تعريف كتاب كليلة ودمنة
كتاب كليلة ودمنة
نبذة عن الكتاب
يعد كتاب كليلة ودمنة واحدًا من أشهر الكتب المؤلّفة على الإطلاق ؛ بسبب طريقة السرد المسلية والعبر العديدة التي يحتويها، ويُعد من الأعمال الكلاسيكية التابعة للأدب الشرقي، وهو كتاب أخلاقي سياسي لا تزال أفكاره صالحة حتى يومنا هذا بفضل الحكمة التي يقدمها، وقد قام بيدبا الكاهن البراهمي الهندي من طائفة فيشنو الدينية بتأليفه، باللغة السنسكريتية في القرن الرابع الميلادي في كشمير، وكانت كليلة ودمنة تسمى في السنسكريتية بانشاتانترا أو الخطابات أو الفصول الخمسة، أمّا اسم الكتاب (كليلة ودمنة) فهو على اسم ابنتي آوى، الشخصيتان الرئيسيتان في الكتاب.
وصف الكتاب
تضم كليلة ودمنة مجموعة من الخرافات والقصص والحكايا الأخلاقية التي تدور حول الطيور والحيوانات ، وتروي القصة أنّ طبيبًا يُدعى برزوية قام بناءً على طلب ملك بلاد فارس بالحصول على نباتات لن يجلب عصيرها الصحة للمرضى فقط بل أيضاً يجلب لهم الخلود، وفي نهاية القصة يكتشف الطبيب أنّ مثل هذه النباتات ما هي إلا رمز للحكمة التي تساعد الإنسان على تحقيق الحياة الأبدية، وعندما أخبر برزوية الملك باكتشافه، أمر الملك بجمع جميع كتب الحكمة من كل المواطنين والرحالة، ويقال أن كتاب كليلة ودمنة كان من ضمن كتب الحكمة هذه، وفي رواية أخرى فقد أُرسل الطبيب برزوية من قبل الشاه الفارسي إلى الهند للعثور على عشب يُعطي آكله الحياة الأبدية، لكنّ الطبيب عاد بنسخة من رواية الفصول الخمسة (Panchatantra) أو كليلة ودمنة، وقد أخبر الشاه أنّ هذا الكتاب كالعشبة المعجزة، فهو يُقدّم للقارئ حكمًا عظيمة.
يُعرف كليلة ودمنة في أوروبا منذ 1481م باسم (The Fables of Bidpai)، وقد عبر مختلف الثقافات القديمة بأكثر من طريقة؛ شفوياً وكتابةً، وتُعرض فيه قصص الحيوانات كطبقات متعددة ومتشابكة، إذ إنّ القصة الواحدة تؤدي إلى قصةٍ أخرى، وأحيانًا إلى ثلاث قصص أو أربع.
سبب كتابته
يرجع سبب كتابة كليلة ودمنة إلى ثلاثة أمراء شُبّان كان والدهم ومعلّموهم قد أُصيبوا باليأس نتيجة عدم إتقانهم للأساسيات التي تؤهلهم للحكم لاحقًا؛ ما دفع الملك تكليف وزيره الحكيم للاهتمام بهم، وتزويدهم بالمعرفة والدروس؛ حينها، بدأ الوزير بكتابة الحكم على شكل قصص على لسان الحيوانات بشكلٍ ميسّر وسهل الفهم، وممتع ومشوق في آنِ واحد، وبعد مرور ستة أشهر، كان الأُمراء في طريقهم للحكمة التي تؤهّلهم فعلًا لتولّي الحكم.
انتشار كتاب كليلة ودمنة
نقل الكتاب
يعد كتاب كليلة ودمنة من أكثر الكتب انتشارًا وتأثيرًا في تاريخ البشرية، وقد تجاوزت كليلة ودمنة اللغات والثقافات والأديان، وانتقل الكتاب من الهند عبر الشرق الأوسط إلى قارة أوروبا وخارجها، وتم نقل كليلة ودمنة من السنسكريتية عبر الفارسية الوسطى والعربية إلى اللغات السريانية واليونانية والعبرية واللاتينية وغالبية اللغات العامية الأوروبية وكذلك لغات الشرق الأدنى وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا، وقد تغير سياق الكتاب الاجتماعي والديني من الهندوسية إلى الزرادشتية (الفارسية) إلى الإسلام ومن ثم المسيحية، ويعد كليلة ودمنة من أوائل الكتب العربية التي عكست نظرية المعرفة الخاصة بها، كما أنّها أول رواية لقصص خيالية دنيوية لا يوجد لها ارتباطات روحانية.
أبرز الترجمات
كُتب كليلة ودمنة أساسًا باللغة السنسكريتية، وقد تمت إعادة ترجمته وصياغته على مر العصور، فقد تُرجم إلى الفارسية، والمغولية، والماليزية، والإثيوبية، والعبرية، واليونانية، واللاتينية، والإسبانية، والإيطالية، والفرنسية والألمانية والعديد من اللغات، وقد تُرجم الكتاب من قبل الشاه الفارسي إلى لغة بهلوي، والتي تعد لغةً فارسية قديمة، وبعد ثلاثمائة عام، قام ابن المقفع بترجمتها إلى العربية، وبسبب ضياع النسخ القديمة من الكتاب فقد تم اعتمدت ترجمة ابن المقفع المذكورة كمرجع أساسي لباقي الترجمات والتحليلات الأدبية، وتعد التيمورية من أفضل الترجمات وأبرز التنقيحات، وبعد ترجمة ابن المقفع النسخة البهلوية إلى العربية؛ فقد انتشر هذا العمل بشكل كبير، وقد تمت ترجمة العمل إلى التركية وذلك في القرن الرابع عشر، وتم تقديم كليلة ودمنة إلى السلطان العثماني سليمان القانوني وعبد الحميد الثاني بعنوان حميان نعمة.
