تكيف الكائنات الحية مع البيئة
كيف تتكيّف الكائنات الحية مع البيئة؟
تتنوع مظاهر تكيف الكائنات الحية في بيئتها، وتختلف أنواع هذه التكيفات، فقد تكون تكيفات سلوكية أو جسدية أو وظيفية، وفيما يلي أهم خصائصها:
التكيف الجسدي
(بالإنجليزية: structural adaptation)، يطلع على التكيف الجسدي أيضًا التكيف التركيبي أو الهيكلي، ويعبّر عن الخصوصيات البنيوية التي تمكن الكائنات الحية من التكيف، حيث يمكن أن تؤثر التغيرات الهيكلية التي يمر بها الكائن على الطريقة التي يتحرك أو يأكل أو يتكاثر بها، أو حتى على كيف يقوم بحماية نفسه، والتكيفات الهيكلية هي نتيجة لعملية التطور، فالمخلوقات ذات التكيفات المفيدة، مثل الأسنان الحادة للحيوانات آكلة اللحوم ، لديها القدرة على العيش لفترة أطول، وتتكاثر بنجاح بشكل أكبر، ومع الوقت، تزداد أعداد الأفراد ذات الصفات أو التكيفات الأنجح لتصبح هي السمة الغالبة على أفراد النوع الواحد.
التكيف السلوكي
(بالإنجليزية: behavioral adaptation)، التكيفات السلوكية هي تغييرات في السلوك تتبنّاها بعض الأنواع للبقاء على قيد الحياة في بيئة معيّنة، مثل تكيف بعض أنواع الطيور على الهجرة الموسمية ، كما أن غالبية التكيفات السلوكية هي ليست موروثة، وإنما يتم تعلّمها.
التكيف الوظيفي
(بالإنجليزية: Functional adaptation)، التكيف الوظيفي هو بنية أو سلوك نشأ في وقت ما في التاريخ التطوري للأنواع لمساعدتها على البقاء، وهو يشبه التكيف الهيكلي من حيث إنه ينطوي على تغيير جسدي في الكائن، ومع ذلك، قد يصاحب هذا التغيير الجسدي تغييرًا وظيفياً في الكائن، وقد يكون الدافع وراء هذا النوع من التكيف إما تغيير في البيئة أو تأثير سلوك كائن آخر، على سبيل المثال، من التكيفات الوظيفية التي نشأت بين الزواحف هي وضع بيوض ذات قشور غير منفذة للماء، وذلك بسبب وضعها في بيئات جافة، تجف فيها البيوض ذات القشور المنفذة للماء.
أمثلة على تكيّف الكائنات الحية مع البيئة
ندرج فيما يلي أمثلة على تكيف الحيوانات مع البيئة:
أمثلة على التكيّف السلوكي
يعبر التكيف السلوكي عن استجابة الكائن لمحفز بيئي، ومن الأمثلة عليه:
- يطير بعض أنواع الأوز (geese) جنوبًا في الخريف ليبقى دافئًا ويجد الطعام خلال الشتاء.
- يتحرك حيوان الكسلان (sloth) ببطء شديد عبر الأشجار مما يجعل من الصعب رؤيتها، وبذلك تحمي نفسها من الحيوانات المفترسة.
أمثلة على التكيّف الجسدي
يشمل التكيف الجسدي الصفات والتغيرات الجسدية التي من شأنها أن تحمي الكائن وتساعده على البقاء، ومنها:
المخالب الحادة
إن مخالب الحيوان مهمة لبقائه على قيد الحياة، فبعض الحيوانات، مثل الدببة ، تستخدم مخالبها لإمساك الفريسة، بينما تستخدم بعض الكائنات مخالبها للحماية، فكلاب البراري على سبيل المثال، تستخدم مخالبها لحفر الأنفاق تحت الأرض لحمايتها من المفترسات.
الأقدام الغشائية
تمتلك بعض الحيوانات ك البط أقدامًا غشائية تتيح لها المشي والسباحة في آن واحد، وتوفر أقصى مساحة سطح لزيادة الكفاءة في هذه الحركة الهيدروديناميكية.
المناقير الكبيرة والحادة
من التكيفات المهمة لدى الطيور هي المناقيرالتي تساعدهم على الأكل، وتختلف أشكال المناقير تبعا لما يأكل كل طير، فالنسور والطيور الجارحة لها مناقير حادة معقوفة لتساعدها على تمزيق لحم فريستها، أما العصافير وغيرها من الطيور التي تأكل البذور لها مناقير قصيرة مدببة لتكسير البذور.
الفراء المخطط
تتميز النمور بفرائها المخطط الذي يساعدها على الاندماج في السهول التي تعيش فيها، والذي يتيح لها القدرة على الاختباء عند اصطياد فرائسها، وتمتلك بعض الكائنات فراءً ملونًا بنفس لون البيئة التي يعيش فيها والتي تساعده على الاندماج بها، على سبيل المثال، [١] يتميز الدب القطبي بعدةّ ميزات تُساعده على التكيف في بيئته وممارسة نشاطاته المختلفة، مثل فرائه الأبيض الذي يشبه البيئة القطبية التي يعيش فيها، والذي يبقيه دافئا في هذا المناخ البارد .
