّكِ).
- ما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- حيث قال: (صنعتُ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ طعامًا، فأتاني هوَ وأصحابُه، فلمَّا وُضعَ الطَّعامُ قال رجلٌ من القومِ: إنِّي صائمٌ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ: دَعاكُم أخوكُم وتكلَّفَ لكُم! ثمَّ قال لهُ: أفطِرْ وصُمْ مكانَه يومًا إن شئتَ).
حكم الجماع في صيام التطوع
وإن جامع الرجل زوجته وهما في صيام التطوع، فلا شيء عليه لأنّ الصائم المتطوع أمير نفسه، سواءً أفطر بالجماع أو بالأكل والشرب أو غير ذلك، وإن كانت الزوجة قد صامت تطوعًا من غير إذن زوجها فيجوز له أن يدعوها إلى فراشه، ويجب عليها أن تستجيب له، وإن كان صيامها بإذنه فليس له أن يقصد صيامها، والأفضل لها أن تستجيب.