تفسير سورة لقمان
الحديث عن القرآن وصفات المؤمنين
بدأت سورة لقمان بالحديث عن القرآن وعن صفات المؤمنين ، وفيما يأتي تفسير هذه الآيات:
- قال -تعالى-: (الم* تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ)
- أي هذه آيات الكتاب الحكيم أُحكمت آياته بالحلال، والحرام، والأمر، والنهي.
- قال -تعالى-: (هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ)
- أي إنّ آيات القرآن الكريم فيها الهدى والرحمة للمؤمنين.
- قال -تعالى-: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ)
- الذين يؤدّون صلواتهم المفروضة ويخرجون الزكاة ويؤمنون بوجود اليوم الآخر.
- قال -تعالى-: (أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
- أي أولئك على هدى وخير، وهم المفلحون الفائزون.
عاقبة المستهزئين بالقرآن
قال -تعالى-: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ* وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).
نزلت هذه الآيات في النضر بن الحارث -وهو أحد كفّار مكة-، حيث اشترى مغنّية في بداية الدعوة الإسلامية وراح يُرسل مغنّيته لمن يريد الدخول في الإسلام ويقول لها غنّي له وأطعميه حتّى يعلم أنّ هذا الغناء خيرٌ ممّا يدعو إليه محمد.
ومعنى هذه الآيات أنّ بعض الناس يشتري لهو الحديث ؛ وهو الكلام الباطل الذي يُلهي عن الله -تعالى- كالغناء والملاهي؛ ليضلّ الآخرين عن دين الله ويجعل آيات الله مادة للسخرية والاستهزاء، فأولئك ستكون عاقبتهم السوء وسيُعذّبون عذابًا يُهينهم ويحتقرهم.
ومن صفات المقصود بهذه الآيات وأمثاله أنّه عندما يسمع كلام الله يولّي عنها، ويستكبر، ويستعلي، كأنّ في أذنيه صمم ومرض يحول بينه وبين سماعها، فهؤلاء سيكون لهم عذاب أليم يتناسب مع غرورهم واستكبارهم.
ثواب المؤمنين بالقرآن
قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ* خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَعْدَ اللهِ حَقًّا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
أمّا الذين جمعوا بين عبادة الباطن بإيمانهم وعبادة الظاهر بالإسلام وبعملهم الصالح؛ فلهم جنّات النعيم جزاءً لهم، وهذا وعد الله -عزّ وجلّ- الذي لا يتبدّل ولا يتغيّر، فهو -سبحانه- كامل العزة والحكمة، ومن عزّته وحكمته أن يكتب التوفيق والخذلان بحسب علمه وحكمته.
دلائل قدرة الله في خلقه
تطرّقت سورة لقمان للحديث عن دلائل قدرة الله في خلقه، وفيما يأتي تفسير للآيات المتعلّقة بذلك:
- قال -تعالى-: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ۖ وَأَلْقَىٰ فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ)
- من عظمة الله -تعالى- أن خلق السماوات بلا أعمدة، وجعل في الأرض جبالًا لئلا تضطرب، وخلق فيها من كلّ دابة سواء علمها الإنسان أم لم يعلمها، وأنبت فيها أنواعًا من النبات الطيّب.
- قال -تعالى-: (هَٰذَا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)
- أي إنّ هذا كلّه هو خلق الله، أمّا آلهة الكافرين فماذا خلقوا؟ لا شيء طبعًا، ومن يعبد آلهة كذلك فهو في ضلال وقد ظلم نفسه بتركه عبادة من يستحق العبادة، وعبادته لمن لا يستحق.
وصية لقمان بتجنب الشرك
قال -تعالى-: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلهِ ۚ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ* وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
إنّ لقمان هو أحد أولياء الله -تعالى- الذين خلّد القرآن ذكرهم، وتقول الآية إنّ الله -عزّ وجلّ- قد أعطى لقمان الحكمة؛ وهي العلم، والفهم، وقول الصواب، وفعله والدعوة إليه، وطلب إليه شكر هذه النعم، وفي الحقيقة فإنّ من يشكر الله فإنّه يشكر لنفسه، فالله سيُجازيه على شكره خيرًا وفضلًا.
أمّا من كفر فالله -تعالى- غنيٌّ عن شكره، فالحمد المطلق له -سبحانه-. ثمّ تذكر الآيات موعظة لقمان لابنه بألا يُشرك بالله شيئًا، فالشرك ظلم عظيم، يودي بصاحبه إلى المهالك.
