تفسير سورة عبس للأطفال
تفسير سورة عبس للأطفال
إنّ تفسير سُوَر القرآن الكريم للأطفال بشكلٍ يُراعي أفهامهم ويحبّبهم بكلام الله له أبلغ الأثر في نفوسهم، ولصاحبه عظيم الأجر والثواب من الله -سبحانه-، وفيما يأتي في هذا المقال تفسير سورة عبس بشكلٍ سهلٍ ومبسّط يُمكن الاستعانة به في شرح السورة للأطفال:
معاني مفردات السورة
يجدر بداية ذِكر معاني ألفاظ السورة الكريمة حتى يسهل شرح السورة للأطفال:
- (عَبَسَ): قطّب وجهه.
- (وَتَوَلَّى): أعرض عنه.
- (الْأَعْمَى): الصحابي عبد الله بن أم مكتوم.
- (يَزَّكَّى): يتطهر بما سيتعلم.
- (تَصَدَّى): تتعرض له.
- (تَلَهَّى): تتشاغل.
- (سَفَرَةٍ): رُسل من الملائكة.
- (بَرَرَةٍ): مُطيعين لله، صادقين.
- (قُتِلَ الْإِنسَانُ): لُعن الكافر.
- (نُّطْفَةٍ): ماء قليل، وهو أول مراحل بِدء خلق الإنسان في رحم أمه.
- (فَقَدَّرَهُ): خلقه وهيأه.
- (السَّبِيلَ يَسَّرَهُ): سهل له طريقي الخير والشر، وقيل: سهل له خروجه من رحم أمه.
- (فَأَقْبَرَهُ): أمر بدفنه تكريماً له.
- (أَنشَرَهُ): أحياه.
- (لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ): لم يلتزم بأوامر الله، بل قصّر فيها.
- (وَقَضْبًا): علفاً للدواب.
- (غُلْبًا): عظيمة متكاثقة الأشجار.
- (وَأَبًّا): كلأ وعشب للبهائم.
- (الصَّاخَّةُ): صيحة يوم القيامة .
- (يُغْنِيهِ): يُشغله.
- (مُسْفِرَةٌ): وجوه المؤمنين مستنيرة مضيئة.
- (مُّسْتَبْشِرَةٌ): فرحة.
- (غَبَرَةٌ): وجوه الكافرين مُغبرة مظلمة.
- (تَرْهَقُهَا): تُغطّيها.
- (قَتَرَةٌ): ظُلمة وسواد.
- (الْكَفَرَةُ): الجاحدون.
- (الْفَجَرَةُ): العُصاة.
طريقة فهم وتبسيط سورة عبس للأطفال
يمكن تقسيم السورة إلى عدة محاور رئيسية لتسهيل فهمها وتفسيرها وثم حفظها:
- مطلع السورة
بدأت السورة بعتابٍ لطيفٍ من الله -تعالى- لرسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- بشأن عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه، والآيات هي: (عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى* وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى* أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى* أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى* فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى* وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى* وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى* وَهُوَ يَخْشَى* فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى).
- الفكرة التمهيدية
التذكرة لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- في اتباع نهج القرآن، والآيات: (كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ* فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ* فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ* مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ* بِأَيْدِي سَفَرَةٍ* كِرَامٍ بَرَرَةٍ).
- صلب السورة:
- أولاً: جحود الإنسان وكفره بربه مع كثرة نِعمِ الله عليه، والآيات: (قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ* مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ* مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ* ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ* ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ* ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ* كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ).
- ثانياً: دلائل قدرة الله -عز وجل- لِما يسّره للإنسان من أسباب العيش والحياة، والآيات: (فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ* أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا* ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا* فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا* وَعِنَبًا وَقَضْبًا* وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا* وَحَدَائِقَ غُلْبًا* وَفَاكِهَةً وَأَبًّا* مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ).
- الخاتمة
مشاهد من يوم البعث ، والآيات: (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ* يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ* لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ* وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ* ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ* وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ* تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ* أُولَـئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ).
