آثار لبنان
آثار لبنان
قلعة الشهابية
تقع قلعة الشهابية جنوب لبنان ، وتطلّ على قرية حاصبيا، ويُذكر أنّ الصليبيين اتّخذوها مركزاً لحملاتهم بسبب موقعها الاستراتيجي، ويُرجّح أنّهم بنوا حصون القلعة المنيعة خلال القرن الحادي عشر ميلادي، وفي سبعينيات القرن الثاني عشر ميلادي استطاع الأمراء الشهابيون السيطرة على القلعة بعد إطاحتهم بالصليبيين، وأعادوا ترميم جزء كبير من القلعة ليكون مركزاً عسكرياً وسكنياً، وظلّت قلعة الشهابية في طور التوسيع والتجديد على مدار 8 قرون ونصف، ولا تزال تضم مجموعةً من التصاميم والعناصر المعمارية التي تعود إلى العصر المملوكي والعثماني.
قلعة صيدا البحرية
يعود بناء قلعة صيدا البحرية إلى القرن الثالث عشر ميلادي، وتحديداً إلى عام 1228م على يد الصليبيين الذين بنوها فوق أساسات معبدٍ يعود للحضارة الفنيقية، حيث كانت الجزيرة الصغيرة التي بُنيت عليها القلعة موطناً لمعبد الإله ملقرت، والذي كان للفنيقيين بمثابة الإله هرقل، ووقعت القلعة تحت سيطرة المماليك خلال الحكم الصليبي فدُمّرت جزئياً، إلّا أنّهم أعادوا بناءها وأنشأوا جسراً يربط الجزيرة بالبر، وفي القرن السابع عشر ميلادي استطاع الأمير فخر الدين الثاني استعادة القلعة، ويجدر بالذكر أنّ القلعة لا تزال صامدة، وتحتفظ بمكانتها كأشهر المعالم الأثرية في لبنان رغم الحروب والمعارك التي مرّت بها على مدار قرون.
قلعة المسيلحة
شُيّدت قلعة المسيلحة من قِبل الأمير الدرزي فخر الدين الثاني في القرن السابع عشر ميلادي، وذلك لحراسة الطريق التجارية بين طرابلس وبيروت، وكانت القلعة تُستخدم كنقطةٍ دفاعية منذ العصور القديمة، ويجدر بالذكر أنّها لا تزال إلى اليوم تقف شامخةً على جرفٍ مرتفعٍ يطل على الطريق السريع.
جامع طينال
يقع جامع طينال على الضفة اليسرى لنهر أبو علي بالقرب من مقبرة باب الرمل، ويعكس الجامع تاريخاً عريقاً حيث يعود بناؤه إلى القرن الرابع عشر ميلادي في عهد الأمير سيف الدين طينال حاكم طرابلس، كما زاره الرحالة المشهور ابن بطوطة، ويضمّ المسجد مجموعةً من الخصائص التي تُميّزه عن غيره من النصب الأثرية في لبنان، ممّا جعل منه مصدراً لجذب الزوار ، ومنها التصاميم الهندسية المميزة؛ كالقوس الكبير المائل الذي يحتوي باب مستطيل الشكل مُحاط بحجرٍ أسود وأبيض يُحاكي فن العمارة الإسلامية المعروف باسم الحجر الأبلق.
قصر بيت الدين
يقع قصر بيت الدين على حافةٍ شديدة الانحدار، ويُطلّ على مناظر طبيعية خلّابة، وبدأ العمل في القصر في عام 1788م واستمرّ حتّى 30 عاماً أخرى بعد ذلك، وخلال تلك الفترة أشرف الأمير بشير الحاكم العثماني المعين على بناء نصبٍ تذكاري من شأنه عكس قوته ومجد حكمه، ويُعدّ القصر أحد أفضل الأمثلة المتبقية من العمارة اللبنانية في القرن التاسع عشر ميلاديّ لما يشمله من معالم متعددة؛ كالساحات الثلاثة الرئيسية، والاسطبلات الضخمة، والمتاحف الصغيرة، ونوافير المياه، والبوابات الرخامية، وغيرها.