بر الوالدين بما يرضي الله
تحضّ بعض آيات سورة لقمان على برّ الوالدين ، وفيما يأتي تفسير هذه الآيات:
- قال -تعالى-: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)
- أي إنّ الله -تعالى- وصّى بني آدم جميعهم وأمرهم ببر الوالدين والإحسان إليهما، فالأم تحمل جنينها ويلحقها في ذلك مشقة وتعب، وترضعه سنتين بعد الولادة، فالفصال؛ هو الفطام، وأمرهم أيضًا بشكره -سبحانه- وشكر الوالدين، وبيّن أنّ مصير الجميع إلى الله -تعالى-.
- قال -تعالى-: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ۖ وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
- أي وإن بذل الوالدين ما بوسعهما كي يشرك ابنهما بالله -تعالى- فلا ينبغي له طاعتهما في هذه الحالة، بل ينبغي مصاحبتهما بالمعروف وطاعتهما في الخير، واتباع سبيل أهل الصلاح، فالمرجع والمآب لله -تعالى- وهو الذي سيجزي عباده عن أعمالهم.
سعة علم الله
قال -تعالى-: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ ۚ إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ).
أي إنّ الله -تعالى- يعلم جميع ما يفعله عباده من حسنات وسيئات، وإن كانت تلك الأفعال بحجم حبة خردل وموجودة في صخرة أو في أي مكان آخر، فالله هو اللطيف الخبير العليم بكل شيء والذي لا تخفى عليه خافية.
التخلق بمكارم الأخلاق
إنّ التزام الأوامر الإلهية والتحلّي بمكارم الأخلاق ممّا يُميّز أهل الإيمان من غيرهم، وقد تعرّضت سورة لقمان لهذه المعاني، وفيما يأتي تفسير الآيات المتعلّقة بذلك:
- قال -تعالى-: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)
- يوصي لقمان ابنه بإقامة الصلاة، ويعني الاستمرار على أدائها والمحافظة عليها في أوقاتها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يشمل ذلك من فعل للصالحات، واجتناب للسيّئات، والصبر على المُصاب وهو تحمّل المكروه والألم، فذلك من الأمور التي أعزمها الله -تعالى- وأوجبها.
- قال -تعالى-: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)
- ينهى لقمان ابنه عن احتقار الناس والمشي بتعالٍ، ويُذكّره بأنّ الله -تعالى- لا يرضى المتكبّر شديد التفاخر على الآخرين.
- قال -تعالى-: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ۚ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)
- يُرشده أيضًا إلى المشي باعتدال بدون سرعة ولا بطء، والتحدّث بصوت متوسط ليس عاليًا ومزعجًا؛ لأنّ الأصوات العالية مزعجة ولهذا وردت جملة "إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير"؛ فنهيق الحمار مستنكر ولا يُرغب بسماعه.
آيات الله حجة على الكافرين
تُبيّن سورة لقمان أنّ آيات الله ودلائل قدرته هي حجّة على الكافرين، وفيما يأتي تفسير للآيات المتضمّنة لهذا المعنى:
- قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ)
- أي إنّ الله -تعالى- سخّر لعباده ما في السماء من شمس وقمر وغيرهما، وما في الأرض من جبال وأشجار وأنهار، وأحاطهم بالنعم في الباطن والظاهر، ومع هذه الآيات الباهرة فإنّ البعض يترك عبادة الله ويعبد الأوثان، بلا دليل أو كتاب بيِّن يأمره بهذا.
- قال -تعالى-: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ)
- وإذا قيل لهؤلاء المعاندين اتبعوا الحق الذي أنزله الله؛ يقولون بل نتّبع ما كان عليه آباءنا من عبادة الأوثان، فالشيطان يدعوهم بفعلهم هذا إلى أن يكون جزاؤهم في الآخرة هو عذاب السعير.
- قال -تعالى-: (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)
- أي إنّ من يعبد الله وحده ويُحسن في تلك العبادة، فقد استمسك بالعروة الوثقى؛ وهي "لا إله إلّا الله"، وإلى الله مصير الأمور في الآخرة.
- قال -تعالى-: (وَمَن كَفَرَ فَلَا يَحْزُنكَ كُفْرُهُ ۚ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا ۚ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)
- يُخاطب الله -تعالى- نبيّه الكريم بألّا يحزن بسبب استمرار البعض على الكفر مع دعوته إيّاهم، فالجميع سيكون مرجعهم إلى الله وسوف ينبّئهم بما عملوه، فهو العليم بالبواطن وخفايا الأمور.
