تعلم فن الكلام
فنّ الكلام
الكلام هو القول والخِطاب الذي يحتوي على معنى معين، ويظهر على شكلِ مجموعةٍ من الأصوات المتتالية، كما يشمل الكلام عدّة ألفاظٍ يستخدمها الإنسان للتعبير عن نفسه، لذلك يمتلك الكلام أهميةً كبيرةً في الحياة، كما أن له دوراً مهماً في نجاح المجتمع، ويجب على الإنسان الاهتمام بفنّ الكلام ؛ عن طريق التحلي بحُسنِ الاستماع والاهتمام بالمُتحدث أكثر من الموضوع، وتجنّب مُقاطعة المُتكلم، والتعامل مع النّاس كما يُحبّ أن يعاملوه، والحرص على المُناقشة بدلاً من المُجادلة، وأن يكون الهدف الوصول إلى الحقيقة وليس الانتصار والتميّز على الطرف الآخر في الحديث .
نصائح لإتقان فنّ الكلام
توجد عدّة نصائح لإتقان فنّ الكلام والحديث والحوار والتواصل مع الآخرين، وفيما يأتي مجموعة منها:
- فنّ الاستماع أو الصّمت: هو أوّل فنّ من فنون الكلام، وهناك نوعان من الصّمت وهما الصّمت الإيجابيّ والصّمت السلبيّ، ويُعرَّف الصّمت الإيجابيّ بأنّه الذي يمنح صاحبه الفرصة للإنصات إلى المتكلم وهو النوع الذي يدعو المرء إلى التفكّر والحصول على الخبرات والتأمل، أمّا الصّمت السلبيّ فهو النوع الذي يدل على ضعف الثقة بالنّفس ، فيكون المرء صامتاً حتّى يتجنّب سخرية الآخرين أو خوفاً من تعرضه لهجومٍ عند قوله رأياً يُخالف الرأي الآخر، ويجب على المرء إتقان فنّ الاستماع والتدرّب عليه حتّى يكون مستمعاً جيداً، لكي يفهم ما يقوله الآخرون.
- عدم مقاطعة المتكلم: المقاطعة من العادات غير المناسبة والبعيدة عن قواعد الكلام السليم؛ فإن مقاطعة المتكلمين تُعدّ مخالفة للأدب، ويجب على المرء أن يستأذنَ المُتكلّم في حال أراد أن يبدأ الحديث، لأنها تدل على عدم اهتمام المستمع بحديث المتكلم مع رغبته بتغييره، أو مقاطعته لإخباره أنه مرّ بالتجربة نفسها، وقد تكون المقاطعة لمُعارضة المتكلم في وجهة نظره، أو موافقته عليها، أو أن تكون المقاطعة للفكاهة، ويجب على المتحدث عندما يرى أن المستمع يقاطعه وغير مهتم بحديثه أن يدرك أن الحديثَ لا يُعجبه أو أنه غير مهتم به ويجب أن يُغيّرَ الحديث تدريجياً، أو يُبدلَ أسلوب حديثه عندما يلاحظ أن المستمع قد بدأ يشعرُ بالملل، فمثلاً من الممكن أن يستخدم أسلوب السؤال بدلاً من السرد بهدف إشراك المستمع في الحديث.
- التفريق بين الجدال والنّقاش: يجب على الشخص أن يُفرقَ بينهما، فالنقاش هو عبارة عن حوار بين طرفين أو أكثر حول موضوع معين، وبصرف النظر عن التوافق أو الاختلاف في وجهات النظر يكون الهدف هو الوصول إلى الحقيقة، أمّا الجدال فهو صفة يغلب عليها الهجوم من طرف على الآخر كما أنه يتسم بالحدّة، وغالباً يكون الهدف منه أن يظهرَ وينتصرَ شخص على الآخر وبصرف النظر عن الوصول إلى الحقيقة أمّ لا.
- الذوق في الكلام مع الجميع ومن هم في دائرة العَشم: دائرة العشم هي الدائرة التي يضع المرء فيها الأشخاص المقربين والذين يتعامل معهم باستمرار فيرفع عنهم المجاملة، والتكلّف، والذوق، والتشجيع، وقد يصل الأمر إلى قلّة احترامهم في الكلام وغيره من باب العشرة والعشم، والجدير بالذكر أنه مع مرور الوقت يصبح الأمر مرتبطاً بقلّة الذوق أكثر منه بالعشم والعشرة، كما يجب على الشخص تذكّر أن ما يقوله أو يفعله في دائرة العَشم هو الذي يدل على شخصيته الحقيقيّة.
- تقليل الكلام: فيجب على المرء أن يراعي الوقت، ولا يُطل في كلامه ولا يستأثر بالكلام وحده حتّى لا يمل المُستمع منه.
- اختيار الظرف المناسب للكلام: هو الحرص على اختيار الوقت والمكان المناسب للحديث، فيجب على الإنسان أن يختارَ الشخص المناسب للكلام معه، فالتكلّم مع الصديق يختلف عن التكلّم مع مدير العمل، والتكلّم في مكان عام يختلف عن التكلّم في منزل صديق.
