تفعيلات البحر المديد
ما هي تفعيلات البحر المديد؟
يعيد الخليل بن أحمد الفراهيدي تسمية البحر المديد بهذا الاسم إلى تمدّد سباعييه حول خماسييه، وقيل أيضًا: سُمّي بذلك لأنّ الأسباب قد امتدّت في أجزائه السّباعيّة، فصار أحدهما في أوّل جزء، والآخر في آخره، وللبحر المديد تفعيلتان، وهما: "فاعلاتن، وفاعلن".
مفتاح البحر المديد ورد في قول الخليل الفراهيدي:
لِمَديد الشّعر عندي صفات
:::فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلَاتُنْ
وعليه تكون تفعيلات البحر المديد:
فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلَاتُنْ
:::فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلَاتُنْ
فهذه السابقة ستة أجزاء، والبحر في أصله يتألّف من ثمانية أجزاء، لكنّه لا يأتي إلّا مجزوءًا.
أعاريض البحر المديد
للبحر المديد ثلاثة أعاريض وستة أضرب، وهي كالتالي:
- العروض الأولى
مجزوءة ولها ضربٌ واحدٌ مثلها، وهو "فاعلاتن"، مثال:
يا لبكرٍ أنْشِروا لي كُليبًا
:::يا لبكرٍ أينَ أينَ الفرارُ
يا لبكرن أنْشِرو لي كليبن | يا لبكرن أينَ أي نل فرارو |
فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلَاتُنْ | فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلَاتُنْ |
- العروض الثانية
محذوفة، ووزنها "فاعلن"، ولها ثلاثة أضرب:
- الضرب الأوّل: مقصور، ووزنه: "فاعلان"، مثال:
لا يغرَّنّ امرءًا عَيْشُهُ
- كُلُّ عيشٍ صائرٌ للزّوال
لا يغررن نمرءن عيشهو | كلْلُ عيشن صائرن لزْزَوال |
فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ | فاعلاتن فاعلن فَاعِلَانْ |
- الضرب الثاني: محذوف كالعروض، ووزنه "فاعلن"، مثال:
اعلموا أنّي لكمْ حافظٌ
- شاهدًا ما كنتُ أو غائبا
اعْلمو أنْ ني لكم حافظن | شاهدن ما كنتُ أو غائبا |
فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ | فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ |
- الضرب الثالث: محذوف مقطوع، ووزنه "فَعْلُن"، مثال:
إنّما الذّلفاءُ ياقوتةٌ
- أُخْرجتْ من كيس دِهْقان
إنْنَمَ ذْذَل فاءَ يا قوتتن | أخرجت من كيس ده قان |
فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ فَاعِلُنْ | فَاعِلَاتُنْ فَاعِلُنْ فَعِلُن |
- العروض الثّالثة
محذوفة مخبونة، ووزنها: "فَعِلُن"، ولها ضربان:
- ضربها الأوّل: محذوف مخبون مثلها، ووزنه "فَعِلُن"، مثال:
للفتى عقلٌ يعيشُ بهِ
- حيثُ تهدي ساقُهُ قدمهُ
للفتى عقـ لُن يعيـ شُبهي | حيثُ تَهدي ساقهو قدمه |
فَاعِلاتُن فَاعِلُن فَعِلُنْ | فَاعِلاتُن فَاعِلُن فَعِلُنْ |
- ضربها الثّاني: محذوف مقطوع، ووزنه "فَعْلُن"، مثال:
ربَّ نارٍ بِتُّ أرمُقها