معابد بعلبك
صُنّفت بعلبك كإحدى مواقع التراث العالمية على قائمة اليونيسكو الواقعة في محافظة البقاع، حيث استمدّت هذه المدينة الفينيقية أهميتها التاريخية من موقعها في سهل البقاع الخصب، والذي زوّد الإمبراطورية الرومانية التي استقرّت في بلاد الشام باحتياجها من حبوب القمح، وتتميّز بعلبك بمعابدها المتعدّدة، وأهمّها معبد باخوس؛ وذلك لتصميمها المميز الذي يتألّف من أعمدة بارتفاع يصل إلى 20 م.
يقع مجمع المعابد في بعلبك على سفح المنحدر الجنوبي الغربي من سلسلة جبال لبنان الشرقية، ويمتدّ على طول سهل البقاع بارتفاع يصل إلى 1150 م، وعُرفت بعلبك قديماً خلال الفترة الهلنستية باسم هليوبوليس أو مدينة الشمس؛ نظراً لثالوث الآلهة الرومانيّ فيها، والذي يضم إله المشتري، والزهرة، وعطارد، فاحتفظت بعلبك بمكانتها الدينية خلال الحكم الروماني، وشَهِدت أوج ازدهارها أثناء ذلك.
استغرق بناء الهياكل العظيمة قرابة عقدين من الزمان في بعلبك، ممّا جعلها إحدى أهم المقدسات الدينية وأبرز الأماكن التي تعكس ازدهار فنون العمارة الرومانية، حيث كان يقصدها الآلاف من الحجاج لأداة المناسك الدينية المتمثلة بتبجيل ثالوث الآلهة، كما تضم بعلبك العديد من المعالم الأثرية الأخرى ومنها الآتي:
- الأعمدة الضخمة.
- الأعمال الحجرية المصمّمة بدقة.
- المقدّسات الدينية العريقة.
صور
تقع مدينة صور إلى الجنوب من العاصمة اللبنانية بيروت وتبعد عنها حوالي 80.5 كم، فقد أسّسها الفنيقيون عندما استوطنوا لبنان في الألفية الثالثة قبل الميلاد، ومنذ تأسيسها لعبت صور دوراً محورياً كمركزٍ تجاري وميناء رئيسي، ممّا جعلها مطمعاً للامبراطوريات المجاورة التي كانت تشنّ حملاتٍ عسكرية نحوها بشكلٍ مستمر لمحاولة السيطرة عليها؛ كالإمبراطورية المصرية، والبابلية، واليونانية، والفارسية، والرومانية، والصليبية، والتركية.
أسّس التجار في صور المستعمرات على امتداد البحر الأبيض المتوسط، وخاطروا بحياتهم للوصول إلى مناطق أقصى الغرب؛ كقادس في إسبانيا، كما تمكّنوا من الاستقرار في مناطق شمال أفريقيا واليونان، وعلى مدار التاريخ القديم كانت صور مقسّمةً إلى مركزين تربطهما علاقة تشاركية، وهما كالآتي:
- المستوطنة الرئيسية: تقع على امتداد جزيرة مُحصّنة، وتعُدّ مركزاً بحرياً غنيّاً بالثروات.
- مجتمع السكان المحليين: هم الذين يقطنون الأراضي الرئيسية، ويُزوّدون المستعمرات الأساسية بالماء والأخشاب.
شَهِدت صور حملاتٍ استعمارية من قِبل المماليك في القرن الثالث عشر ميلادي، وبقيت جزءاً من الدولة العثمانية حتّى الحرب العالمية الأولى، ثمّ أصبحت تحت الحكم اللبناني بعد تشكيل الدولة اللبنانية الحديثة، وفي عام 1979م أُدرجِت صور على قائمة التراث العالمي لليونسكو باعتبارها إحدى أهم المواقع الأثرية في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، ومستودعاً للإنجازات المعمارية والفنية للعديد من الحضارات على مدار 3000 سنة الماضية، وتُعدّ صور اليوم برهان على إمكانية الجمع بين الأصالة والمعاصرة، حيث استوعبت صور التنمية الحديثة وتمكّنت من الاحتفاظ بالآثار القديمة.