- مراعاة اختلاف الآراء: فإنّ آراء النّاس تختلف تماماً كما تختلف أشكالهم، وأطوالهم، وأمزجتهم، والجدير بالذكر أن اختلاف الآراء ينبغي ألّا يؤدي إلى تنافر القلوب، ويكون ذلك بعدم توقّع المُتكلم أن يحصل على موافقة النّاس الدائمة على آرائه، فقد يكون مُخطئاً وعليه ألّا يغضب أو ينفعل أو يخيب أمله بسبب ذلك.
- مراقبة النّفس: وذلك بحرص الإنسان على مراقبة نفسه عندما يتحدث مع أشخاص آخرين ويحاورهم، فيجب عليه عدم رفع صوته، وألّا يقطب حاجبيه، بل من المهم أن يرسمَ تعابير الراحة والهدوء على وجهه أثناء الحوار والنّقاش .
- الاستعانة بالأمثلة: هو استخدام المُتكلّم للأمثلة أثناء الحديث، وإن مثالاً واحداً يوضّح الفكرة المقصودة من الكلام قد يفي بالغرض أكثر من استخدام الكلام الضعيف الذي لا فائدة منه، كما أن الأمثلة من شأنها أن تبقى في الذهن وتقنع المستمع أكثر.
- التكلّم على قدر عقول النّاس: فالموضوع الذي يفهمه شخص ما قد لا يفهمه شخص آخر، والموضوع الذي يُعجب شخص قد لا يعجب شخصاً آخر، ويجب على المرء ألّا يتحدث بمستوى أعلى أو أدنى من مستوى المستمع لأنه بذلك لن يصغي إليه.
- المناقشة عن علم: هي عدم مشاركة الشخص في مناقشة موضوع لا يعرفه، كما يجب ألّا يُدافع عن فكرة ما لم يكن مقتنعاً أتم الاقتناع بها، وعليه أن يكون على ثقة من معلوماته عن موضوع الحديث؛ حتّى لا يُسيء إلى نفسه أو الفكرة التي يدافع عنها.
- البحث عن النقاط المشتركة: هو اهتمام المُتكلّم بالبحث عن الأمور المشتركة بينه وبين المستمع؛ حتّى يشعر المستمع أن الفكرة التي يتكلم بها المُتكلّم هي فكرته أيضاً.
- البلاغة: هي التميّز بإتقان اللغة، وضبط الحديث، والتعبير السليم؛ من خلال استخدام أسلوب سلس ليسهل فهم الحديث.
- تجنّب الخجل من عدم المعرفة: هو عدم الخجل في حال عدم معرفة أمر ما.
- الأمانة في عرض المعلومات: هو ربط المُتكلّم بين المعلومات أو العبارات التي يقولها مع مصدرها الأصليّ.
- السيطرة على النّفس: هو الحذر من فقدان السيطرة على النّفس، فهناك أشخاص لا يهتمّون بالبحث عن الحقيقة، وإنما يرغبون بالجدال ويهدفون إلى إحراج الطّرف المقابل فقط.
- الإنصاف والثناء: هو حرص المستمع على التعبير عن إعجابه بالحديث الصادر عن المُتكلم، وإن أراد الجدال عليه أن يُجادلَ بالتي هي أحسن وأن يبتعد عن تحدي المُتكلم.
- التمييز بين الفكرة وقائلها: فيجب على المُستمع ألّا يسيء إلى صاحب الفكرة إن أراد أن يثبت بطلانها.
- الالتزام بالهدف من الحديث: هو الحرص على العودة إلى مسار الكلام بسرعة في حال ظهور أي انحراف عن مساره.
- مراعاة أن لكل مقام مقالاً: فمثلاً هناك أمور لا يمكن التحدث بها أمام الرجال، كما أن هناك أموراً لا يمكن التحدث بها أمام النساء، وهناك أحاديث للجلسات الخاصة وأحاديث للجلسات العامة وهكذا.
- التوقف عن المناقشة: بإيقاف النّقاش في حال وجد المرء أنه لا فائدة منه.
إتيكيت الكلام
يعتمد إتقان الشخص لإتيكيت الكلام والتواصل مع الآخرين على مُراعاة أمور معينة، فقبل الحديث عليه أن يتذكرَ أن خير الكلام ما قلّ ودلّ، وعليه إدراك أن طريقةَ كلامه تُعبّر عن مدى ثقافته كما تعبّر عن شخصيته، وإذا أراد أن يكونَ شخصاً مهماً فعليه أن يكون مهتماً أيضاً، وعندما يريد حضور ندوة أو دعوة معينة فعليه أن يُجهز نفسه جيّداً، وأن يلمَّ بالموضوع والأمور اللازمة للدعوة قبل الحضور، أمّا أثناء الكلام فهناك بعض من الأمور التي يجب على الشخص أن يراعيها، وهي:
- الحرص على الاستماع أكثر من الكلام.
- اختيار موضوع ملائم للمستمع.
- تجنّب رفع الكلفة بين المتحدث والمستمع.
- الحديث بصوت معتدل ومفهوم.
- السيطرة على الحركات.
- النظر إلى المستمع في حال كان شخصاً واحداً، وتوزيع النظر بين الجالسين إن كانوا مجموعة.
- تجنّب تكذيب المتحدث حتّى إن كان كاذباً فعلاً.