- تقضم الهنديَّ والغارا
ربْبَ نارن بتْتُ أر مقها | تقضمُ لهنـ ديْيُ ولـ غارا |
فَاعِلاتُن فَاعِلُن فَعِلُنْ | فَاعِلاتُن فَاعِلُن فَعْلُنْ |
زحافات البحر المديد
إنّ الزحافات هي التغييرات التي قد تصيب التّفعيلات التي يتألّف منها بيت الشّعر، وللبحر المديد ثلاث زحافات، وهي:
الخبن
يجوز في "فاعلاتن" الخبن فتصبح "فعلاتن"، ويجوز الخبن في "فاعلن" فتصبح "فعلن"، مثال:
ومتى ما يعِ منكَ كلامًا
- يتكلّم فيجبك بعقلٍ
ومتى ما يعِ من كَكَلامَن | يَتكلْلَم فيجب كَ بعقلنْ |
فَعِلاتُنْ فَعِلُنْ فَعِلاتُن | فَعِلاتُنْ فَعِلُنْ فَعِلاتُن |
الكف
يجوز في "فاعلاتن" الكف، وهو حذف النون منها، فتصبح "فاعلات"، مثال:
لن يزالُ قومنا آمنين
- مخصبين ما اتقوا واستقاموا
لن يزالُ قومنا آمنينا | مخصبين مَتْتَقو وَسْتَقامو |
فاعِلاتُ فَاعِلُن فَعِلاتن | فاعلاتن فَاعِلُن فاعِلاتُنْ |
الشكل
يجوز في "فاعلاتن" الشكل، حيث تحذف ألفها ونونها فتصبح "فعلات"، مثال:
لِمَن الدّيار غيّرهنّ
- كلُّ جَونِ المزْنِ داني الرباب
لِمَنِ دْدِ يارغيْـ ـيَرهُنَ | كُلْلُ جونِلْ مُزْن دا نِرْرَبابي |
فَعِلات فاعلن فَعِلَات | فاعلاتن فاعلن فاعلاتن |
شواهد شعرية على البحر المديد
فيما يأتي شواهد متنوعة على تفعيلات البحر المديد:
- قصيدة الشّاعر حافظ إبراهيم "ما لهذا النّجمِ في السّحر":
ما لهذا النّجمِ في السّحر
- قد سها من شدّة السَهر
خِلتُهُ يا قومُ يؤنسني
- إن جفاني مؤنسُ السحر
يا لقومي إنّي رجلٌ
- أفنتِ الأيّامُ مصطبري
- قصيدة الشّاعر أبي نواس "ما هَوًى إلّا له سببٌ":
ما هَوًى إلّا له سببٌ
- يبتدي منه وينشعب
فتنت قلبي مُحجّبةً
- وجهُها بالحُسنِ مُنتقَب
- قصيدة للشّاعر أحمد شوقي "طوّقتكَ السّحب بالمنن":
طوّقتكَ السّحب بالمنن
- ووقيتِ الضير من دمن
وجزيت الخلد عن زمن
- كان كل العهد بالزمن
منّة للدار نذكرها
- بلسان المدمع الهتن
- قصيدة الشّاعر تقي الدّين المغربي "يا مغاني اللهو والطّرب":
يا مغاني اللهو والطّرب
- بأبي أفدي ثراكِ وبي
لا تعداه الغمامُ ولا
- حاد عنه صيبُ السحبِ
حبّذا در عهدتُ بها
- كلّ معسول اللمى شنب
- قصيدة الحسين بن المنصور الحلّاج "يا بديعَ الدّلّ والغنج":
يا بديعَ الدّلّ والغنج
- لك سلطانٌ على المهجِ
إنّ بيتًا أنتَ ساكنُهُ
- غيرُ محتاجٍ إلى السرجِ
وجهك المأمول حجّتنا
- يوم يأتي الناس بالحجج
- قصيدة المأمون الخليفة العباسي "نفسٌ تدمى مسالكه":
نفسٌ تدمى مسالكه
- وحنينٌ لستُ أملكه
والذي أخفيه من سقمٍ
- فلسانُ الدّمع يهتكه
- قصيدة بهاء الدين العاملي "إنّ هذا الموت يكرهه":
إنّ هذا الموت يكرهه
- كلّ من يمشي على الغبرا
وبعين العقل لو نظروا
- لرأوه الراحة الكبرى