جمال المرأة في الإسلام
جمال المرأة في الإسلام
المرأة تنشأ في الزينة منذ صغرها
قال الله -تعالى-: (أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ)، أحلَّ الله -تعالى- للمرأة الزينة والذهب، والتحلِّي بهم، وتنشأ منذ صغرها على التحلِّي بأنواع الزينة والمجوهرات؛ وهذا من مظاهر أنوثتها وجمالها، وهو من الفطرة التي فطر الله -تعالى- النساء عليها.
وقد نهى الله -تعالى- النساء عن إبداء زينتهن إلّا ما ظهر منها لغير المحارم من الرجال، وأباح لهن التزيُّن وإظهار الزينة أمام أزواجهن، وآباء أزواجهن، والإخوة، والأبناء، وأبناء الأزواج، وبقية المحارم.
وأمرهن أن يُلقين بخمرهن على فتحات ثيابهن عند الصدور؛ فيسترن شعورهن وأعناقهن فلا يُرى منها شيء، قال -تعالى-: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ).
هذا من الجمال والزينة الظاهرية التي تستوي فيه المرأة المسلمة مع غيرها، وهو من الأمور غير المحرَّمة، يقول الله -تعالى-: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، إضافة للكثير من صفات الجمال الأخرى كالمظهر الحسن، والنظافة، والترتيب التي تحافظ المرأة المسلمة عليها؛ لأنَّ الدين يحثُّ على العناية والنظافة.
الأخلاق العالية زينة للمرأة
تتحلَّى المرأة المسلمة وتتزين بالأخلاق الحسنة، والصفات الجميلة؛ وهي بذلك تتقرب إلى الله -تعالى-؛ عن عبد الله بن عمرو: (أن رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا ولَا مُتَفَحِّشًا، وقالَ: إنَّ مِن أحَبِّكُمْ إلَيَّ أحْسَنَكُمْ أخْلَاقًا)؛ فالمرأة تغضّ البصر، وتخفض صوتها دون خضوع أمام الرجال الأجانب، وتتحدَّث بثقة، وأدب، ولباقة، هذه كلها من صفات الجمال العالية، والذوق الرفيع لديها.
لقد أثنى الله -تعالى- على ابنة سيدنا شعيب -رضي الله عنه-؛ حينما جاءت إلى سيدنا موسى -عليه السلام- وقد وصف مشيتها بأنها كانت تمشي على استحياء، يقول -تعالى-: (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ)، جاءته تمشي مِشية العفيفة الطاهرة الفاضلة في غير تبذُّل، ولا تبرُّج، ولا إغواء، جاءته لتبلِّغ إليه دعوة أبيها باختصار.
ومن جمال المرأة كذلك عدم إيذاء الخلق؛ فقد قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا رَسولَ اللهِ! إنَّ فلانةَ تقومُ اللَّيلَ وتَصومُ النَّهارَ وتفعلُ، وتصدَّقُ، وتُؤذي جيرانَها بلِسانِها؟ فقال رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليهِ وسلم- لا خَيرَ فيها، هيَ من أهلِ النَّارِ. قالوا: وفُلانةُ تصلِّي المكتوبةَ، وتصدَّقُ بأثوارٍ، ولا تُؤذي أحدًا؟ فقال رسولُ اللهِ: هيَ من أهلِ الجنَّةِ).
والمرأة المسلمة التي تخلَّقت بأخلاق الإسلام وانتفعت بصلاتها، لا تؤذي أحدًا فهي تعلم أن من تقف بين يديه في الصلاة ستعرض كلُّ أعمالها عليه، فتتزيَّن بجمال الأخلاق العالية، وتحبِّب الناس بدينها؛ لأنَّها قد فهمت حقيقة دينها، وانتفعت بأعمال البرِّ التي تؤدِّيها، وتبتغي بها وجه الله -تعالى- ورضوانه.
جمال المرأة المسلمة في طاعة ربها
قال الله -تعالى-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)، فالمرأة المؤمنة ترضى بقضاء الله، ولا ترغب عن أوامره ولا ترتكب نواهيه، لأنَّ همَّها رضا الله -تعالى-؛ فتلتزم بما أمر الله به، وتنتهي عما نهاها عنه، فهذا هو الجمال الحقيقي في هذه الحياة القصيرة، وهذا هو النور التام الذي سيسعى بين يديها يوم القيامة فيُجمِّلها ويجعلها أجمل المخلوقات في الجنة.
يوم القيامة حين تقترب الجنة من المتقين لن ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيرًا، يقول الله -تعالى-: (يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)، فقد كرَّم الإسلام المرأة، ولن ينفعها سوى سلامة القلب من الشكِّ والشرك، وأمَّا القلب السليم فهو القلب السليم من الأمراض.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إلى صُوَرِكُمْ وأَمْوالِكُمْ، ولَكِنْ يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ وأَعْمالِكُمْ)، الجمال الحقيقي هو في القلب، بأن لا يكون مريضاً بكل الأمراض، من شكوكٍ وأخلاقٍ ذميمة، وأن يقوم المؤمن بالأعمال الصحيحة التي ترضي الله -تعالى-.
وجمال المرأة الحقيقي في أن يكون قلبها صحيحًا معافىً من كل الأمراض، وهو محطُّ نظر الله -تعالى-، مالك الدنيا والآخرة، والمتصرِّف في كلِّ شيء من قلوبٍ ومالٍ ورزقٍ، ولن ينظر الله إلى الصور والأشكال، بل إلى القلوب والأعمال، ومن أحبَّها الله ورضي عنها، حبَّب إليها الخلق، ووضع لها القبول في الأرض.