حفصة زوجة الرسول
التعريف بحفصة رضي الله عنها
نَسب حفصة رضي الله عنها ومولدها
هي أمّ المؤمنين حفصة بنت عُمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبدالله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، وأُمّها هي زينب بنت مظعون؛ أُخت عثمان بن مظعون، وهي من السابقين إلى الإسلام في مكّة.
أمّا أخوها فهو عبدالله بن عُمر -رضي الله عنه-، والذي كان يصغُرها بستِّ سنوات، وكان من إخوانها أيضاً عبدالرحمن الأكبر، وهم جميعاً أبناء زينب بنت مظعون.
زواج حفصة من خنيس السهمي
تزوّجت حفصة من خُنيس بن حُذافة بن قيس السهميّ، وبقيت معه حتى مات عنها بعد هجرتهما إلى المدينة، وكان ذلك عند عودة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من غزوة بدر، وهو الزوج الأوّل لها، وكان الرجل الوحيد من قبيلة بني سهم الذي حضر مع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- غزوة بدر، كما أنّه كان من أصحاب الهجرتَين*.
حفصة زوجة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم
زواج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حفصة
ترمّلت حفصة بعد موت زوجها خنيس، وعرض عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- زواجها على كلٍّ من أبي بكر ، وعُثمان، فرفضا الزواج بها، وشكا -رضي الله عنه- ذلك للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فأخبره النبيّ بأنّ حفصة سيتزوّجها من هو خيرٌ من عثمان، ويتزوّج عثمان من هي خيرٌ منها.
وكان زواجها منه -عليه الصلاة السلام، وهو خيرٌ من عثمان، وعندما التقى أبو بكر وعُمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- بعد ذلك، أخبره أبو بكر أنّ النبيّ كان قد ذكرَ زواجها أمامه، فخشي أن يُفشي سِرّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ولو تركها الرسول -عليه الصلاة والسلام- لكان تزوّجها، وأصدقَها أربعمئة درهم.
إكرام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لحفصة
كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عادلاً بين زوجاته، حتّى أنّه إذا أراد الخروج في غزوة ، أو سفر، كان يجري قُرعة بين زوجاته، والتي تقع عليها القرعة تخرج معه، وفي إحدى الغزوات خرج اسم حفصة في القرعة، فخرجت معه، وكانت في خيمتها أثناء المعركة.
حتى إذا انتهت المعركة ذهبت لتسقي العطشى، وتداوي الجرحى، وتُخفّف من ألم المُصابين، فلمّا رأى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ذلك، أعطاها ثمانين وسقاً* من القمح؛ إكراماً لها، واعترافاً بفَضلها.
حياة حفصة بعد الرسول صلّى الله عليه وسلّم
كانت حفصة -رضي الله عنها- تعيش في حياة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كما تحبّ وتتمنّى، وقد حفظت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعض الأحاديث، والأقوال التي كان يُوجّهها لها ولأُمّته، وكانت تتّبعها كما هي.
وعندما تُوفّي النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، بَكت عليه بُكاءً شديداً، ولَزِمت بيتها، وكانت لا تخرج منه إلّا إلى الحجّ ، والتزمت بطاعة الله وبالعبادة، والصدقة على الفقراء والمساكين.
حفصة رضي الله عنها في عهد الخليفتَين
بقيت حفصة موضع احترام وتقدير من قِبل الخليفتَين؛ أبي بكر، وأبيها عُمر بن الخطاب ؛ إكراماً لها، ووفاءً للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فكانت حرمتُها واحترامها من حُرمة واحترام بيت النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، كما أنّ حجرتها كانت مكاناً لحِفظ الرقاع والألواح التي كُتِب عليها القُرآن الكريم؛ تُحافظ عليها وتحميها.
وعندما جُمِع القرآن في عهد الخليفة أبي بكر بعد إصرار عمر بن الخطّاب على ذلك، اعتمد الصحابة على النُّسَخ التي عندها في ضَبط المصحف الكريم، ومراجعته.
