حديث: الصيام جنة
حديث: الصيام جنة
ثبت عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: (قالَ اللهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ، فإنَّه لي وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ).
صيغ حديث: الصيام جنة
ثبت حديث: الصيام جنة، في صحيح البخاري ، وصحيح مسلم، فهو من الأحاديث المتّفق على صحتها، كما ورد هذا الحديث بصيغ أخرى غير الوارد في الصحيحين، وفيما يأتي إيراد لبعض هذه الصيغ:
- أخرج ابن حبّان في صحيحه عن عثمان بن أبي العاص الثقفي -رضي الله عنه- قال: "سمِعْتُ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يقولُ: (الصِّيامُ جُنَّةٌ كجُنَّةِ أحدِكم مِن القتالِ).
- أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (الصِّيامُ جُنَّةٌ، وحِصنٌ حَصينٌ مِن النَّارِ).
إنّ معنى الصيام جنة بفتح الجيم أي أنّ الصيام وقاية وستر، وقد ذكر القسطلاني في شرحه للبخاري أنّه من المحتمل أن يكون المراد أنّ الصيام هو وقاية للعبد من الوقوع في المعصية ، وذلك لأنّ الصيام يكسر الشهوات ويُضعفها وبالتالي فإنّ العبد لا يُقدم على المعصية ولا يرغب بها.
ويمكن أن يكون المُراد هو كون الصيام وقاية للعبد من النار؛ لأنّ الصائم يُمسك عن الشهوات وتخفّ حدّتها في نفسه، والنار محفوفة بالشهوات، وإمساكه عن الشهوات يؤدّي إلى ابتعاده ووقايته من النار.
شرح حديث: الصيام جنة
ورد في بعض الروايات أنّ الصيام جنة إذا لم يخرقها العبد بالغيبة وما شابهها، وفي هذا الحديث تأكيد على أهمية ابتعاد الصائم عن المعاصي والآثام ولا سيما تلك التي تتعلّق بالتعامل مع الآخرين والحديث معهم وعنهم.
والغيبة محرّمة وتتأكد حرمتها في الصيام أكثر وأكثر وكذلك السخرية من الآخرين والجهل عليهم ومحاولة الاستعلاء والاستقواء، والكلام الفاحش البذيء بجميع أشكاله، فهذه الأمور جميعها ممّا ينبغي للمسلم أن يحفظ نفسه ولسانه عنها، ولا سيما عند صيامه حتّى ينال الأجر العظيم ويرقى بصيامه إلى أعلى درجات الكمال.
حتّى إنّ الصائم إذا تعرّض لأذى أو مضايقة فمن الأفضل له ألّا يُحاول الرد بالمثل بل يكتفي بالقول "إنّي صائم" لعلّ هذا القول يلقى أثرًا في نفسه المخاصم ويتوقّف عن الأذى ويتراجع عمّا بدر منه، فيكون الصيام في هذه الحالة وقاية وجُنّة للصائم من أن يؤذي أو أن يؤذى.
وقد شُبّه الصيام بالدرع التي تقي المقاتل الإصابة أثناء القتال، وهذا من فضائل الصيام ، ولشرف الصيام ومنزلته وعظم أثره، وذهب كثير من الفقهاء إلى أنّه من أفضل العبادات البدنية.