الريش الملون
تمتاز ذكور الطيور بريشها الملون بألوان زاهية، وتكمن أهمية هذه الألوان الزاهية لجذب انتباه إناث الطيور للتزاوج، كما يساعد على إبقائها دافئة كما ويساعدها على الطيران.
الحراشف
توفر الحراشف حماية خارجية للأسماك من الحيوانات البحرية المفترسة، وكذلك تحميها من الطفيليات والإصابات الأخرى، كما ويحدد حجم الحراشف ما إذا كانت السمكة سريعة السباحة أم لا، فالأسماك ذات الحراشف الدقيقة الصغيرة (مثل التونة) هي أكثر انسيابية وسرعة، وتوفر هذه التكيفات حماية لها للهروب من الأسماك المفترسة، في حين أن الأسماك ذات الحراشف الكبيرة عادة ما تكون بطيئة في السباحة.
أمثلة على التكيف الوظيفي
التكيف الوظيفي يشمل السلوكيات والوظائف التي تقوم بها من أجل البقاء، ومنها:
- أحد أنواع الثعابين المعروفة بملوك الثعابين تقوم بافتراس بعض أنواع الثعابين الأخرى كالثعابين الجرسية السامة، وتمتاز بهذه القدرة لأنها تمتلك مناعة ضد سموم الثعابين الأخرى.
- للأخطبوط القدرة على تغيير لونه للاختباء من الحيوانات المفترسة وتمويهها ( camouflaging).
- يعد تكيف الحيوانات مع البيئة الصحراوية أحد التكيفات الوظيفية ، على سبيل المثال ، يعد الجمل أكثر حيوانات الصحراء تكيفًا معها، فهو قادر على تحمّل الجوع والعطش مدّة طويلة، و تمتاز الجِمال بجفونها السميكة التي تحميها من الرمال الصحراوية، والحدبة التي تخزن فيها المواد العضوية لاستخدامها عند حاجتها للطاقة.
أمثلة على تكيّف النباتات مع البيئة
من ال أمثلة على تكيّف النباتات مع البيئة:
نباتات الغابات الاستوائية
- غالبًا ما تكون نباتات الغابات الاستوائية المطرية ذات جذور كبيرة وواسعة تنتشر على جميع جوانب الشجرة، توجد هذه الجذور عندما تكون التربة ذات المحتوى غذائياً سيئاً، وتنمو فقط لمسافات قصيرة تحت الأرض للاستفادة من المغذيات من الطبقة الرقيقة من التربة السطحية حيث تتركز معظم العناصر الغذائية.
- عادة ما تحتوي الأشجار في الغابات المطيرة على لحاء رقيق وناعم، وذلك لعدم وجود حاجة للحفاظ على الرطوبة حيث إن موطنها دائم الرطوبة، فإن هذه الأشجار ليست بحاجة لإنفاق الطاقة على تطوير لحاء كثيف.
- القليل من ضوء الشمس يخترق تحت طبقة المظلة في الغابة المطيرة بسبب النمو الكثيف للنباتات، وبالتالي، غالبًا ما يتم ترتيب أوراق النباتات التي تنمو في الغابات الاستوائية المطيرة في زوايا مختلفة بحيث تتلقى ما يكفي من ضوء الشمس لإجراء عملية التمثيل الضوئي بفعالية.
النباتات الصحراوية
- تمتلك النباتات الصحراوية جذور واسعة النطاق وسيقان قادرة على الاحتفاظ بالماء.
- بعض النباتات الصحراوية تكون موسمية، بمعنى أنها تعيش عن طريق الخمول خلال أشهر الجفاف ثم تعود إلى الحياة عندما تتوفر المياه.
- تمتاز الثغور في أوراق النباتات الصحراوية بأنها صغيرة الحجم لتقليل فقدان الماء، وهي عبارة عن مسام صغيرة في أوراق النبات وساقه للمساعدة في عملية تنظيم تبادل الغازات، وخاصة ثاني أكسيد الكربون.
العوامل المؤثرة على التكيّف مع البيئة
تتأثر قدرة الكائنات على التكيف بالعديد من العوامل، منها:
- التغييرات البيئية: تقوم التغيرات البيئية ك التغير المناخي بالتأثير على بقاء الكائنات، فاقدرها على التكيف يستطيع البقاء أما الأفراد الغير قادرة على مواكبة هذه التغيرات تبدأ أعداها بالنقصان.
- التنافسية بين الكائنات: تشمل العلاقات بين الكائنات في الوسط البيئي التنافسية، حيث يتنافس أفراد النوع الواحد على المصادر وتقوم الأفراد بتكيفات معنية تزيد من فرصها في التنافس والبقاء.
- عوامل جينية: قد يحمل بعض الأفراد الاستعداد الجيني لصفات معينة تزيد من قدرتها على التكيف.
مميزات التكيّف مع البيئة
تكمن أهمية التكيف مع البيئة بالمحافظة على النوع وديمومته، فوفقا للانتقاء الطبيعي، الأنواع الأقدر على التكيف هي الأنواع التي تستطيع التكاثر والبقاء، بينما الأنواع الغير قادرة على التكيف، لا تستطيع التكاثر والبقاء، ومع الوقت، تزداد أعداد أفراد النوع القادرة على التكيف لتصبح صفاتها هي الغالبية على المجموعة الحيوية.