تفسير حديث (من خاف أدلج)
حديث (من خاف أدلج)
أخرج الإمام الترمذي في سننه بحديثٍ حسنٍ عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (من خافَ أدلَجَ، ومن أدلَجَ بلغَ المنزلَ، ألا إنَّ سلعةَ اللَّهِ غاليةٌ، ألا إنَّ سلعةَ اللَّهِ الجنَّةُ).
تفسير حديث (من خاف أدلج)
معاني مفردات الحديث
- أدلَجَ: سار بالليل.
- سلعةَ اللَّهِ: أي الفوز بجناته.
- الرَّاجفةُ: النفخة الأولى في الصور التي يموت بعدها جميع الخلائق.
- الرَّادفَةُ: النفخة الثانية في الصور التي يُبعث الناس بعدها للحساب.
المعنى العام للحديث
يحثّ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه وأمّته في الحديث النبوي السابق على الاستعداد للآخرة بالاجتهاد في فعل الطاعات واتّباع أمر الله ورسوله وتأدية الواجبات بإتقانٍ واجتناب المعاصي والمنكرات، فإن كان حال المسلم كذلك فهو أرجى بأن ينال مغفرة الله -تعالى- ورحمته، فلا ينال رحمة الله والفوز بجناته إلّا المخلص المجتهد، ولا تُنال جنة الله بالتمنّي والكسل.
وشبّه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ذلك لتقريب الفهم بمَن أراد أن يصل غايته فسار ليلًا فوصل لها، ذلك أنّ المشي ليلاً أخفى عن عيون الناس، ومن سار بالليل وضع غايته نصب عينيه فلا يفكّر بغير ذلك خلافاً للمشي في النهار.
ما يُستفاد من الحديث
دلّ الحديث على فوائد عدّةٍ، يُذكر منها:
- حرص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على نفع أصحابه وأمته ووعظهم وتذكيرهم.
- أسلوب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في تقريب الفهم بالتشبيه وضرب الأمثلة.
- اهمية الاستعداد للآخرة لنيل رحمة الله -تعالى- والفوز بجناته.
أحاديث أخرى عن الإستعداد للآخرة
وردت أحاديث عدّة تحثّ المسلم على الاستعداد للآخرة والعمل بما يُرضي الله وترك الركون للدنيا، منها:
- أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: (أخَذَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمَنْكِبِي، فَقَالَ: كُنْ في الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ أوْ عَابِرُ سَبِيلٍ. وكانَ ابنُ عُمَرَ يقولُ: إذَا أمْسَيْتَ فلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وإذَا أصْبَحْتَ فلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وخُذْ مِن صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، ومِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ).
- أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن أبي قتادة الحارث بن ربعي -رضي الله عنه-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُرَّ عليه بجِنَازَةٍ، فَقالَ: مُسْتَرِيحٌ ومُسْتَرَاحٌ منه. قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، ما المُسْتَرِيحُ والمُسْتَرَاحُ منه؟ قالَ: العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِن نَصَبِ الدُّنْيَا وأَذَاهَا إلى رَحْمَةِ اللَّهِ، والعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ منه العِبَادُ والبِلَادُ، والشَّجَرُ والدَّوَابُّ).
- ورد عن الصحابيّ الجليل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: (نامَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ علَى حصيرٍ فقامَ وقد أثَّرَ في جنبِهِ فقلنا يا رسولَ اللَّهِ لوِ اتَّخَذنا لَكَ وطاءً فقالَ ما لي وما للدُّنيا ، ما أنا في الدُّنيا إلَّا كراكبٍ استَظلَّ تحتَ شجرةٍ ثمَّ راحَ وترَكَها).