تعريف سورة الملك
آيات سورة الملك ونزولها
سورة الملك من السورة المكية، وقد نزلت بعد سورة الطور، وعدد آياتها ثلاثون آية، وسيأتي بيان أسمائها وسبب نزولها، وموضوعاتها، أما بالنسبة لعدد حروفها فهي ألف وثلاثمئة حرف، وثلاثمئة وثلاثون كلمة.
مسميات سورة الملك وسبب تسميتها
سُمّيت سورة الملك بهذا الاسم؛ لأنها تشتمل على العديد من الموضوعات التي تُبيّن آثار الملك ومنها: قدرة الله -تعالى- على الإحياء، والإماتة، والغفران، والغلبة، وتزيين البلاد، والعدل بين الرعية، واختبار أعمال الناس، ونصر من يوالي الله، وقهر من يعاديه، وغير ذلك من الموضوعات، وقد سُمّيت أيضاً بسورة تبارك.
وقد حظيت سورة تبارك على النصيب الأكبر من اسمها، لأنها تعرض بركات الله في هذه الدنيا، وتُظهر أنَّه المبدع، المدبّر، الحكيم، الرزّاق، المهيمن، الخالق الذي أحسن كل شيء خلقه، وتحثّ الإنسان على التفكّر في هذا الملكوت العظيم وخلق الله -تعالى- للأرض، والسماء، والإنسان، والهواء والماء، والنبات، والفضاء، والسمع والبصر ليصل الإنسان بنفسه من خلال بحثه واستنباطه إلى قدرة الله -تعالى- وعظيم فضله على جميع المخلوقات.
وقد سُمّيت بأسماء أخرى أيضاً، فقد سماها أبو شهاب بالمجادلة؛ لأنها تجادل عن صاحبها في القبر، وسُمّيت بالمانعة؛ لأنها تقي وتمنع صاحبها من عذاب القبر أيضاً، وأُطلق عليها اسم الواقية والمنجية أيضاً. وإجمالاً فقد ذُكر لسورة الملك ثمانية أسماء وهي:
- تبارك؛ فقد أطلق عليها الرسول -صلى الله عليه وسلم- اسم (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ).
- الملك؛ بسبب افتتاحيتها.
- الدافعة؛ لأنها تدفع بلاء الدنيا والآخرة عن صاحبها.
- المُنجّية؛ لأنها تنجي قارئها من العذاب.
- المانعة؛ لأنها تحمي صاحبها وتمنعه من عذاب القبر.
- الشافعة؛ لأنها تشفع يوم القيامة لقارئها.
- المجادلة؛ لأنها تجادل منكر ونكير كي لا يؤذيا قارئها.
- المُخلِّصة؛ لأنها تُخلِّص صاحبها من زبانية جهنّم.
موضوعات سورة الملك
تناولت سورة الملك موضوعات عديدة منها:
- خلق الله -تعالى للإنسان، والحيوان، والنبات، والماء، والهواء، والفضاء، والسماء والأرض، وتوزيع الأرزاق فيها.
- حثّت الإنسان على التفكر في عظيم هذه النعم.
- استحقاق الله -تعالى- للملك الذي هو موضوع السورة الرئيسي.
- مسألة الإحياء والإماتة.
- تزيين الله -تعالى- للسماء بالنجوم والكواكب، وحفظه للطيور من السقوط بقدرته.
- عقوبة المنكرين، وجزاء المتقين، وفرقت بين حال أهل الضلالة وأهل الهداية.
- تهديد الله -تعالى للمشركين بزوال النعمة.
- الدعوة إلى الإيمان بالله -تعالى- بمختلف الطرق؛ كالترهيب والترغيب والدعوة بالدليل.
وقد ابتُدِئت السورة بتعريف المؤمنين معاني عظمة الله -تعالى- وتفرّده بالملك، والتفكّر في صنعه المتقن، وانفراده بخلق العوالم العليا، وتحذير الناس من كيد الشياطين، وحثّهم على اتّباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن في ذلك نجاتهم، وفي تكذيبه الخسران لهم، وكل من يحاول إيذائه بالسر أو العلن فهو مكشوف أمام الله -تعالى-، وتحدّثت عن خلق الأرض، ودقة نظامها، وملاءمتها لحياة البشر، وأنَّ فيها سعيهم ومنها رزقهم.
ذكرت أن الله قادر على إفساد ذلك النظام فيصبح الناس في كرب وعناء ليتذكروا قيمة النعم بتصور زوالها، وذكر الله حال الضلالة التي وقع فيها المشركون، ووبّخهم على كفرهم، واستخفافهم بوعيده -سبحانه وتعالى-، والتشكيك بوقوعه، واستعجالهم موت الرسول للاستراحة من دعوته إياهم، ووعدهم الله أنهم سيعلمون ضلالتهم حين لا ينفعهم ذلك العلم يوم القيامة، وما سيحل بهم من قحط وغيره، وقد لقّن الله -تعالى- نبيّه الكريم أقوى الحجج ليقف بها أمام المبطلين الكافرين.
مناسبة سورة الملك لما قبلها
ناسبت سورة الملك ما قبلها -سورة التحريم- من حيث أنّها ابتُدئت بإحاطة علم الله -تعالى- لكل ما قضاه وتصرّفه في ملكه، وجاء ذلك بعد الحديث في السورة التي قبلها عن الامرأتين اللّتين كانتا تحت عبدين صالحين، ومع ذلك قُدِّر لهما الشقاء، وبالمقابل المرأتين الصالحتين اللتين كانتا تحت عبدين كافرين، ولكن كُتب لهما السعادة، وهما آسية ومريم.
وقد ناسبت السورة ما بعدها -سورة القلم- من جهتين:
- إن الله -تعالى- ذكر في آخر سورة الملك تهديد المشركين بتغوير الأرض من تحتهم، وذكر في السورة التي بعدها قصة الطائف الذي أتى على ثمر بستان فأهلكه وأهلك أهله وهم نائمون، وهذا كالدليل على القدرة على تغوير الأرض.
- إن الله -تعالى- ذكر أحوال السعداء والأشقياء، وبين في سورة الملك قدرته الباهرة وعلمه الواسع أنَّه يستطيع أن يخسف بهم الأرض، أو يرسل عليهم حاصباً، وذكر اتّهام المشركين للنبيّ بالسحر والجنون والسّحر، وقد برّأ الله رسوله في سورة القلم من كل ما نُسب إليه من السحر، والجنون، والشعر، وأعظم أجره على صبره.
أسباب نزول سورة الملك
جاء في آيات معيّنة في سورة الملك أسباباً للنزول، نذكر منها:
- قال -تعالى-: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّـهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ)، حيث قيل إنّها نزلت عندما كان هناك مجموعة من كفّار مكة يدعون على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعلى المؤمنين بالهلاك.
- قال -تعالى-: (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ)، قال ابن عباس إنَّها نزلت في المشركين الذين كانوا ينالون من الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويخفضون أصواتهم حتى لا يسمعهم إله محمد، فنزلت هذه الآيات.
ملخص المقال: إن سورة الملك من السور المكية التي تحثّ العبد على التفكّر والتدبر، وسمّيت بالمنجية والواقية وغيرها من الأسماء؛ لأنها تُنجي صاحبها من عذاب القبر، وقد تحدّثت السورة عن عظيم ملك الله وقدرته، وإبداعه في الخلق، وحثّت الناس على التفكّر في خلق الله، ودعت إلى الإيمان بالخالق -سبحانه-.