تقرير عن الزنا
تعريف الزنا
يُعرف الزِّنا بالألف الممدودة في معاجم اللغة العربية بأنه مصدر ثلاثي مشتق من الفعل الثلاثي زَنا، وجمعه زناة، وفاعله المذكر زانٍ وفاعله المؤنث زانية، وأمّا اصطلاحاً فيعني وطء المرأة من غير عقدٍ شرعيّ عمداً وبرضا الطرفين، علماً أنّ الوطء بالإجبار يُسمّى اغتصاباً، وهو خيانة لله، والأهل، والنفس، والزوج ولذلك فقد جاء تحريمه بنصوص صريحة في الشريعة الاسلامية، فقد قال تبارك وتعالى في كتابه العزيز: (ولا تقربوا الزّنا إنه كان فاحشة وساءَ سبيلاً) [ الإسراء: 32]، وقال تعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور:30-31]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن النظرة الفجأة: (اصرف بصرك) [رواه الألباني في صحيحه]، وقال: (لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك) [رواه أحمد في المسند].
مقدمات الزنا
يبدأ الزنا بمُقدّماتٍ عديدة تؤدّي إلى الخلوة غير الشرعيّة التي نهانا عنها النبي صلى الله عليع وسلم حيث قال: (لا يخلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا مع ذي مَحْرَمٍ) [صحيح البخاري] ، ومن مقدمات الزنا أيضاً الكلام العاطفي من غير رابط شرعي، والقبلة، واللمسة، والنظرة، ويجب الحذر كلّ الحذر من هذه المُقدّمات وإن لم تندرج تحت مفهوم الزنا، فالاستهانة بها تُنذر بارتكاب الفاحشة، وعليه فإننا ننوّه إلى الآية التي وردت في القرآن الكريم حيث قال الله عز وجل في كتابه العزيز: (ولا تقربوا الزنا) [الإسراء:22] ولم يقل: "ولا تزنوا".
حد الزنا
وردت في القرآن الكريم آيات عديدة حول الحدّ الذي فرضه الله سبحانه وتعالى؛ فالحد على الزاني المحصن أي المتزوج أو الزانية المحصنة أي المتزوجة هو الرّجم بالحجارة حد الموت، ويشترط في الإحصان الموجب للحد خمسة شروط هي: البلوغ الجسدي، وتمام العقل والإدراك، والحرية والإرادة، والوطء في الفرج، والنكاح الصحيح، وأمّا فيما يتعلّق بالحد المفروض على الزاني غير المحصن أي غير المتزوّج والزانية غير المحصنة فهو الجلد مئة جلدة، وأخيراً فيما يخصّ زنا الرقيق فحدّه الجلد خمسين مرّة امتثالاً لقوله تعالى: (فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) [النساء: 25].
الحكمة من مشروعية حد الزنا
شرع الله سبحانه وتعالى حدود الزنا عقوبةً على الفاعلين لحكمةٍ ربانيّةٍ تتجلّى في زجر النفس البشرية وردعها للابتعاد عمّا حرم الله تعالى، وتطهيراً للعبد؛ فإقامة الحدّ على العاصي هو كفارة على فعلته، وتحرم الشفاعة في حدود الله تعالى لإسقاطها، أمّا العفو والتستّر عن الذنب قبل بلوغ الأمر إلى الحاكم فإنّه لا يلزم إقامة الحد، ويكفي المُسلم في هذه الحالة أن يتطهّر من ذنبه ويتوب إلى الله سبحانه وتعالى توبةً نصوحاً؛ فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له. قال تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا*يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا* إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الفرقان: 68-70].