حديث من ترك شيئا لله
حديث من ترك شيئًا لله
لم يثبت هذا الحديث بنصٍّ صحيح عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، ولكن الألباني صحّح سنده وأورده في مصنّفه بهذا النص: (من تركَ شيئًا للهِ، عوَّضهُ اللهُ خيرًا منه) ، ومعنى هذا الحديث ومضمونه صحيح، فقد ثبت أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله بلفظ آخر: (إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلهِ عز وجل إِلاَّ بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ).
معنى الحديث
هذا الحديث العظيم قد اشتمل على ثلاثة مضامين، وذلك فيما يأتي:
- (إنك لن تدع شيئًا)، وهذا لفظ عام يشمل كل شيء يتركه الإنسان؛ ابتغاءَ وجه الله -تعالى-.
- (لله -عزَّ وجلَّ-)، وهذه الجملة تبين أنّ الترك يجب أن يكون ابتغاء وجه الله ونيل مرضاته، فلا يكون سببه الخوف أو الحياء، أو غير ذلك.
- (إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه)، وهذه الجملة فيها بيانٌ للجزاء، فمن قام بترك شيء لله، عوضه الله بأفضل منه وخيراً ممّا ترك.
وإنّ الله -تعالى- كامل العلم مُحيط بأحوال عباده، يعلم سرهم ونجواهم، قال -تعالى-: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ)، فهو الأدرى بما يحقق مصلحتهم ويقتضي تيسير حياتهم؛ لأنّ الله لطيف بعباده، وهذه المصلحة لا يستطيع الإنسان أن يحققها بعلمه المقصور المحدود.
ومن بعد تفضيل أمر الله وترك ما لا يرضى تأتي مرحلة الاختبار، وهذه المرحلة تقتضي من العبد الصبر و مجاهدة النفس لتحمل نتيجة الترك، ويجب أن يكون لديه اليقين التام بأن بعد الترك سيعوضه الله بما هو خير له في دينه ودنياه.
ثواب مَن ترك شيئاً ابتغاء مرضاة الله
ونذكر فيما يأتي ثواب وجزاء من ترك شيئاً لربه:
- بمثل ما ترك: فلو تركت مالًا محرماً، رزقك الله مثله مالًا حلالًا أو زيادة عليه، فيكون هذا الخير المقصود بالحديث.
- مكافأة بغير جنس ما ترك؛ كأن يرزق الله الإنسان الصحة والعافية لتركه المال الحرام، أو يرزقه البنين بتركه معصية معينة، أو أن ينزل عليه سكينته ويريح قلبه وضميره، و سيدنا يوسف -عليه السلام- حينما ترك الوقوع بالحرام مع امرأة العزيز، عوّضه الله ورزقه المال والجاه والنصب.
- مكافأة الله للعبد في الآخرة؛ فالتجارة مع الله من أربح التجارات؛ لأنه لا خسارة فيها، فحين تترك شيئاً لله طمعاً في مرضاته فأنت تجني الربح، والصائم حين يترك شهواته من طعام وشراب وهو بأمس الحاجة لها جعل الله له يوم القيامة باب لا يدخل إلا هو وأمثاله منه، والذي يكتم غيظه طمعاً في جزاء الله يُنزله الله منزلة المحسنين ، وهي من أعظم المنازل يوم القيامة.