أفكار تربوية مستوحاة من سورة عبس
لتحقيق الفائدة المرجوة من فهمنا للآيات الكريمة لا بدّ أن يكون الفهم تدبراً وعملاً، وعليه يمكن أن نستنبط بعض الفوائد التربوية المستوحاة من الآيات، ونتعلمها ونُطبقها ونُعلمها لأطفالنا، ومنها:
- المحافظة على الابتسامة في وجه الوالدين والأهل والأصدقاء والمقربين، وتذكيرهم دائماً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تبسُّمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقةٌ).
- احترام ذوي الاحتياجات الخاصة ومساعدتهم وعدم الانتقاص من شأنهم، وأن لا نتعالى عليهم، ونتذكر قوله -صلى الله عليه وسلم- لسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- عندما رأى يوماً أن له فضلاً على من دونه، فقال صلى الله عليه وسلم: (هلْ تُنْصَرُونَ وتُرْزَقُونَ إلَّا بضُعَفَائِكُمْ).
- احترام وتوقير القرآن الكريم، ووضعه في مكانٍ مرتفعٍ، والحرص على الطهارة عند لمس القرآن وتلاوته.
- التفكر والتأمل في عظيم خلق الله عز وجل، ابتداءً من خلق الإنسان، ونزول الأمطار، وإنبات الزروع والثمار.
- استحضار نِعم الله -تعالى- علينا، و شكر الله -تعالى- وحمده على هذه النعم والأرزاق.
- مراقبة أفعالنا وأعمالنا وأقوالنا والإكثار من الأعمال الصالحة التي تجعلنا من أصحاب الوجوه المُسفرة المستنيرة.
في ظلال سورة عبس
سورة عبس من السور المكية التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بدايات الدعوة، وعدد آياتها 42 آية، ومما ورد في توضيح سبب نزولها ما ذكرته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (أُنزِلتْ {عَبَسَ وَتَوَلَّى} في ابنِ أمِّ مكتومٍ الأعمى قالت: أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجعَل يقولُ: يا نبيَّ اللهِ أرشِدْني قالت: وعندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رجُلٌ مِن عُظماءِ المشركينَ فجعَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعرِضُ عنه ويُقبِلُ على الآخَرِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا فلانُ أترى بما أقولُ بأسًا فيقولُ: لا، فنزَلت: {عَبَسَ وَتَوَلَّى}).
ومما ورد في التفاسير: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مشغولاً مع أحد كبار قريش يدعوه إلى الإسلام، وجاءه الصحابي الأعمى عبد الله بن أم مكتوم -رضي الله عنه- يريد أن يسأل ويتعلم عن الإسلام، فعبس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقطّب حاجبيه، وتولى عنه، ولم يُصغِ لطلبه وسؤاله، وأكمل كلامه ودعوته لصناديد قريش .
وقد كان -صلى الله عليه وسلم- حريصاً على دعوة كبار الكفار؛ لأنها فرصة لا تعوّض لإقناعهم بالإسلام، ثمّ يُجيب ابن أم مكتوم في وقت لاحق، لكن أنزل الله -تعالى- هذه الآيات يُعاتب فيها نبيه -صلى الله عليه وسلم- عتاباً لطيفاً لأنه عبس بوجهه وتوّلى عن الصحابي ابن أم مكتوم -رضي الله عنه وأرضاه-.
قَالَ سفيان الثَّوْرِيُّ: "فَكَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا رَأَى ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ يبسط له رداءه وبقول: [مَرْحَبًا بِمَنْ عَاتَبَنِي فِيهِ رَبِّي]. وَيَقُولُ: [هَلْ مِنْ حَاجَةٍ]؟ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ فِي غَزْوَتَيْنِ غَزَاهُمَا. قَالَ أَنَسٌ: فَرَأَيْتُهُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ رَاكِبًا وَعَلَيْهِ دِرْعٌ وَمَعَهُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ".