تفسير سورة العلق
تفسير سورة العلق
تسمّى هذه السورة الكريمة بسورة العلق، وتسمّى كذلك بسورة اقرأ، وعدد آياتها تسع عشرة آية، وأول خمس آيات منها أول ما نزل من القرآن على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وسيتناول المقال تفسير آياتها بحسب المواضيع التي وردت فيها:
نزول الوحي على النبي
قال -تعالى-: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ).
هذه أول كلمات الله -سبحانه وتعالى- نزولاً على النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- وفيها دعوةٌ إِلى القراءة والكتابة والعلم، وهي تدعوه أن يقرأ مستعيناً باسم ربه الذي خلق كل شيء.
ثم خصّ خلق الإِنسان وأشار إلى خلقه من العلقة ، وتدعوه أن يقرأ وهو يتأمل كرم ربه -سبحانه وتعالى- الذي لا يساويه كرم، ومن كرمه أنّه علَّم العباد ما لم يعلموا بالقلم، وفي ذلك إشارة لأهميّة الكتابة في العلم.
طغيان الإنسان
قال -تعالى-: (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى* أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى* إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى).
تبيّن الآيات طبيعة للإنسان، وهي أنّه إن أحسّ بنفسه القدرة والثروة فإنّه يطغى ويتجاوز الحدّ في المعاصي ويتكبّر ويتمرد، وأول من انطبقت عليه الآيات هو أبو جهل .
وقيل إنّ هذه الآيات نزلت في أبي جهل، كما تنطبق على أمثاله، ثم تهدّد الآيات الإنسان المتكبر بأنّ الرجوع والمصير إلى اللَّه -عز وجل-، وسيحاسبه على ماله الذي تكبر به من أين جمعه، وأين أنفقه.
حال بعض كفار قريش وعاقبتهم
قال -تعالى-: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى* عَبْدًا إِذَا صَلَّى* أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى* أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى* أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى* أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَى* كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ* نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ* فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ* سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ* كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب).
في هذا المقطع تعجّب من حال ذلك المجرم الذي ينهى عبداً من عباد الله أن يصلّي، والعبد المصلّي هو محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-، وأنّ الذي ينهاه هو أبو جهل.
وذلك حين قال أبو جهل: "لئن رأيتُ محمداً يصلي لأطأن على عنقه"، مع أنّ هذا العبد المصلي يأمر بالإِخلاص والهدى، والذي ينهاه عن الصلاة يكذّب بالقرآن، وقد أعرض عن الإِيمان.
وغفل أنّ الله -سبحانه وتعالى- مطَّلع على كل أحواله وسيجازيه عليها، ثم يأتي التهديد الشديد لهذا الضال بالأخذ المخيف والإلقاء في النار، فستعذّبه الزبانية ولن ينصره عندها جميع فريقه الضال.
وتنتهي السورة بدعوة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لتركه لمصيره، والاستمرار في الصلاة والسجود لله -سبحانه وتعالى- والاقتراب أكثر.
مقاصد السورة الكريمة
من مقاصد السورة الكريمة ما يأتي:
- التنبيه على أهميّة القراءة والكتابة، والعلم والتعلم.
- تهديد لمن يقف في وجه الدعوة.
- تبيّن للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الله -سبحانه وتعالى- عالم بما يحيكه الأعداء من مكر وصد عن الهدى، وأنّه- سبحانه وتعالى- يدافع عنه وسينصره وسيعذبهم في الآخرة، فليمضي في طريقه غير عابئ بكيدهم.