تفسير آية (وتأتون في ناديكم المنكر)
تفسير آية (وتأتون في ناديكم المنكر)
لقد أرسل الله -سبحانهُ وتعالى- الأنبياء والرسل -عليهم السلام- لدعوة الناس إلى توحيد الله -تعالى- وعدم الإشراك به، والقيام ب الأعمال الصالحة ، وترك الفواحش والمنكرات، وقليلٌ من هذهِ الأقوام من استجابوا لدعوةِ الأنبياء وكثيرٌ منهم من تمادوا في عصيان الله -سبحانهُ وتعالى- والرُسل -عليهم السلام- بل وألحقوا بهم الأذى النفسي والجسدي، ومن هؤلاء الأقوام قوم سيدنا لوط -عليه السلام- الذين كانوا يعصون الله -عز وجل- ويتباهون في ذلك، ولقد ورد في تفسير هذهِ الآية عدة أقوال، وهي كما يأتي:
- إنّ سيدنا لوط -عليه السلام- قام يدعوهم إلى ترك الفواحش والمنكرات التي كانوا يقومون بها في ناديهم وهو مكان اجتماعهم على تلك المنكرات.
- إن قوم لوط -عليه السلام- قد جمعوا ما بين الكثير من الفواحش، وهي الشذوذ الجنسي وهو فعل الفاحشة مع الذكور، وقطع السبيل، و أكل الأموال بغير حق ، والانقضاض على الأعراض والأنفس بالسوء، وأيضًا الاستخفاف بلوط -عليه السلام- والقلّة المؤمنة التي معه، وعصيانه وتكذيبهِ والإساءة إليهم.
- إن هؤلاء القوم كانوا يقومون بالفواحش والمنكرات في جميع مجالسهم، حتى اعتادوا على الأمر، فلم يكونوا يستترون أو يعصون الله سرًا، بل فعلوا ذلك جهرًا عنادًا واستكبارًا.
- إن المنكر المقصود بالآية هو السخرية بالنبي لوط -عليه السلام- والذين آمنوا معه.
العذاب الواقع بقوم لوط -عليه السلام-
لقد تمادى قوم لوط في فعل الفواحش والمنكرات حتى ضاق بهم ذرعًا، فدعا الله بأن ينصرهُ عليهم، قال -تعالى-: (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ)، فاستجاب الله لرسوله، فأرسل له ملائكةً بصورةِ شبابٍ، فأخبروه بما هم فاعلون بقومه، وأنهم سينجّونه وأهله إلا امرأته، وفي صباح اليوم التالي نزل بهم العذاب وهو خسفُ الأرض بهم.
الدروس المستفادة من قصة سيدنا لوط -عليه السلام-
قصة سيدنا -لوط عليه السلام- فيها عبر ومواعظ ودروس عديدة، منها ما يأتي:
- إن الوظيفة الموكلة للداعية هي الدعوة إلى تقوى الله ، مع الأخذ بالأساليب المناسبة لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وأن مهمة الداعية ليس لكسب شهرةٍ أو تحصيل مال، بل هو الالتزام بأوامر الله -سبحانه وتعالى المتعلقة بالدعوة.
- إن أصحاب الهمة العالية والحريصين على إخراج الناس من الظلمات إلى النور، يبذلون كل ما بوسعهم لفعل ذلك، فسيدنا لوط -عليه السلام- عرض عليهم كل شيء لئلّا يعصوا الله، فعرض عليهم أن يزوجهم بناته حتى لا يفعلوا الفاحشة.
- إن لوط -عليه السلام- على الرغم من قوة إيمانه، ويقينه بالله -تعالى-، تمنى أن تكون لهُ قوة شديدة تردع قومهُ عن الفواحش والمنكرات التي كانوا يفعلونها في السر والعلن، وذلك بقوله: (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ)، ومن هذا فلا حرج للمسلم أن يستعين بغيره لنصرة الدين ولإحقاق الحق، ولإقامة شرع الله -تعالى-.