التعديلات وإعادة تشكيل القصص
مرت كليلة ودمنة بالعديد من التغيرات والتعديلات، وذلك بسبب ترجمتها إلى العديد من اللغات، كما قام المترجمون ببعض الإضافات بما يتناسب مع ثقافة كل دولة وما يخصها، وقد تم مراجعة القصة بشكل كبير في القرن السابع، عندما ترجمها ابن المقفع من الفارسية (البهلوية) إلى العربية، وتم اعتماد الترجمة العربية كترجمة أساسية، وبناءً على الأخطاء في النسخ المتكررة من ترجمة إلى أخرى فقد تم إعادة الترجمة العبرية من النسخة العربية ( ترجمة ابن المقفع لكتاب كليلة ودمنة ) مرة أخرى.
الهدف من الكتاب
يوجد عدة أهداف لكليلة ودمنة من وجهة نظر ابن المقفع، وأبرزها:
- إشراك الشباب بالحِكَم والعِبر من خلال الحكايا الحيوانية.
- إشراك الفلاسفة أيضًا بالحِكَم التي تحتويها حكايا الكتاب.
- إسعاد الأمراء؛ وذلك باعتماد الكثير من الرسوم الإيضاحية أثناء سرد الحكايا.
- تشويق عامة الناس في الحصول على النسخ الخاصة بهم من الكتاب؛ لما يتضمنه من معلومات وأفكار تهم الرسّامين والكُتّاب وغيرهم.
المواضيع التي يعالجها الكتاب
فيما يأتي أبرز المواضيع التي يعالجها كليلة ودمنة:
- السياسة: وُصف كتاب كليلة ودمنة بالكتاب الأخلاقي والسياسي، إذ إنّه يناقش الطريقة التي يجب أن يتصرف بها الحكام والوزراء وغيرهم، ويصف مؤهلات المدير التنفيذي المثالي (الحكام والوزراء)، والعلاقة بينهم، وكذلك العلاقة بينهم وبين الحكومة والدولة ككل، كما يتناول المسافة والقرب من مصدر السلطة، والمبادئ الأساسية التي تؤدي إلى استمرارية السلطة.
- الأخلاق: يتناول الكتاب أيضًا مفاهيم الجشع، والأنانية، والعدالة، والشجاعة، والإخلاص والرحمة، وغيرها من الأخلاق اللازمة لاستمرار الحياة اليومية بشكلٍ سليم.
- الحِكَم: يحتوي كليلة ودمنة على معلومات حكيمة تدعو الحاكم إلى التصرف بذكاء عند اختيار الوزراء مثلًا؛ إذ يجب أن يتصفوا بالعقلانية ويُساهموا في الحفاظ على المصالح العامة فوق المصالح الشخصية.
دلالات ورموز كتاب كليلة ودمنة
الرموز المستخدمة في الكتاب
يحتوي الكتاب على العديد من الرموز، إذ يرمز كل حيوان إلى نوع واحد من البشر، فيرمز إلى الحاكم بالأسد، ويرمز إلى الوزير ب ابن آوى، و كليلة ودمنة كلاهما ابن آوى ؛ كليلة هو رمز الصدق، بينما دمنة هو رمز الكذب، والحمار هو صفاء الذهن، ويرمز طائر الرفراف إلى المكر والخيانة، والضفدع إلى الأشخاص المشاكسين المتهورين، كما ويمثل الغراب والفأر الأشخاص الخجولين، وإنّ هذه الخرافات تعكس الحياة الواقعية لأنها تقوم بعكس شخصيات مختلفة من الحياة البشرية.
لماذا استخدمت الرموز وما هي دلالاتها؟
في هذا الكتاب المعروف باسم حكايات بيدبا، كان بيدبا يقوم بنقل أخلاقه وإدراج الحكمة في الحكايات التي تكون الحيوانات الشخصيات الرئيسية فيها، ولأنّ الحيونات هي أبطال هذه الحكايات تمكّن المؤلف من توجيه الانتقادات والاقتراحات التي لا يمكن طرحها بشكل علني على الحكام ورجال الحاشية والمجتمع ككل، وأثناء البحث عن حلول لمشاكل الناس والمجتمع، يقترح هذا الكتاب حلولاً بديلة لطرح قضايا الفساد والرشوة والتدمير من خلال حكايات وروايات وقصص يكون أبطالها الحيوانات.
الخلاصة
ألف الفيسلوف الهندي بيدبا كتاب كليلة ودمنة ، والذي يتضمن مجموعة من الحكايات والقصص التي تلعب الحيوانات دور البطولة فيها، ويحتوي الكتاب الكثير من الحكم، والعبر، والأخلاق والسياسة وشؤون الحكم، وقد تم ترجمة الكتاب إلى العديد من اللغات لينتشر على نطاق واسع في كافّة أنحاء العالم، أمّا النسخة العربية المعتمدة فهي نسخة ابن المقفع الذي قام بترجمتها عن النسخة البهلوية.