تفسير سورة الشرح
تفسير سورة الشرح
تتحدث سورة الشرح عن السبيل الذي يجب على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن يسلّكه، وهو ما يُعينه على شرح صدره بالحكمة والإيمان، وليكون بذلك قدوةً للمسلمين جميعهم، وتفسير سورة الشرح بحسب كل آية كما يأتي:
تفسير الآية الأولى
قال -تعالى-: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ)، يخاطب الله -تعالى- رسوله الكريم ويذكره بأنّه شرح صدره ونوره وجعله ذو صدر رحبٍ فسيح، فالله -تعالى- أزال عنه الحرج والضنك الذي يرافق الجهل، وقيل إنّ الله -تعالى- شرحه بالعلم والحكمة التي آتاه إياها، وهي أولى النعم التي أنعمها الله -تعالى- على نبيه الكريم؛ أنّه شرح صدره ليكون نبيًا وهيئهُ لذلك، وقيل إنّ هذه الآية تُشير إلى حادثة شق الصدر التي حصلت لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في صِغره.
تفسير الآية الثانية
قال -تعالى-: (وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ)، أي أنّ الله -تعالى- أزاح عن نفس رسول الله كل ما يهمّه ويؤذي نفسه، وحط عنه الحمل الثقيل الذي يشغله وأبعد عنه جميع المعاصي والذنوب منذ خلقه.
تفسير الآية الثالثة
قال -تعالى-: (الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ)، أي الحمل الذي أثقل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فمن شدة تألمه ولهفته على وصول الدعوة لقومه وإسلامهم كان ذلك كالحمل الثقيل على ظهره.
تفسيرالآية الرابعة
قال -تعالى-: (وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)، أي أنّ الله -تعالى- رفع مقام رسول الله -صلّى الله عيله وسلّم- بالنبوة، وبذكر اسمه في التشهد عند الصلاة، وكذلك ذكره في الأذان والإقامة.
تفسير الآية الخامسة والآية السادسة
قال -تعالى-: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)، وهذه خاصية لرسالة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- دون غيره، وهي أنّ الله -تعالى- جعل له مع وجود كل عسرٍ يسرين؛ وهذا لنصرته وإعانته على الوقوف في وجه المشركين الذين عابوا به فقره، فهذه الآية بشرى من الله -تعالى- لنبيه بأنّه سيغير حاله من الضعف إلى العزة والقوة، ومن الفقر إلى الغنى، ومن التعب في تبيلغ الرسالة ومجاهدة قومه إلى محبتهم وإسلامهم.
تفسير الآية السابعة
قال -تعالى-: (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ)، تستمر الآيات في مخاطبة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ويأمر الله نبيه بأنّه إذا انتهيت من دعوة الناس إلى عبادة خالقهم، فعليك بالاجتهاد والتعب في العبادة.
تفسير الآية الثامنة
قال -تعالى-: (وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب)، أي تقرب إلى الله -تعالى-، ولا تسأل غيره، وقيل أي؛ ارغب ورَّغب الناس فيما عند الله؛ لأنّه تعالى قادر على تحقيق وإجابة مطالب العباد.
التعريف بسورة الشرح
هي سورة مكيّة، يبلغ عدد آياتِها ثماني آيات، وتسمى أيضًا بسورة الانشراح؛ لأنّها بدأت بالحديث عن شرح صدر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وتنوير قلبه، والموضوع الرئيس في سورة الشرح؛ هو الحديث عن حياة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وشخصِهِ الكريم، وتذكيره بنعم الله عليه التي توجب شكر الله تعالى وحمدِه.
وأمّا مناسبتها للسورة التي سبقتها وهي سورة الضحى؛ أنّه في كلا السورتين تناسب في الموضوع والمحور الذي تدور حوله السور الكريمة؛ من حيث طمئنة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ودعوته لشكر الله -تعالى-، والاستمرار بالأعمال الصالحة.
سبب نزول سورة الشرح
إنّ مما ورد في سبب نزول سورة الشرح أنّ الكفار كانوا يعيّرون رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالفقر وقلة الحال التي كان عليها، فأنزل الله -تعالى- على نبيه قوله: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)؛ مواساةً لنبيه -صلّى الله عليه وسلّم- وطمئنةً له.
ما يستفاد من سورة الشرح
يُستفاد من سورة الشرح ما يأتي:
- أنّ الله -تعالى- هو القادر على تيسير ما يتعسر من أمور الدنيا، وبيده -تعالى- تفريج الكُرَب ورفع الشدائد، فعلى العبد أن يلجأ إلى خالقه في محنِه ويتقرب إليه بالعبادة والدعاء.
- أنّ الله -تعالى- أنعم على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالكثير من النعم، فأمره بالمواظبة على العبادة والقيام بالأعمال الصالحة؛ ليكون هذا امتنانًا منه وشكرًا لله على نعمه، وإنّ الالتزام بالعمل الصالح هو خير ما يفعله المسلم لشكر الله على نعم ه.
- أنّ الله -تعالى- أمر عباده بالتوكل عليه في أمرهم كلّه، وأن يعملوا في الدنيا رغبةً منهم فيما عند الله -تعالى-.
خلاصة المقال
سورة الشرح من السور المكيّة التي نزلت في بداية الدعوة ، فأخذت سمة السور المكيّة من حيث إنّها حملت جملةً من المواساة والطمئنة لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والتي تُعينه على أمر الدعوة، وجاء فيها تذكير لرسول الله بالنعم التي أنعمها الله -تعالى- عليها، من شرح صدره بالنبوة والعلم، وإزاحة الهموم الثقيلة عنه، وجعل له مع كل عسر يسرين.