عنجر
تُعدّ مدينة عنجر شاهداً على ازدهار الحضارة الأموية، حيث بناها الخليفة الوليد بن عبد الملك خلال الأعوام 705-715م في العهد الأموي، واكتشفها علماء الآثار خلال أربعينيات القرن العشرين ميلادي، وتُشكّل هذه المدينة مركزاً تجارياً مهمّا نظراً إلى موقعها الاستراتيجي كنقطة التقاء لطريقيين مهمّين؛ هما الطريق المؤدّي من بيروت إلى دمشق، والطريق العابر بسهل البقاع مروراً بحمص ووصولاً إلى طبريا.
أسفرت عمليات التنقيب عن اكتشاف مدينة مُسوّرة ومحاطة بأبراج يصل عددها إلى 40 برجاً، وتتخذّ مساحةً مستطيلة الشكل تبلغ أبعادها 385 * 350 متراً، وتُحيطها البوابات وتنتشر داخلها الأروقة والممرات، بالتالي فهي تُقسّم المدينة إلى 4 قطاعات رئيسية متساوية تعلو الشبكة السفلية لأنظمة الصرف الصحي، وتُقسّم المباني العامة والخاصة بداخلها ضمن خطة مدروسة، وهي كالآتي:
- الربع الجنوبي الشرقي: حيث قصر الخليفة الكبير والجامع الذي يحتل أعلى نقطة في المنطقة.
- الربع الشمالي الشرقي: حيث تقع القصور الصغيرة الخاصة بالنساء، بالإضافة إلى الحمّامات؛ وذلك لتسهيل عملية تصريف المياه المستهلكة.
- الربعان الشمالي الغربي والجنوبي الغربي: خُصّصا للخدمات الثانوية والقطاعات السكنية.
تتألّف الآثار القديمة لمدينة عنجر من بقايا مذهلة من التيترابايلون -البوابات الأربع- التذكارية، وهي أبراج يونانية تتألف من 4 مجموعات، بالإضافة إلى جدران وأعمدة القصر الأموي التي ما زالت صامدةً بمستويات وارتفاعات مختلفة، إلى جانب عناصر زخرفية ومعمارية تعود للحضارة الرومانية، فضلاً عن المرونة والحداثة في التصاميم الداخلية للأبنية.
جبيل
تقع مدينة جبيل على بعد 40 كم إلى الشمال من العاصمة بيروت على حافة الحجر الرملي، وكانت مأهولة بالسكان منذ العصر الحجري الحديث، أيّ منذ 8000 سنة قبل الميلاد، حيث ظهرت فيها أقدم أبجدية عرفها الإنسان على النقوش الفينيقية على تابوت أحيرام، وكانت ميناء مهمّاً لشحن أوراق البردي من مصر إلى اليونان لأغراض الكتابة، ويضم الموقع الأثري لجبيل بقايا لمدرّجٍ روماني، وسور المدينة الذي يعود للعصور الوسطى، والقلعة الصليبية ببرجي الدفاع الخاصة بها، ولا تزال جبيل إلى اليوم تُشكّل منتجعاً راقياً، كما يُشكّل مشهد اليخوت على شواطئ مرفئها منظراً خلاباً.
شَهِدت جبيل نشأة الحضارة الفينيقية، حيث يتضّح ذلك من خلال الآثار المعمارية الفنيقية المتناثرة حول المكان، والتي تعود لفتراتٍ مختلفة من التاريخ؛ كمدينة إنتراموروس من العصور الوسطى والبيوت القديمة، وتتالت أعمال البناء وإعمار المدينة عبر العصور المختلفة دون توقف منذ بناء أول مستعمرة سكنية قبل 8 آلاف عام، وحتّى احتشاد المدينة بالأبنية والنصب التذكارية التي تعود للعصر البرونزي، والحصون الفارسية والعثمانية، والكنائس البيزنطية، والقلاع الصليبية، والقرى التي تعود للعصور الوسطى.