حسان بن ثابت
اسمه ونسبه وكنيته ووفاته
الصحابي حَسّان بْنُ ثَابِتٍ بن المنذر بن حَرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك، المُكنّى بأَبي عَبد الرَّحمَن، وقيل: أبو الوليد، وقيل: أبو حسام، الأنصاريّ النَّجّاري الخَزرَجيّ، من المدينة، وهو شاعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي قال له ذات مرة: (اهْجُهُمْ أوْ هَاجِهِمْ وجِبْرِيلُ معكَ)، وقد قيل إنّ حسّان كان يَكْبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ببضع سنين فقط، وقد أسلم وعمره ستون، وعاش عمراً طويلاً، وقد روى حسّان بن ثابت -رضي الله عنه- بعض الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكانت عائشة وعمر وأبو هريرة -رضي الله عنهم جميعا- ممن رووا عنه.
ميزات حسان بن ثابت ومكانته
إنّ للصحابي حسّان بن ثابت -رضي الله عنه- العديد من الصفات التي تُميّزه، والتي جعلته في مكانةٍ رفيعةٍ في الإسلام، وفيما يأتي ذكرها:
- كان حسان بن ثابت -رضي الله عنه- شاعر الأنصار قبل الإسلام، ثم أصبح شاعر النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم أصبح شاعر اليمانيّين في الإسلام.
- كان فَحل الشعر؛ أي أن شعره كان ذا مرتبةٍ رفيعةٍ.
- كان شديد وقويّ الهِجاء، وكان ذلك بطلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- كما ذُكر سابقاً.
- نشأ في قومٍ شعراء.
- حاز حسان بن ثابت مكانة رفيعة، ليس فقط لأنّه شاعر رسول الله، بل إن شعره كان من الأسباب التي حفظت فيها اللغة العربية، وذلك من فصاحة شعره، وغِناه بالمفردات العربية، فقد كانت لديه قدرات تعبيرية رفيعة، وإمكانات لغوية لم تكن عند الكثير من غيره.
- نَظَمَ حسان بن ثابت مدائح نبوية كثيرة، وأشعاراً تذكر فضائل الإسلام، وقد شكّلت معاً ما يسمى بالأشعار الدينية.
- مدح الكثير من الصحابة والخلفاء الراشدين أشعار حسان بن ثابت وعرفوا مكانته، حتى كان بعد ذلك محطّ دراسة الكثيرين لما كان لشعره من التّأثير القوي.
- تغيّر شعر حسان بن ثابت -رضي الله عنه- بين الجاهلية والإسلام، فشعره في الجاهلية لا حدود له ويزيّنه الخيال، أما شعره في الإسلام فقد صوّرَ الحقائق وأَرَّخَ الأحداث.
- كان فصيحاً، سريع الحفظ، صادقاً، اتّصف شعره بأنه فخم اللفظِ، والأُسلوب القوي، مع الالتزامِ بقواعد الدّين، حتى قيل عنه إنه أشعر أهل المَدَر، ولم يَقُل من الشعر للتكسّب أبداً بعد الإسلام، بل كان شعره لنُصرة الدين والعقيدة.
- أيّده الله بروحِ القدس في هجاء المشركين الذين قاموا بإيذاء النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين بشعرهم.
- لم يشهد أي مشهدٍ -أي غزوة- مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وذلك ليس لأنه جباناً كما يزعم البعض، بل لأنه كان كبيراً في السّنّ، حيث إنه عندما أسلم كان فوق الستين سنة.
حسان بن ثابت قبل الإسلام
كان حسّان بن ثابت -رضي الله عنه- شاعراً شديد العصبية لقومه قبل الإسلام، فقد كان الهجاء والفخر هو الطّابع الغالب على شعره، فكان يمتدح قومه على مناقبهم، ويكون بالمرصاد لكل من حاول التطاول على قومه أو يهجوهم بأيِّ شكلٍ من الأشكال، وكان قومه الخزرج على صراعٍ دائمٍ مع قبيلة الأوس الذين كان لهم شاعرٌ يسمّى قيس بن الخطيم، فكانوا يهجون بعضهم بعضاً.
وكان حسّان مثله مثل باقي الشعراء في الجاهلية لديه من الشعر ما هو في الغزل ومدح النساء، ولكن لم يعد لذلك بعد الإسلام، وكان يذهب في المواسم إلى سوق عكاظ فيمتدح ذوي الشأن ويكسب من ذلك رزقاً وفيراً، حتى قيل إن غساسنة الشام كتبوا له مُرتّباً شهرياً إزاء أشعاره، فهو لم يمدحهم فحسب، بل كان يفتخر بهم بشعره كونهم أخواله، فحسّن ذلك من شعره، ومثلما مارس الهجاء والفخر في شعر قومه وهم الخزرج، مارس كذلك المدح والتملُّق في شعر الملوك، وهكذا عندما أسلم أبدع في جميع أنواع الشعر، فمدح النبيَّ والمسلمين، وهجا المشركين.
حسان بن ثابت بعد الإسلام
كان لحسّان بن ثابت -رضي الله عنه- دورٌ هامٌ في الإسلام، فقد كان الشعر يُعتبر كالإعلام في ذلك العصر، فكان الشعر سياسياً على شاكلة] معيّنة، وهي أن يقوم الشاعر بهجاء الفريق الخصم ومدح فريقه، وهكذا، فكان حسان يدافع عن السُّلطة الدينية الإسلامية، ليس لهدف التكسُّب ولا الاستجداء؛ بل دفاعاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، حتى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد وضع له منبراً في المسجد يقوم عليه أثناء دفاعه عن الإسلام، وقد ذكر في يوم الأحزاب أن النبيَّ سأل الناس عمّن يحمي أعراض المسلمين، فأجابه ثلاثة من المسلمين فقالوا: (قال كعبٌ: أنا، قال ابنُ رواحةَ: أنا، قال: إنك لتحسِنُ الشعرَ؟ قال حسانُ بنُ ثابتٍ: أنا إذنْ، قال اهجُهمْ فإنه سيعُينُك عليهم روحُ القدسِ).
وكان حسان بن ثابت -رضي الله عنه- قديم الإسلام، وأسلم حال ما وصله الدين، ثم أصبح شاعر النبي -صلى الله عليه وسلم-، مما جعل مكانته عند النّاس أعلى من أيِّ شاعر إسلاميٍّ آخر، وليس ذلك فقط لأنه دافع عن المسلمين، بل لأن شعره كان موزوناً، فهو لم يهجُ أصل قريش أو نسبهم، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- منهم، بل هجا أفعالهم وتصرّفاتهم.
وفاة حسان بن ثابت
اختلفت الروايات والمؤرّخون في وقت وفاة الصحابي حسّان بن ثابت -رضي الله عنه-، فقيل إنّه توفّي في خلافة معاوية بن أبي سفيان وهو بعمر مئة وعشرين سنة، وقيل إنه تُوفّي في سنة أربعين، وقيل قبلها، وفي رواية أُخرى أنّه توفّي في سنة أربع وخمسين، وقيل إنّه عاش في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة أُخرى، أي إنّه كان كبيراً في السِّن حين أسلم، والمشهور بين علماء المسلمين أنّه تُوفّيَ وعمره مئة وعشرون عاماً.