ثمرات التوكل على الله
مفهوم التوكل على الله
يُطلق التوكل في اللغة على التكفل، والاعتماد على الغير، وفي الاصطلاح الشرعي هو الأخذ بالأسباب في الظاهر والباطن، والاطمئنان إلى مسبب الأسباب، والاعتماد عليه، دون خوف أو قلق، والاستمرار في السعي لتحقيق رضاه -سبحانه وتعالى-، و الرضا بما قضاه وقدّره ، والإيمان بأنّه هو النافع والضار، قال -تعالى-:(وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا).
وقد أمر الله رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- به، فقال: (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ)، وقد كان التوكل هو الحجة التي قدّمها الأنبياء والرسل لأقوامهم في محاججتهم، فقال -تعالى-: (وَما لَنا أَلّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّـهِ وَقَد هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصبِرَنَّ عَلى ما آذَيتُمونا وَعَلَى اللَّـهِ فَليَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلونَ).
ثمرات التوكل على الله
للتوكل على الله آثار وثمرات عديدة منها ما يأتي:
النجاة من الفقر
فإنَّ التوكل على الله يُنجّي الإنسان مما يخافه من الفقر، أو ما قد يقع فيه، فقد أصاب الفقر يوماً أبا سعيدٍ الخدري، فجاء إلى رسول الله يشكو الفقر فوجد رسول الله على المنبر يخطب بالناس، ويقول: (ما يَكونُ عِندِي مِن خَيْرٍ فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، ومَن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، ومَن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ومَن يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وما أُعْطِيَ أحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ)، فإنَّ الاستغناء بالله والتوكل عليه يُغني الإنسان عن كل ما في الكون.
إعانة الإنسان على طاعة الله
فإنَّ التوكل على الله هو السبب الذي يدفع العبد إلى التزام ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه، لأن الثقة بالله تجعل العبد في امتثالٍ مطلق لأوامر الله، فالعبادة لا تقوم دون التوكل على الله.
زوال أسباب الخوف
لأنَّ العبد يعلم أنّ أمره بيد مالك الملك، ومن توكل على غير الله فقد أحاط به الخوف كما وصفه سبحانه -تعالى-: (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) .
إمداد المتوكل بالقوة
هذه القوة مستمدّة من الله -تعالى- القويّ، فيعلم أنّ الكون كله لو اجتمع لمضرّته فلن يصيبوه بشيءٍ إلّا بإرادة الله، وتنبع هذه القوة في قلب المتوكل من قوّة إيمانه، وحياته، وصبره، ومواجهته لما يصيبه من الفتن والملذات.
الرضا بقدر الله وقسمته
لأنَّه يلجأ إلى الله بالاستخارة في كلّ أمره، فيعلم أنّ ما اختاره الله له هو الخير من أمره فيرضى، ولا يصيبه الجزع والنفور مما أصابه.
العلاقة بين التوكل والأخذ بالأسباب
لا يتعارض التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب، وإنما يرتبط به ارتباطاً وثيقاً، فالمسلم يأخذ بالأسباب في كل أمره، ثم يتوكل على الله مع علمه أنَّ الله هو مسبب هذه الأسباب، وأنّه المُدبِّر والمصرّف لأحوال العباد، وأنَّ كل ما يصيب العبد إنّما هو بتقديره وإرادته وحكمته.