تكبيرات العيد
تكبيرات العيد في الصلاة وخارجها
تكبيرات العيد خارج صلاة العيد
التكبيرا خارج صلاة العيد منها ما هو مطلق ومنها ما هو مقيد، ويختلف مفهوم التكبير المُطلَق عن مفهوم التكبير المُقيَّد، وفي ما يأتي توضيح المقصود بكلٍّ منهما:
التكبير المُطلَق
هو التكبير الذي لا يرتبط بأوقات الصلاة، وليس شرطاً أن يكون بَعدها، وهو تكبير مشروع في كلّ وقت من أوقات عيدَي الفِطْر والأضحى، ويمتدّ وقته في عيد الفِطر من غروب شمس آخر يوم من رمضان، إلى أن ينتهيَ الإمام من خُطبته في صلاة العيد ، قال -تعالى-: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
بينما يمتدّ وقت التكبير في عيد الأضحى منذ أوّل يوم من الأيّام العَشر من ذي الحجّة إلى غروب شمس آخر يوم من أيّام التشريق ، وهو ذِكر مشروع في كلّ مكان؛ كالسوق، والمسجد، والمنزل، وفي كلّ زمان؛ فقد قال -تعالى-: (لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ).
وقد قال ابن عبّاس -رضي الله عنهما- إنّ الأيّام المعلومات هي أيّام العَشر من ذي الحجّة؛ لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَمَلِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ)، وقد بيَّنَ ابن عباس أنّ الأيّام المعدودات في قوله -تعالى-: (وَاذْكُرُوا اللَّـهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ)، هي أيّام التشريق الثلاثة التي تلي اليوم الأوّل من أيّام عيد الأضحى.
التكبير المُقيَّد
هو التكبير الذي يكون بعد أداء الصلوات الخَمس المفروضة، وقد سُمِّيت هذه التكبيرات بتكبيرات التشريق؛ لأنّها تُقال في أيّام الحجّ في عيد الأضحى ، وقد تعددت آراء الفقهاء في حُكمها، وبيان ذلك فيما يأتي:
- الحنفية
ذهب الحنفيّة إلى أنّ التكبيرات المُقيَّدة واجبة على المسلم ولو مرّة واحدة، وإن زاد عليها فلا بأس، وتكون بعد الصلاة المفروضة؛ سواء تمّت صلاتها بشكل فرديّ أو جماعيّ، ويجهر بها الرجال، وتُخفّف النساء صوتها في التكبير.
وتعددت آراء كل من أبي حنيفة وصاحبيه في وقتها؛ فذهب أبو حنيفة إلى أنّها تكون في ثمان صلوات فقط، بحيث تمتدّ منذ فجر يوم عرفة إلى عصر اليوم الأوّل من أيّام العيد، وذهب صاحباه إلى أنّها تكون في ثلاث وعشرين صلاة، بحيث تمتدّ منذ فجر يوم عرفة إلى عصر اليوم الرابع من أيّام العيد.
- المالكيّة
ذهب المالكية إلى أنّ التكبيرات المُقيَّدة مندوبة للمسلم بعد الصلوات المكتوبة، ويمتدّ وقتها منذ ظهر يوم النَّحر إلى صباح اليوم الرابع من أيّام العيد.
- الشافعيّة
ذهب الشافعيّة إلى ما ذهب إليه المالكيّة في أحد الأقوال، وعندهم قولٌ آخر كقول الصاحبَين، والأظهر عندهم أن يُكبّر المُصلّي بعد الصلوات المكتوبة وغير المكتوبة، واستحبّوا للحاجّ أن ينشغل بالتلبية وليس بالتكبير، خاصّة في ليلة اليوم الأوّل من أيّام عيد الأضحى.
- الحنابلة
ذهب الحنابلة إلى أنّ التكبير المشروع هو التكبير في جماعة فقط؛ بحيث يُكبّر الإمام وهو مُستقبِل للناس، ويُكبّر الناس وهم مُستقبِلون للقِبلة ، ويُجزئ لو كبَّر المسلم مرّة واحدة، ولا بأس بالزيادة، ولا يُكبِّر من صلّى وحده، ويُكبَّرُ عندهم بعد صلاة العيد.