- قال -تعالى-: (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَىٰ عَذَابٍ غَلِيظٍ)
- أي نمتّع هؤلاء بالدنيا إلى أن يموتوا، ثمّ يكون جزاؤهم العذاب.
- قال -تعالى-: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)
- أي وإذا سألت المشركين مَن خلق السماوات والأرض وما فيهما من أجرام وكواكب؟ فسيقولون أنّه الله؛ لأنّ هذا أمر غاية في الوضوح، ومع اعترافهم هذا فهم مستمرين على الكفر، ولهذا فالمسلم يقول الحمد لله على ما هداه الله -تعالى- من الحق، ولكنّ هؤلاء المشركين لا يعلمون من هو المستحق للحمد فيلجأون إلى الشرك والعياذ بالله.
- قال -تعالى-: (لِلهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)
- أي إنّ جميع ما في السماوات والأرض هي لله وحده يتصرّف بها كيف يشاء، وهو الغنّي عن عباده غير محتاج لأحد منهم وكلّهم محتاجون إليه، وهو المحمود في ذاته وصفاته.
آيات الله في الكون
فيما يأتي تفسير للآيات التي تحدّثت قدرة الله وحكمته -سبحانه- في سورة لقمان:
- قال -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللهِ ۗ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
- أي لو أنّ جميع الشجر الموجود في الأرض يصبح أقلامًا ويصبح البحر ومن بعده سبعة أبحر مدادًا لكتابة كلمات الله، لنفد المداد والأقلام ولم تنتهِ تلك الكلمات، فهي غير متناهية، وهو الذي لا يعجزه شيء ولا يخرج شيء عن علمه وحكمته.
- قال -تعالى-: (مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ۗ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)
- أي إنّ خلق جميع العباد هو كخلق نفس واحدة بالنسبة لله -تعالى-، فقدرته مطلقة، وكذلك الحال فيما يخصّ بعثهم، فكل شيء هيّن عليه -سبحانه- يقول له "كن" فيكون، وهو الذي يسمع كل مسموع ويبصر كل شيء في وقت واحد، لا يشغله شيء عن شيء.
- قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
- أي إنّ الله -تعالى- يُدخل الليل بالنهار فيزيد أحدهما بما ينقص الآخر، والشمس والقمر يجريان في فلكهما المحدّد إلى قيام الساعة.
- قال -تعالى-: (ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ)
- فالله -تعالى- هو الحق الثابت، وما يعبد الكفّار هو زائل وباطل، وإنّ الله هو العلي الذي قهر جميع مخلوقاته، وهو الكبير العظيم.
- قال -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)
- في هذه الآية دعوة للتفكّر في جريان السفن بالبحر وأنّ هذا من نعم الله، ومن يعتبر بهذا ويشكر الله على النعم هو كل صبّار عن المعاصي شكور للنعم.
- قال -تعالى-: (وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ۚ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ)
- أي وإذا علا هؤلاء الكفّار موجٌ عظيمٌ كالجبال التي تظلّ من تحتها وصار الهلاك وشيكًا، فإنّهم سيلجأون إلى الله ويُخلصون بدعائه أن يُنجّيهم، فإذا حصلت لهم النجاة فمنهم مقتصد وهو بين الإيمان والكفر، ومنهم من هو باقٍ على كفره، وما يجحد بآيات الله ونعمه وينكرها ومنها النجاة إلّا من هو غدّار وكفور لنعم الله.
دعوة ربانية للتمسك بالإيمان
يدعو الله -تعالى- عباده في آخر سورة لقمان بالتمسّك بالإيمان، وفيما يأتي تفسير هذه الآيات:
- قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ۚ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ۖ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ)
- دعوة لجميع المكلّفين وفي أصله نداء لأهل مكة بأن يتقوا الله ويخشون اليوم الذي لا يستطيع أحدٌ فيه الدفاع عن أحد، فهذا وعد الله الحق، ويدعوهم بألّا تغرّهم الدنيا وزخارفها عن الآخرة، وألا ينخدعوا بسعة عفو الله وكرمه فيظنّون أنّه سيُغفر لهم مهما فعلوا.
- قال -تعالى-: (إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
- يُذكّر الله -تعالى- بمجموعة من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلّا هو، وهي قيام الساعة ومتى ينزل المطر، وجنس الجنين، وماذا يفعل العبد وما سيكون قدره، وبأي أرض سيكون أجله، فجميع هذا لا يعلمه إلّا الله فهو العليم الخبير.