حفصة المُحَدِّثة
مَروِيّات حفصة وتلاميذها رضي الله عنها
رَوت حفصة -رضي الله عنها- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عدداً من الأحاديث التي بلغ عددها في الكُتب الستّة ثمانية وعشرين حديثاً؛ فاتّفق البخاريّ ومُسلم على رواية أربعة أحاديث عنها، وانفرد الإمام مُسلم برواية ستّة أحاديث عنها، ولها في كتاب بقيّ بن مخلد مُسند باسمها يحتوي على ستّين حديثاً،
محُتوى مَروِيّات حفصة رضي الله عنها
رَوت حفصة بعض الأحاديث في عدد من الأبواب، وفيما يأتي بيانٌ لبعضها:
- الطهارة: إذ رَوت في وجوب الغُسل يوم الجُمعة على كُلّ مُحتلم، وفي استخدام المسلم يده اليُمنى للطعام والشراب.
- الصلاة: إذ رَوت في صلاة ركعتَين خفيفتَين إذا نُودِي للصبح، وهي من السُّنَن الفِعليّة عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.
- الصيام: فقد رَوت حديث وجوب تبييت النيّة قبل الفجر، وصيام النبيّ ثلاثة أيّام من كُلّ شهر، ورَوت في تقبيل الصائم، وحديث إتمام الصيام لمَن يُصبح جُنباً، وحديث صيام الاثنين والخميس، وصيام عاشوراء.
- المناسك: فقد رَوت في الدوابّ التي يُباح قتلها ولا إثم في ذلك.
- الزينة: إذ رَوت حديث حُكم لبس الرجل للديباج.
- الشمائل: فقد رَوت في شمائل النبيّ حديثَ فراش النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.
- الآداب: فقد رَوت ما يفعله الرجل عند النوم.
- الطب: إذ رَوت حديثَ تعبير الرؤيا، ورُقية النملة.
- الفتن: إذ رَوت الحديث الذي يتحدّث فيه النبيّ عن ابن الصائد وخروج الدجّال من غضبة يغضبها، وهذا أشهر ما رَوَته.
ويُلاحَظ أنّ أغلب ما رَوته السيّدة حفصة -رضي الله عنها- كان في وصفها لأفعال النبيّ، والتي اشتركت في نَقلها نساء النبيّ -رضي الله عنهنّ-، وكانت لها مجموعة من الأحاديث التي اختصّت بروايتها دون باقي نساء المؤمنين، كحديث ابن الصائد، وخروج الدجّال، ورُقية النملة، والدوابّ التي يُباح قتلها.
مناقب حفصة رضي الله عنها
كان لأمّ المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- الكثير من المناقب، ومنها ما يأتي:
- الحصول على شرف الهجرة ؛ فقد هاجرت مع زوجها خُنيس بن حُذافة السهمي إلى المدينة.
- كثرة الصيام، والقيام، وكانت كثيراً ما تلوم نفسها وتتّهمها بالتقصير، وقال فيها نافع: "ما مَاتَت حَفصَةُ حَتَّى مَا تُفطر"؛ لكثرة صيامها -رضي الله عنها-.
- معرفتها بالكتابة، وقد اهتمّ النبيّ -عليه الصلاة السلام- بتعليمها، وقد ورد ذلك في حديث الشفاء بنت عبدالله عندما كانت عند حفصة -رضي الله عنها- ودخل النبيّ عليهنّ، فقال لها: ( ألا تُعلّمينَ هذهِ رُقيةُ النملة* كما علّمتيهَا الكتابةَ).
- فصاحتها وبلاغتها، وقد ورد أنّها هوّنَت على أبيها في مَرضه بكلمات بليغة.
- نيل الفضل؛ لكونها وارثة الصحيفة الجامعة للقرآن الكريم.
وفاة حفصة رضي الله عنها
تُوفِّيت السيّدة حفصة -رضي الله عنها- في شهر شعبان من السنة الخامسة والأربعين للهجرة، في عهد معاوية بن أبي سُفيان -رضي الله عنه-، وكان تبلغ من العمر حين وفاتها ستّين عاماً،
الهامش *أصحاب الهجرتَين: هم الصحابة الذين هاجروا هجرة الحبشة، وهجرة المدينة المُنوَّرة. *وسق: هو نوع من أنواع المكاييل، ويُقدَّر بستّين صاعاً بصاع النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.[20] * رُقية النملة: رُقية تُرقى لقروح تكون في جنب الإنسان المُصاب.[17]