صيغة تكبيرات العيد خارج الصلاة
ذكر الفقهاء عدداً من صِيَغ التكبير في العيد، ومنها ما يأتي:
- الحنفية
ذهب الحنفيّة إلى أنّ صيغة التكبير في العيد هو قول: "الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد"، على أن يقولها المُكبِّر مرّة واحدة، وهو قول عمر بن الخطاب، وابن مسعود -رضي الله عنهما-، وقول الثوريّ، وإسحاق.
- المالكية
رأى المالكيّة أنّ للتكبير صيغتين مأمورٌ بهما شَرعاً؛ فإمّا أن يقول المُكبِّر: "الله أكبر، الله أكبر"، وإمّا أن يقول المُكبِّر: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"، وقالوا يُكرّر التكبير ثلاث مرّات.
- الشافعية
ذهب الشافعيّة إلى أنّ صيغة التكبير هو قول: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جُنده، وهزم الأحزاب وحده".
- الحنابلة
ذهب الحنابلة إلى أنّ المُكبِّر يُكبّر مرّتَين، ويقول: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".
تكبيرات العيد في صلاة العيد
ذكرَ العينيّ تسعة عشر قولاً في عدد التكبيرات الزوائد، وقال إنّ تعدد آراء الفقهاء محمول على اختلاف فِعل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الظروف المُتعدِّدة، وبيان أقوال الفقهاء الأربعة في عدد التكبيرات الزوائد في صلاة العيدَين فيما يأتي:
- المالكية والحنابلة
ذهب المالكية والحنابلة إلى أنّ صلاة العيدَين فيها ستّ تكبيرات في الركعة الأولى غير تكبيرة الإحرام، وأربع تكبيرات في الركعة الثانية بدون تكبيرة النهوض؛ واستدلّوا بقول ابن عمر -رضي الله عنهما-: (شَهِدتُ الأضحى والفِطْرَ مع أبي هُرَيرةَ، فكبَّرَ في الركعةِ الأولى سَبعَ تكبيراتٍ قبلَ القراءةِ، وفي الآخِرةِ خمسَ تكبيراتٍ قبلَ القراءةِ)، ولأنّ هذا ما كان عليه عمل أهل المدينة.
- الحنفية وأحمد في رواية
ذهب الحنفيّة وفي رواية عن أحمد إلى أنّ تكبيرات صلاة العيد الزوائد هي ستّ تكبيرات في الركعتَين؛ ثلاث تكبيرات في الركعة الأولى، وثلاث تكبيرات في الركعة الثانية.
واستدلّوا بما ورد عن مسروق عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنّه: (كان يعلِّمهُم التَّكبيرَ في العيدَينِ تِسعَ تكبيراتٍ: خمسٌ في الأولَى، وأربعٌ في الثَّانية، ويُوالي بين القراءتَينِ)؛ أي أنه يُكبِّر في الركعة الأولى تكبيرة الإحرام، وتكبيرات العيد الثلاث، وتكبيرة الركوع، وفي الركعة الثانية يُكبِّر تكبيرات العيد الثلاثة، وتكبيرة الركوع.
- الشافعية
ذهب الشافعيّة إلى أنّ عدد التكبيرات الزوائد يبلغ اثنتَي عشرة تكبيرة؛ سبع تكبيرات في الركعة الأولى دون تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع، وخمس تكبيرات في الركعة الثانية دون تكبيرة الركوع.
واستدلّوا بما ورد عن جدّ عمرو بن شعيب عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، قال: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كبَّر في عِيدٍ اثنَتَي عشْرَةَ تكبيرةً سبعًا في الأُولى وخمسًا في الآخِرَةِ ولَم يُصَلِّ قَبلَها ولا بَعدَها).
