جزيرة الأرانب في لبنان
جزر الساحل اللبناني
لا شكّ أنّ السّاحل اللبناني يَزخر بالجُزر الكثيرة المتفاوتة بالحجم والجمال، خصوصاً تلك المنتشرة قبالة سواحل طرابلس؛ ففي مقابل شاطئ شبه جزيرة الميناء الطرابلسي يَجِد الطرابلسيون مُتنفسهُم الطبيعي في الجزر الرّملية التي تُحيط بشواطئهم، ومن بين هذه الجُزر الصغيرة الجزر الرملية، والبيئة (البقر)، والبلان التي تمتاز بحوضٍ مائيٍ يشبه حوضَ السباحة والتي تشتهر بنباتِ البلان، وكذلك جزيرة المقطوعة (الثالثة)، والفنار، والسنني، والنخل، والأرانب، والعشاق، وطورس.
من بين هذه الجزر توجد جُزرُ محمية النّخيل (النخل)، والتي تَضم ثلاثَ جزرٍ رئيسيةٍ وهي: جزيرة الفنار، والسنني، والأرانب، وتُعتبر هذه المحمية هي محمية جزيرة الأرانب كما كانت تُسمى سابقاً والتي تعدّ أكبر الجزر مساحةً، وتبلغ مساحتها عشرين هكتاراً، وأما جزيرة السنني فتبلغ مساحتها أربعة هكتارات، وجزيرة الفنار أو الرامكين فمساحتها واحد هكتار.
جزيرة الأرانب (جزيرة النخل)
هي جزيرةٌ كبيرةٌ ومسطحةٌ وخاليةٌ من التّضاريس البارزة، وتبلغ مساحتها ثمانية عشرة ألف وسبعمائةٍ وستةٍ وتسعين متراً مربعاً (18.8كيلومتر مربع)، ويبلغ ارتفاع أعلى نقطة فيها ستة أمتار ما يعادل عشرين قدماً، وتحيط بالجزيرة شواطئ صخرية تمتد من الشّمال الغربي إلى الجنوب منها، وتمتد الشواطئ الرّملية فيها من الجهة الشّمالية والشّرقية فيها.
ترجع تسمية هذه الجزيرة باسم الأرانب نتيجةَ الأعداد الكبيرة للأرانب الموجودةِ فيها، فالأرانب لم توجد صدفةً ولكن تكاثرتْ وتناسلتْ خلال مطلعِ القرن العشرين؛ عندما قام القنصل الفرنسي بإحضارها ووضعها في الجزيرة لممارسةِ هوايةِ صيد الأرانب، وعلى الرّغم من خروج الفرنسيين من الجزيرة ومن لبنان بقيت الأرانب في الجزيرة وتناسلتْ.
تاريخ جزيرة الأرانب
تدل الآثار الموجودة في هذه الجزيرة بأنّها كانت معروفةً منذ القدم؛ حيث وطئها الكثير من النّاس وخصوصاً الفنيقيين، وكذلك الحضارات التي امتدت من شاطئ قلقيليا والإسكندرون إلى شواطئ السويس، وقد ذكر العالم الجغرافي الإدريسي في كتابه بأنّه تمّ بناءُ كنيسةٍ على جزيرة النخل عندما قرّر ملك انطاكية بوهيمند تزويج ابنه من أرملةِ أمير قبرص هيوغ الزول، وجاء بناءُ الكنسية بأمرٍ من الملك كمعبدٍ للقادمين إليها، وما زالت آثار دير الرهبان باقيةً إلى الآن، والجميل في هذه الجزيرة وجودُ بئرِ ماءٍ عذبٍ شَجعَ هؤلاء الرّهبان على القدوم للكنيسة.
جزيرة الأرانب محمية طبيعية
كونها تتمتع بأهميةٍ تاريخيةٍ وعسكريةٍ فهي تتميز بأنّها محميةٌ طبيعية؛ حيث تُعتبر محطةً طبيعية للطيور المهاجرة القادمة من أوروبا خلال فصل الشتاء، وفي فصل الصيف تأتي إليها السّلاحف البحرية لتضع بيوضها بين الصّخور، وأيضاً تنفرد الجزيرة بالنّباتات الطّبيعية النّادرة ومن هذه النّباتات: حشيشة البحر، وأم الحلوب، وعصا الرّاهب، ولهذه النباتات فوائد طبية مختلفة تمّ ذكرها في الطّب الشّعبي.
نتيجةَ أراضيها الرّملية المغمورة بالمياه أصبحتْ مكاناً فريداً لتفريخِ الأسماك وتكاثر الإسفنج، وتمّت حمايتها للحفاظ عليها من التعدي على هذه الثروة الطبيعية للمحمية.