حديث السبع الموبقات
حديث السبع الموبقات
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ).
تعداد السبع الموبقات وشرحها
إن الله -تعالى- قد أمرنا باجتناب الفواحش صغيرها وكبيرها، غير أن طلبه لاجتناب الكبائر آكد، ومن هذه الكبائر سبع؛ هي أكبر الكبائر؛ من أجل ذلك سماها الموبقات، والمهلكات، وجاء النهي في الحديث بصيغة (اجتنبوا)، وليس بصيغة أخرى.
وهي من أقوى صيغ التحريم؛ بمعنى كن أنت في جانب، وهذه المعاصي في جانب آخر، وابتعد عنها، ولا تكن قريبا منها، وسمّيت هذه السبع بالموبقات؛ أي المهلكات؛ لأن مرتكب واحدة من هذه السبع هالك بعذاب الله -تعالى- إذا لم يتُب. وفيما يأتي ذكر هذه السبعة وبيان معانيها:
الشرك بالله
أعظم ذنوب هذه السبعة هو الشرك بالله العظيم؛ وهو أن يصرف الشخص شيئا من العبادة التي لا تنبغي إلا لله -تعالى-، فيصرفها إلى مخلوق من خلق الله -تعالى-، ومن ترك شيئا مما لا يترك إلا لله، فتركه من أجل مخلوق، فهذا شرك، والشرك نوعان:
- شرك أكبر
وهذا هو الذي يخرج مرتكبه من الملة، ولا يصدق عليه الإسلام، وهذا النوع من الشرك لا يغفره الله -تعالى- إن مات صاحبه ولم يتب، قال الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ).
- شرك أصغر
وهو الشرك الذي لا يخرج صاحبه من الملة، مثل الرياء.
السحر
ذُكر في الحديث السحر بعد الشرك مباشرة؛ لأن السحر صورة من صور الشرك ، أو هو أحد حالات الشرك؛ ذلك أن الساحر لا يصير ساحراً إلا بممارسته للشركيات، فلا يقبل الجنّ التعاون مع الإنس إلا بعد أن يلبي لهم ما يطلبون، فإن أطاعهم أطاعوه.
ولا يطيعونه إلا بعد أن يشرك بالله -تعالى- وممارسة كثير من الشركيات؛ كالسجود لهم، والذبح لهم، وعليه فإن السحر كفر، بسبب ممارسة الساحر لما يُخالف عقيدة الإسلام، قال الله -تعالى-: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ)
قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق
النفس التي حرم الله؛ هي نفس المسلم، ونفس الذمّي المعاهد؛ وهو من يعيش في بلاد المسلمين من غيرهم، فلا يحل قتله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ)، ولا يحل قتل المسلم لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالمَارِقُ مِنَ الدِّينِ التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ).
أكل الربا
أكل الربا من أقبح الذنوب التي حرمها الله -تعالى-؛ لأن أكل الربا عقوبته الحرب من الله ورسوله، وآكل الربا في حرب مع الله ورسوله في الدنيا والآخرة، قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ).
وتكمن خطورة أكل الربا بأنها تزرع الفقر والطبقية في المجتمعات، وتقتل العمل والجهد، وقد لعن الله في الربا أربعا: من يأكل الربا؛ وهو الرابح، والموكل للربا؛ وهو المانح، والكاتب لعقد الربا، والشاهد عليه، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَعَنَ اللهُ آكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَشَاهِدَهُ، وَكَاتِبَهُ).
أكل مال اليتيم
اليتيم هو الصبي الذي مات والده، وما زال صبي دون الحلم، وقال بعضهم: هو الصبي الذي عمره دون سنّ الرشد، بحيث يكون ماله عند من يقوم عليه، من أوليائه، أو من أقاربه، فيعتدي هذا القريب على مال اليتيم، ويأخذ منه، ويأكل مال اليتيم بالباطل ، وهذا من أكبر الكبائر.
قال الله -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)، ويجوز لولي اليتيم، إن كان فقيراً أو محتاجاً أن يأخذ من مال اليتيم أجرة قيامه على هذا اليتيم بالمعروف؛ أي يأخذ أجرة المثل، والأحسن أن يأخذ أقلّ أجرة المثل، ولا يأخذ أكثر من ذلك.
التولي يوم الزحف
التولي يوم الزحف هو الهروب من قتال العدو، وهو من الكبائر، فلا يجوز الفرار من المعركة، وترك موقع القتال إلا في حالتين، قال الله -تعالى-: (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُمُ الَّذينَ كَفَروا زَحفًا فَلا تُوَلّوهُمُ الأَدبارَ* وَمَن يُوَلِّهِم يَومَئِذٍ دُبُرَهُ إِلّا مُتَحَرِّفًا لِقِتالٍ أَو مُتَحَيِّزًا إِلى فِئَةٍ فَقَد باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّـهِ) ، والحالتان هما:
- التحرّف للقتال
أي أن يصنع من نفسه أنه هارب، ثم يكرّ على العدو، ويعود للقتال.
- التحيز إلى فئة
أن يترك ساحة القتال من أجل طلب المدد، ثم يعود ومعه المدد. ويجوز الفرار من المعركة في غير هاتين الحالتين إذا كان عدد العدو أكثر من الضِّعف.
قذف المؤمنات المحصنات الغافلات
معنى القذف: هو اتهام امرأة من النساء بالزنا ، والمحصنات جمع محصنة؛ وهي المرأة العفيفة التي لم يثبت عليها الزنا، فمن اتهم امرأة بالزنا، وليس معه أربعة شهود، فهو مرتكب لكبيرة من أكبر الكبائر، وعقوبته الجلد ثمانين جلدة، قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).