ويُشرَع للخطيب أن يبدأ خُطبة صلاة العيد بالتكبير أيضاً، وأن يُكبّر أثناء إلقاء الخُطبة، ولم يُحدِّد المالكيّة عدداً مُعيَّناً للتكبير أثناء الخُطبة، بينما حدَّد جمهور الفقهاء من الشافعية، والحنفية، والحنابلة التكبيرَ بتسع تكبيرات مُتوالية في الركعة الأولى، وسبع تكبيرات مُتوالية في الركعة الثانية، كما استحبَّ الحنفيّة أن يُكبِّر الإمام قبل نزوله عن المِنبَر أربع عشرة تكبيرة.
معنى تكبيرات العيد
التكبير يعني: تعظيم الله -تعالى-، وتنزيهه عن أيّ نَقص، وفيه معنى الثناء على الله -تعالى- أيضاً، ويُكبّر المسلم أثناء صلاته، وفي ندائه للصلاة، وفي مَوضع الذِّكر المُطلَق الذي يقصد منه تبجيل الله -تعالى-، وتعظيمه، كما ورد في قوله -تعالى-: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ)، وقوله -تعالى-: (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ).
أمّا قول: "الله أكبر"، فهو يعني أنّ الله أعظم، والتكبيرة هي اسم مرّة من (كَبَّرَ)، وقول: "الله أكبر" يُعدّ عظيماً مُباركاً، وهو في حدّ ذاته عبادة رَّغَب الله -تعالى- فيها عباده؛ ففيها إعلان لعظمة الله -تعالى-، وإذعانٌ لكبريائه، ومعرفة العبد بأنّ ربّه كبير تجعله يُحسن الظنّ به، ويثق بأنّه قادر على إنصافه، وهذا الشعور يدفع المسلم إلى تعظيم ربّه، ومَحبّته، وطاعته، وخشيته، وذِكره، وشُكره، وحَمده.
وقد شُرِع قول: "الله أكبر" في المواقف العظيمة، وفي الجموع الكبيرة؛ كالتكبير في العيدَين، وفي صلاة العيدَين، وقد جاء عن عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه: (كبَّرَ في عيدٍ ثِنتَي عشْرةَ تكبيرةً؛ سَبعًا في الأولى، وخَمسًا في الآخِرةِ، ولم يُصلِّ قبلَها، ولا بعدَها).
فضل تكبيرات العيد
تتمثّل الحكمة من التكبير في العيدين بالمقصود من ذكر الله -سبحانه- وتكبيره، وهو إحياء عظمة الله -عزّ وجلّ- وكبريائه في القلوب، حتى تتوجّه جميعها إليه وحده -سبحانه-، وبذلك تُقبل على طاعته، وتحبّه، وتتوكّل عليه دون سواه، فهو الكبير الذي لا يوجد أكبر منه، وهو الملك الذي كل من سواه عبيدٌ له.
وإذا عرف العبد تلك المعاني، أقبل على الله عزّ وجلّ، وامتثل أوامره، واجتنب ما نهى عنه، ولهج لسانه أكثر بالحمد والذكر والتكبير، وتحرّكت جوارحه لعبادته بالتعظيم والمحبة والانكسار، ثمّ إنّ تكرار التكبير في المواطن التي شرعها الله -تعالى- فيها كالعيدين؛ له أثرٌ وفضلٌ إيمانيٌّ كبيرٌ في نفس المسلم وحياته، يُجدّد بصاحبه عهد الإيمان، ويُقوّي ميثاقه الغليظ.
كما يزيد ارتباطه بربه العليّ الكبير، وبالتكبير تطمئنّ نفس الإنسان عند اضطرابها، ويسكن قلبه عند حيرته، وتنام عينه إذا سهرت وجفاها النوم، فإذا حرص الإنسان على التكبير في الأوقات المشروع فيها؛ كان لذلك أثرٌ طيّبٌ على صلته بالله -سبحانه-، وخضوعه لعظمته وجلاله.